المقالات و التقارير > من الخرطوم إلى جوبا

من الخرطوم إلى جوبا

ما زالت العديد من البلدان الإفريقية تعاني من ويلات القمع والحروب وتضييق الخناق على حرية الإعلام والصحافة عبر الاعتقال ومصادرة الصحف وإغلاق قنوات التليفزيون المعارضة، وتزايدت هذه الأحداث وتكررت بشكل لافت خلال الأيام الماضية في السودان، وانتقلت بعد ذلك إلى دولة الجنوب الوليدة.

وفي هذا السياق، قال موقع أفريكا أرينجمنتس، إن نشطاء المجتمع المدني في الخرطوم عانوا على يد السلطات السودانية على مدى عقود، ولكن كان هناك أمل للناشطين في جنوب السودان بعد انفصال البلاد عن الشمال في 9 يوليو 2011، أن يمارسوا الحرية خاصة بعد نقل معظم النشطاء والصحفيين الرائدين إلى جوبا، وكان أملهم أن يبدأوا من جديد ويساهموا في تطوير دولتهم الجديدة بفخر، لكن اليوم وبعد مرور 4 سنوات تقريبا على انفصال دولة الجنوب عن الخرطوم، انهارت جنوب السودان وأصبحت منطقة حرب، وأصبح المجتمع المدني في موقف دفاعي مرة أخرى.

ويوضح الموقع أن السلطات السودانية الجنوبية باتت صفحة من كتاب الخرطوم فيما يخص استهداف النشطاء والصحفيين، مثل إخوانهم في الشمال، حيث طردت السلطات الأمنية في جنوب السودان عمال الإغاثة الأجانب، وأوقفت دور منظمات المجتمع المدني.

وأشار موقع أرينجمنتس إلى أنه قبل 6 أشهر، طردت السلطات السودانية اثنين من كبار مسؤولي الأمم المتحدة العاملين في الشمال، وهما علي العبد زعتري، أحد مقيمي الأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية، وايفون هيلي، رئيس برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، مضيفا أنه في مشهد متكرر لكن بدولة الجنوب الوليدة حديثا طردت سلطات جنوب السودان في وقت سابق من هذا الشهر، المسؤول الإنساني في جوبا توبي لانزر، الذي كان يشغل منصب نائب الممثل الخاص في بعثة الأمم المتحدة بجنوب السودان، وأرجعت السلطات في جوبا سبب الطرد إلى فشل المسؤول الأممي في حل النزاع الذي تشهده جنوب السودان منذ عدة سنوات.

أما الدرس الثاني الذي يجب تعلمه في القمع، بحسب رواية أرينجمنتس، فيتمثل في استهداف المعارضة وقيادتها سواء في الخرطوم أو جوبا، إذ قامت السلطات السودانية بإغلاق منظمات المجتمع المدني واعتقال النشطاء، وتتبع دائما سياسات إسكات المعارضة، وخلال شهر سبتمبر من العام الماضي تمت مداهمة وإغلاق المركز الإقليمي لتنمية المجتمع المدني، وهو منظمة غير حكومية تعمل لبناء المشاركة السياسية، وتمت مصادرة معدات وأجهزة المنظمة، وخلال العامين الماضيين، تعرضت عدد من المنظمات الأخرى لعمليات مداهمة وتفتيش مماثلة لينتهي الأمر بإغلاق هذه المنظمات.

تعامل سلطات جنوب السودان مع منظمات المجتمع المدني لم يختلف كثيرا عن تعامل الخرطوم، وهو شيء يدعو للقلق، فخلال الأشهر الستة الماضية تدهور الوضع بسرعة، وتم منع النشطاء من السفر، بجانب استجواب قادة حقوق الإنسان على أساس روتيني، وكذلك تهديدهم بالقتل، على سبيل المثال في 12 أبريل الماضي تم اختطاف الناشطة ساندرا كادودا، من سيارتها واحتجازها لعدة أيام، ثم تعرضت للضرب، ويعتقد بعض زملائها أنها ليست على قيد الحياة بعد انقطاع أخبارها منذ ذلك الحادث وحتى اليوم.

وعن الملمح الثالث، يقول موقع أرينجمنتس، إنه يتمثل في استهداف حرية الإعلام والصحافة واتباع سياسة تكميم الأفواه بالخرطوم وجوبا على حد سواء، ففي 16 فبراير الماضي صودرت 14 صحيفة سودانية من المطبعة قبل أن تصل إلى الجمهور، ليعلن بعدها وزير الإعلام في حكومة البشير أحمد بلال، أن أي نشر قد يضر بالأمن الاقتصادي أو الاجتماعي سيكون محظورا، وفي ديسمبر الماضي أيضا صودرت صحيفة الميدان، الناطقة بلسان الحزب الشيوعي، وتم اتهام رئيس تحريرها بتهم تصل عقوبتها إلى الإعدام.

وفي جنوب السودان أيضا، تستمر الانتهاكات ضد حرية الصحافة والإعلام بالبلاد، حيث في أغسطس من العام الماضي تم إلقاء القبض على مراسل راديو مرايا جورج ليفيو، وأغلقت الحكومة محطة الإذاعة الأكثر شعبية في جنوب السودان، راديو ”باخيتا”، فضلا عن اعتقال الصحفي المخضرم ألفريد تابان، لكتابته مقالات ضد الدولة، وفي فبراير الماضي أغلقت السلطات صحيفة الأمة مرآة، وحذرت الدولة الصحفيين في جوبا بعدم بث مقابلات مع زعماء المعارضة.

البديل


Navigate through the articles
Previous article بوروندي.. المعارضة ما زالت تتطلع لإسقاط النظام الكيان الصهيوني وجنوب السودان Next article
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع