منذ أن وسعت جماعة بوكو حرام
الإرهابية أعمالها داخل نيجيريا والدول المحيطة بها مثل "تشاد والكاميرون وغيرهما"،
لجأت إلى خطف وأسر النساء، فقد اختطفت الجماعة في العام ٢٠٠٩ خمسمائة على الأقل بين
فتيات ونساء في الشمال الشرقي لنيجيريا، كما قامت في العام ٢٠١٤ باختطاف ست وسبعين
فتاة في مدينة شيبوك، لتشهد السنوات الأخيرة انتقال "بوكو حرام" من إستخدام الفتيات
الصغيرات كناقلات السلاح والمؤن والنقود إلى إستخدامهن في تفجير انفسهن وسط الجموع
الشعبية، وهو ما شكل ظاهرة جديدة لما بات يعرف بالإرهاب الأنثوي من طرف الجماعة.
هذه الظاهرة المتزايدة باستخدام الفتيات المراهقات في التفجيرات الإنتحارية طرح
مجموعة من الأسئلة المتشابكة فيما بينها، فلماذا يتم استخدامهن؟ وكيف يتم
استقطابهن؟ وهل ينفذن الهجمات بمحض إرادتهن أم يتم إجبارهن على ذلك؟
لم يأت محفز الجماعة التكفيرية "بوكو حرام" لإستخدام النساء كوسيلة للتفجير في
الجموع البشرية من دون سبب، فالجماعة تأخذ بعين الإعتبار مجموعة من الأسباب نذكرها
كالتالي:
١ - استبعاد رجال الامن إحتمالية النساء في إستخدام العمليات الإرهابية، فالنساء
والفتيات لا يثيرن الريبة والشك بل بإمكانهن الدخول بسهولة إلى أماكن متعددة من دون
لفت الإنتباه.
٢ - أخبار عمليات ارهابية تنفذها الفتيات أمر مثير في الغالب ويستقطب تغطية اكبر
وذلك بسبب عنصر المفاجأة والصدمة اللذين يحدثهما تفجير إرهابي مؤنث، وبالتالي سيجعل
ذلك من الجماعة أكثر شيء يخافه المرء.
٣ - كون الصعوبة الأكثر في تفتيش المرأة عنها من الرجل.
وفي الحديث عن الآلية التي يتم فيها تجنيد البنات يتضح أنها طرق تأخذ طابع الإجبار،
فهناك العديد من القنوات التي يمكن أن تؤدي إلى تجنيد تلك العناصر الأنثوية نذكر
بعضاً منها كالتالي:
١ - الطريقة الأولى التي تلجأ إليها الجماعة هي الإستفادة من الفتيات المخطوفات إن
كان بإجبارهن على العمل أو بخداعهن.
٢ - نساء وأرامل كُنَّ زوجات لمقاتلي بوكو حرام تم خداعهن وغسل أدمغتهن للمشاركة
معهن في الأعمال الإرهابية وبالتالي تنفيذ عمليات تفجيرية إرهابية.
٣ - إستخدام الصغيرات اليتيمات واللواتي قتلت الجماعة آباءهن في هجماتها المتكررة
على المجتمعات في شمال نيجيريا، أو ربما صغيرات خطفتهن الجماعة خلال اعتداءاتها على
المجتمعات داخل وخارج نيجيريا.
٤ - الحصول على تلك الفتيات عبر جماعات غير شرعية متورطة في تجارة البشر من دون أن
تعلم تلك الجماعات لأي غرض يتم شراء أولئك الصغيرات أو بعلمهن.
٥ - نساء تم استقطابهن من قبل جواسيس الجماعة وخاصة عبر كشافاتها المؤنثات، فعلى
سبيل المثال اعتقلت دوريات عسكرية ثلاث نساء (حفصة عثمان باكو، زينب إدريس، وعائشة
أبو بكر) ويشتبه في أنهن عناصر تابعة لحركة بوكو حرام ويقمن بشكل سري باكتتاب
الفتيات لصالح الجماعة الإرهابية. وعلى أغلب الظن، يتم إرسال تلك الفتيات إلى
معسكرات بوكو حرام أو يتم تسليمهن إلى مدربين.
٦ - فتيات من المخطوفات لا يدركن طبيعة الأجسام التي يحملنها (متفجرات) ويتم
توجيهها بالذهاب إلى المحلة الفلانية أو السوق الشعبي تحت عنوان وهمي ومن ثم يتم
تفجيرها عن بعد.
وقد سردت الفتاة حفصة ذات الثلاثة عشر ربيعا، والتي اعتقلت في ديسمبر/ كانون الأول
٢٠١٤ في ولاية كانو، كيف جندها والدها الحقيقي وأرسلها إلى أحد معسكرات بوكو حرام
المتجذرة في غابات بوتشي. وقد أعلنت الفتاة أن الجماعة كانت تحاول غسل أدمغة
الفتيات أو ترويعهن للقيام بالمهمات، وأضافت: "لم يتم نقلي من طرف الواعظ الذي يعد
الفتيات بالحصول على المكافآت في الجنة، بل كان عند هذه النقطة حين لجأ قائدهم إلى
الإخافة والترويع للحصول على موافقتي. ثم هددونا بحفرة عميقة حيث هددنا أحدهم
بدفننا أحياء مباشرة إن نحن رفضنا الطاعة. وفي وقت آخر، التقط القائد بندقية وهدد
بإطلاق النار على كل من تعصى أوامره.
من المؤكد أن جماعة "بوكو حرام" التكفيرية كما سائر الجماعات التكفيرية الأخرى
المتواجدة في كل من سوريا والعراق وليبيا وغيرها هي جماعات لا يحكمها المبدأ
والضمير، بل جماعات تحكمها الزعامات التي تديرها والتي صار معروفا وواضحا إتصالهم
وإرتباطهم بقنوات إتصال غربية ذات مطامع تدميرية إستغلالية تريد نهب خيرات الشعوب
وسلب إرادتها.
العالم
Navigate through the articles | |
الخرطوم وجوبا.. صراع لا ينتهي | ماهو مصدر تسلح الارهابيين في تونس ومن المسؤول عنه؟ |
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع
|