منذ توليه رئاسة الجمهورية وحتى الآن أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي، ما يزيد عن مائة قرار جمهوري، من بينها تعديلات وقوانين جديدة، ففي غياب البرلمان، يتمتع الرئيس بكافة الصلاحيات التشريعية، وبينما حظيت بعض القوانين الجديدة بالإشادة، إلا أن ثمة قوانين أخرى أثارت الجدل، منها قانون الإرهاب على سبيل المثال يحمل صيغة فضفاضة وغامضة، يزيد من إمكانية إساءة استخدامه، ومن بين تشريعات السيسى هو قانون الأزهر ( 23 أكتوبر 2014)، والخاص تعديل قانون الأزهر للسماح بطرد وفصل الطلاب وأساتذة الجامعات الضالعين في أعمال عنف، أو ممن يعرقلون العملية التعليمية، ويقوضون المكانة الجامعية، في غياب تام من مؤسسة الأزهر الشريف العريقة التى لطالما كانت مستقلة بذاتها ومنفردة بقراراتها عن باقى مؤسسات الدولة، رغم أنه بمجرد انتخاب برلمان جديد، يمنحُ الدستور المجلسَ الجديدَ سلطة مراجعة تلك القوانين خلال أول أسبوعين من انعقاده ليعيد النظر فيها.
فالأزهر ليس ميراث لمصر والمصريين وحسب بل للعالم الإسلامي أجمع ومن هنا تأتى أحقية تلك المؤسسة فى اتخاذ القرارات الحاسمة والتى من شأنها الإصلاح في الداخل والخارج، دون التخاذل والضعف الذى حل بالازهر الامر الذى جعلهم ينتظرون من يتخذ القرارات ويطرح الأفكار الإصلاحية نيابة عنهم وفقًا لمستحدثات الأمور السياسية، فلماذا لم يتبادر إلى ذهن رجال الأزهر انه لابد من صناعة خطاب ديني جديد يواكب عصرنا الحديث، بدلا من أن يتلقوه كأمر من خارج المؤسسة! ، وأيضا القانون الخاص بتنظيم والحفاظ على الأمن داخل جامعة الأزهر، وقس على ذلك العديد من الأمور التى يتنحى فيها الأزهر جانبا وينتظر من يملى عليه ما يجب أن يفعله.
ويري خبراء أن الأزهر فقد قوته حينما ترك قواعده الشعبية من المواطنين والعامة وذهب إلى الملوك والحكام ليتملق المناصب والامتيازات ويبحث شاغلي مناصبه عن المال والنفوذ والتقرب إلى الجاه والسلطان، وابتعد عن هدفه الرسالى النبيل، وأصبح العاملين به مجرد موظفين ينتهى عملهم بحلول الساعة الثالثة بعد الظهر، منتظرين نهاية الشهر بفارغ الصبر لينالوا هبة الحكومة. وتابع الخبراء، ظهر اضمحلال دور الأزهر جليًا مؤخرًا، واظهرته وثائق ويكليكس المسربة أخيرًا، وتكشف انحياز الأزهر للسعودية وانتظار تلقي الأوامر؛ لنيل رضاء النظام الحاكم ضاربا بعرض الحائط مكانته التاريخية وقامته الشامخة والتي تعد المرجع الأول لكافة المسلمين بربوع العالم المختلفة، مطالبين بحصول المشيخة على الاستقلال الكامل من الدولة وإتباع منهجه وفكره، والاهتمام بالكوادر الأزهرية الواجب إلمامها بكافة العلوم لتخريج طلاب قادرين على مواجهة التحديات. قال الدكتور عبد الغنى هندى، مستشار الشؤون الدينية لوزارة الأوقاف، أن الواقع أضحى مؤلمًا ومهين فإذا نظرت من حولك وجدت أن من يحمل فكر ومنج الأزهر هم موظفين ومنتفعين وليس أصحاب قضية يعايشونها طوال يومهم، فقد ارتبط نشاطهم ودعوتهم بوقت معين يأخذ مقابله بعض المال وبارتباط الهدف بالوظيفة تدمر فكر الأزهر وهدم منبره وأصبح لاحول له ولاقوة.
وأوضح أنه لا بد من الاهتمام ببناء شخصية الداعية الإسلامي والتركيز علي تنمية علمه وترسيخ فكرة أنه حامل لواء الإسلام والدفاع عنه وليس مجرد موظف بهيئة حكومية يعمل يوميا لتلقي راتبه في نهاية الشهر، لافتاً الي أن إرسال بعثات للخارج لتلقي العلم بالإضافة الي إمدادهم بالأموال اللازمة لذلك كي يتمكنوا من التركيز فقط في تلقي العلم ومنثم تنمية إدراكهم والسمو بعقولهم ليتماشوا مع عمق وخطورة الرسالة المكلفين بها. وتابع هندى، أن الدولة أعطت للأزهر الاستقلال ولكن المشكلة الأساسية التي تعوق تقدمه هو أن القائمين عليه غير أكفاء لحمل رسالة حماية الدين الإسلامي ونشر قواعده بالعالم، إضافة إلى تخليهم عن القواعد الشعبية ومعايشة مشاكل المواطنين والعمل علي حلها والانحياز بدلاً من ذلك إلى طبقة الحكام للحصول علي منح وصلاحيات سلطوية وهو ما حدث في فترات الثورات خلال الفترة الماضية، مما جعل استقلال الأزهر حالياً مجرد صورة لا موضوع لها وليس جوهرياً.
وطالب بضرورة تغيير القيادات واعادة هيكلة الازهر بداية من التعليم قبل الجامعي فالجامعي من خلال اعداد الكادر الازهري القادر علي ايصال المعلومة بكل سهولة ويسر للطالب ولكي يستطيع ذلك فانه يجب ان يكون ملم بكافة قواعد العلم والمنطق والنظريات الحديثة في التدريس، مشدداً علي ضرورة الاهتمام بالجانب الاخلاقي بالتوازي مع العلمي للوصول الي الكادر المتكامل الذي يستطيع تخريج الطالب الازهري الملم بعلوم دينه تجعله صاحب رسالة وخطة مرسومة وواضحة للعالم أجمع، لاينتظر من يطرح عليه الاطروحات من هنا وهناك فى الشرق والغرب من أجل الاصلاح والريادة ولم شمل العالم الاسلامى.
ومن جهته قال الدكتور حسن عبد البصير ، ان الأزهر لا يخضع لوتجه واحد بالمطلق وأنه دائما ما كان يؤثر فى السياسة ولا يتأثر قط بأى سياسات خارجية أو ضغوط داخلية، فله دور وطنى قبل أن يكون دينى، فهو الجامع لأكثر من 80 مذهب اسلامى ومؤلف قلوبهم، فالأمر الذى بنى من أجله الأزهر هو توحيد صفوف المسلمين وجعلم على قلب رجل واحد وتحت راية واحدة وشيخ الازهر هو الإمام الأكبر لـ ميليار و200 مليون مسلم. ولفت انه لولا الأزهر فى مصر كركيزه يرتكز عليها الوطن ويجتمعون حوله ملايين الناس وخاصة فى الفتره الأخيره من بعد 25 يناير، لحدث لمصرمالايحمد عقباه، لانه هو الملجأ والملاذ لكل المصريين، ولولا وجوده لنتشر التطرف والجماعات الاسلامية وتوغلت داخل كل بيت، فبدورة وباعتداله هو بمثابة الفجر الذى يتبين به الناس الخيط الأبيض والأسود فعندما يجد الناس ما يظهر من تطرف أو تشدد من قبل أى جماعة أو فرقه ينظرون الى الأزهر ومنهجه فيرون الحق من الباطل ويبدوا ساطعًا.
وفى غفلة من الدولة وقد أعطت الجماعات مساحات واسعة لنشر وبث أفكارهم وبالتحديد الجماعات الوهابية فى الشارع والقنوات المرئية عبر الفضائيات أوالمقروءة والمسموعه عن طريق شبكات الانترنت الأمر الذى غيب شمس الأزهر وجعل الناس يتخبطون فى تلك الفتره الزمنية من 2010 وحتى 2013. أكد عبد البصير أن ما حدث فى الآونة الأخير من اضطرابات وثورات أكد أن الأزهر كان متواجد قلبا وقالبا مع الناس تارة بمحاولة توجيههم وتارة بالنصح للصالح العام ولكن ليس من شأنه أ ن ينزل الى الشارع مع المواطن، موضحا أن الأصل هو اتباع الناس للإمام فى الصلاة أو العبادة لا العكس كما أن الأزهر له دائما اليد السباقة فى الاصلاحات داخلة وخارجة، وانه يتقبل أية اطروحات أو قرارات تأتى من خارج المؤسسة طالما كانت فى مصلحة الوطن والمواطنين.
البديل