في الوقت الذي تشهد فيه دولة جنوب السودان
حربًا أهلية، واقتتالًا داخليًا بين الجيش النظامي والحركات المسلحة منذ أكثر من
عامين، تلوح في الأفق معلومات جديدة بأن الكيان الصهيوني هو من يُغذي هذه الحرب
بأسلحته، فبينما تعيش الدولة وضعًا مأساويًا جراء الاشتباكات المسلحة في كل
المناطق، يرى الاحتلال أنه لابد أن يكون له موضع قدم في أحدث بلد إفريقية بعد
استقلالها عن السودان، لاسيما وأن القارة السمراء أصبحت مدخل لفرض النفوذ السياسي
والاقتصادي على الساحة العالمية.
سعى الاحتلال الإسرائيلي كثيرًا من أجل ترسيخ أقدامه في القارة، كانت وجهته الأهم
في أفريقيا «جنوب السودان»، حتى أنها في اليوم الثاني من رفع العلم الجنوبي يونيو
2011 اعترف الكيان الصهيوني بهذه الدولة، وعلى الرغم من الحظر الدولي المفروض على
بيع الأسلحة لجنوب السودان بسبب الحرب الدائرة هناك، إلا أن الكيان زوده بالأسلحة،
وسمّى له سفيرًا فيها، واعتمد سفير للجنوب في تل أبيب، ويقوم ببناء قرية زراعية
تعتمد على التكنولوجيا (الإسرائيلية)، لذلك كان على رئيس دولة جنوب السودان “سلفا
كير” أن يعبر في زيارته للكيان الصهيوني عن امتنانه الكبير قائلًا: “لولا دولة أرض
الميعاد ما قامت لنا قائمة”.
تتعمد وزارة الدفاع الإسرائيلية التهرب من توضيح علاقاتها الأمنية مع جنوب السودان
وخصوصا في ما يتعلق ببيع أسلحة لهذه الدولة التي تدور فيها حرب أهلية، إلا أن
مؤسسات دولية ومنظمات لحقوق الإنسان اتهمت “تل ابيب” بتزويد جنوب السودان بالأسلحة،
وأشار عدد من التقارير إلى أن السفن الإسرائيلية تزود جيش جنوب السودان بمعدات
عسكرية وذخيرة وأسلحة، بلا أي رقابة أو محاسبة على طريقة استخدمها.
في إطار خضوع وزارة الحرب الصهيونية لاستجواب في الكنيست بعد أن وجّه أحد أعضائه
سؤالا للحكومة جاء فيه أن هذه الأسلحة تستخدم من قبل جيش جنوب السودان لارتكاب
جرائم ضد الإنسانية، رفضت الوزارة تقديم رد صريح على الاستجواب، وبعد مماطلة، قدمت
وزارة الحرب ردا تشوبه الضبابية، وبامتناع واضح عن الجواب الصريح، وجاء في الرد،
“أن تصدير الأسلحة يجري من خلال التنسيق مع وزارة الخارجية الإسرائيلية، وتابعت
الوزارة في ردها مدعية، أن وجود حرب أهلية في أي دولة ما، من شأنه أن يؤخذ
بالحسبان.
من جانبه، قال مسئول رفيع في وزارة الحرب الصهيونية، إن “سياسة تصدير الوزارة لجميع
الدول تخضع لفحص دوري وفق المصالح التي تراها الوزارة والمصالح السياسية
الإسرائيلية”، إلا إنه لم يذكر جنوب السودان في جوابه، ولم يؤكد أو ينفي ما ورد في
السؤال، الأمر الذي يعتبر تأكيداً من باب عدم التعليق الفعلي.
وفي المقابل، كشفت صحيفة “هآرتس”، عن أن وفدا رسميا من جنوب السودان، برئاسة وزير
المواصلات، كان قد زار في الشهر الماضي، معرض الأسلحة الإسرائيلي في تل أبيب، كما
زار وفد آخر قبل نصف سنة، معرض أسلحة آخر، مخصص للدفاعات المدنية، وأقيم بمبادرة
وزارة “الأمن الداخلي” الإسرائيلية.
كما أشارت الصحيفة، إلى تقرير وزارة الحرب الذي صدر قبل أقل من شهرين، وبيّن أن
الصادرات العسكرية إلى أفريقيا سجلت في العام الماضي 2014، ارتفاعا حادا بنسبة 40
%، وبلغ حجمها 318 مليون دولار، ووقعت شركات الصناعات الحربية على عقود وصفقات تسلح
مع دول أفريقية، بقيمة اجمالية تصل إلى 318 مليون دولار، مقابل 223 مليون دولار في
العام 2013 التي اعتبرت في جهاز الأمن سنة رقم قياسي في الصادرات العسكرية إلى دول
القارة، ففي السنوات الست الأخيرة كانت ترتفع العقود تباعا، من 71 مليون دولار في
العام 2009، إلى 77 مليون في 2010، إلى 127 مليون في 2011، إلى 107 مليون في 2012،
إلى 223 مليون دولار في العام 2013.
البديل
Navigate through the articles | |
من الخرطوم إلى جوبا | «قانون مكافحة الإرهاب» يعصف بالحريات |
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع
|