المقالات و التقارير > من الغرب لشمال إفريقيا

من الغرب لشمال إفريقيا

في الوقت الذي يشتعل فيه الشرق الأوسط بتزايد أعداد وأسماء وفروع التنظيمات الإرهابية، تشهد منطقة غرب إفريقيا أيضًا تمدد نفس التيارات المتطرفة والتي تمثل انطلاقة قوية للانتشار في أنحاء العالم العربي خاصة دول شمال إفريقيا التي لها حدود واسعة مع غرب القارة، حيث ظهر في الآونة الأخيرة  تنظيم يُدعى «المرابطون» يعلن عن نفسه ممثلا لفرع ما يسمى “القاعدة في غرب إفريقيا”.

ينتمي تنظيم “المرابطون” لتيار “السلفية الجهادية” الذي يؤمن بالرؤية الفكرية لتنظيم القاعدة، وحين قرر بلمختار والتلمسي اندماج جماعتيهما اتفقا على ألا يتولى أي منهما قيادة التنظيم الوليد في المرحلة الأولى، وبعد حوار داخلي استقر رأيهما على اختيار المصري أبو بكر المهاجر أميرًا للتنظيم الجديد.

وفي أعقاب ذلك بأشهر معدودات قـُتل أبو بكر المصري في أبريل 2014 فأصبح منصب الأمير شاغرا، فاختار مجلس الشورى أحمد ولد العامر (التلمسي) أميرا جديدا للتنظيم، ويقول أنصار بلمختار إن بيعة التلمسي تمت بعد رفض بلمختار عرضا من مجلس الشورى بمبايعته أميرا للتنظيم، وفي نهاية 2014 اغتالت القوات الفرنسية التلمسي، فشغر منصب الأمير مجددا للمرة الثانية خلال 15 شهرا.

وعشية مقتل أحمد التلمسي كان بالمختار موجودا خارج منطقة أزواد مع عناصر من مجلس الشورى، فسارع أبو الوليد الصحراوي إلى أخذ البيعة من أعضاء الشورى الموجودين معه في شمال مالي وأعلن نفسه أميرا للتنظيم، وهنا عادت حالة الخلافات الثنائية من جديد داخل صفوف الجماعة، بين فريقي “الملثمون” و”التوحيد والجهاد”.

 رفض بلمختار ومن معه من عناصر جماعة “الملثمون” إمارة الصحراوي واعتبروها غير شرعية، وقالوا إن الصحراوي لا يزال شابا تنقصه الحنكة والتجربة الكافية، فضلا عن أن مدرسته الفكرية والإيديولوجية لا تلائم نهج التنظيم وتميل إلى التشدد والتهور، حسب قولهم.

أبو الوليد الصحراوي، تمسك هو ومن يؤيده من عناصر “التوحيد والجهاد” سابقا ببيعته أميرا للتنظيم، وبدأ في تسيير شؤون التنظيم انطلاقا من موقعه الجديد، غير أن اتصالات ومشاورات بدأها المختار بلمختار مع قيادة “تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” تهدف إلى دمج تنظيم “المرابطون” في القاعدة من جديد، حركت سواكن مياه الخلاف بين الرجلين؛ فقد سارع أبو الوليد الصحراوي إلى القيام بخطوة اعتبرها قطعا نهائيا للطريق على ذلك الاندماج المحتمل، فأعلن بيعة جماعته لـتنظيم داعش بزعامة أبو بكر البغدادي مايو الماضي.

 أعلن بعد ذلك عدم وجود أي صلة تنظيمية بين جماعة “المرابطون” وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، مؤكدا سيطرته على شؤون التنظيم وأنه هو الآمر الناهي فيه، لكن بلمختار سارع خلال أيام إلى الطعن في شرعية بيعة الصحراوي لداعش، وأكد أنها “لا تلزم شورى المرابطين” لكونها “مخالفة صريحة للبيان التأسيسي الذي حدد منهج وسلوك التنظيم”، مشددا على أن تلك الخطوة لن تؤثر سلبا في مسار الحوار بينه (هو ومن يؤيده في التنظيم) وبين قيادة القاعدة في المغرب الإسلامي، بل قد تدفع الطرفين إلى تسريع تحقيق الاندماج المنشود قريبا.

أكد بيان نشر السبت الماضي ويحمل عنوان «بيان حول توضيح بعض المسائل وتأكيدها»، سعي مختار بلمختار لتشكيل تحالف مع “الجهاديين” في النيجر وتشاد وليبيا، ولم يتطرق البيان إلى مصير أمير التنظيم السابق عدنان أبو الوليد، لكنه أكد تبرؤ “المرابطون” من تنظيم  داعش الذي وصف تصرفاته بالمخالفات الشرعية، وقال “نبرأ إلى الله تعالى مما صنعت دولة البغدادي وروافدها من اجتهادات ومخالفات غير شرعية في تفريق صفوف المجاهدين وسفك دماء المسلمين المعصومة”.

ويرى مراقبون أن الانقسام الذي شهدته جماعة “المرابطون” سببه وجود بون شاسع في الطرح الفكري داخلها بين الرجلين الكبيرين فيها (بلمختار والصحراوي)، إذ بينما يُعرف أبو الوليد الصحراوي ومعظم قادة “التوحيد والجهاد” بأنهم يعتنقون فكرا وطرحا أيديولوجياً أقرب إلى فكر تنظيم داعش منه إلى فكر القاعدة.

يسعي تنظيم المرابطون من خلال تحركاته الأخيرة إلى التمدد والانتشار في شمال القارة الإفريقية ، وبحسب تقارير أمنية جزائرية، يبقى هذا التنظيم مصدر الخطورة الأكبر بالنسبة للأمن الجزائري رغم كل شيء، والسبب هو أن التنظيم التعاون مع كتيبة الملثمين التي يقودها مختار بلمختار، نفّذ العملية الإرهابية الأكثر خطورة في تاريخ الجزائر وهي عملية “ تيڤنتورين” التي استهدفت المنشأة الغازية لمركب عين أميناس، كما نفّذ عملية اختطاف ضد 4 عمال إغاثة إسبان من مخيم الرابوني في تندوف نهاية عام 2011، وتفجيرات استهدفت مقار أمنية في تمنراست وورڤلة في عام 2012.

تداولت في الفترة الأخيرة  تقارير تتحدث عن احتدام الخلافات بين قادة وأمراء تنظيم «أنصار بيت المقدس» الإرهابي في سيناء، إثر إعلان التنظيم ولائه لداعش، الأمر الذي تسبب في انشقاق بعض القيادات الذين أعلنوا استمرار ولائهم لـ«القاعدة» وتأسيس جماعة «المرابطون».

البديل


Navigate through the articles
Previous article الخرطوم تتهم جنوب السودان وليبيا بإيواء المتمردين القارة السمراء، محور اهتمام روسيا الحالي Next article
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع