كان عام 2015 على الدول الإفريقية بمثابة النكبة، بما شهده من فمن وحروب وجوع ومرض، إلى انقلابات وانتخابات، وتزايد خطورة الجماعات الإرهابية، فعلى مدى عام كامل مرت العديد من الدول الإفريقية بتجربة الانتخابات الرئاسية والانتقال السلمي للسلطة، كما حدثت محاولات انقلابات ببعض الدول، بعضها نجح والآخر فشل، مما خلف عنفًا وتمردًا وقتالًا.
نيجيريا
ضربت نيجيريا مثالًا رائعًا في الانتقال السلمي للسلطة، فيعتبر فوز محمد بخاري في 31 مارس 2015 على الرئيس المنتهية ولايته جودلاك جوناثان، بفارق 2,57 مليون صوت، درسًا في الديمقراطية للدول الإفريقية ومظهرًا حضاريًّا أمام العالم، حيث هنأ الرئيس الجديد واعترف بأول انتقال ديموقراطي في نيجيريا.
الكونغو
وفي دولة الكونغو الديمقراطية، فقد حاولت النخبة الحاكمة بقيادة جوزيف كابيلا، تعديل الدستور للبقاء في السلطة وتمديد حكم الرئيس، إلَّا أن هذا الحدث هز جمهورية الكونغو، وأشعل الاضطرابات الشعبية داخل البلاد الرافضة التلاعب في الدستور، وضرب الديمقراطية عرض الحائط، وأخذ يستقوي كابيلا بدول الجوار للبقاء بالسلطة، مما تسبب في مظاهرات عنيفة أدت إلى وفاة أكثر من 40 شخصًا بعد اشتباكات عنيفة مع الشرطة.
غينيا
كانت الانتخابات الرئاسية في غينيا محسومة النتائج، حيث أعلنت لجنة الانتخابات في يوم 11 أكتوبر فوز الرئيس ألفا كوندي بفترة رئاسية ثانية، بعد حصوله على 58% من الأصوات، مما أثار موجة غضب عارمة لدى المعارضة، ولم يعترف منافسه بالنتيجة، ودعا مؤيديه إلى الاحتجاج، والطعن في نتائج الانتخابات، لكن باءت محاولاته بالفشل؛ لأن المجتمع الدولي غض الطرف عن تلك الاحتجاجات ووقف بجوار كوندي، الذي تعاون مع الأمم المتحدة وأرسل بعثات أمنية لمالي تحت مسمى حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
بوركينا فاسو
شهدت بوركينا فاسو زخمًا في الأحداث هذا العام، بعد محاولة انقلابين في أقل من عام، وأصبحت تواجه ثلاثة تحديات كبيرة، بدءًا من الاقتصاد، مرورا بتنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية.
بعد فشل الانقلاب على الرئيس بليز كومباوري، استطاع الجيش أن يعيده إلى الحكم، ودعا الجيش العمال إلى عصيان مدني واحتجاجات للضغط على الرئيس بالرحيل، فاندلعت الاضطرابات في البلاد، مما خلف 11 حالة وفاة و271 مصابًا، فضلًا عن شلل الإدارة ووقف الأنشطة الاقتصادية، وتباطؤ الإنتاج في قطاعات التعليم العالي والثانوي، وخفض المالية العامة للنمو بنسبة 0.3٪.
أوغندا
رغم تعهد موسيفيني بتسليم السلطة إلَّا أن المعارضة اتهمته بالسعي لتوريث الحكم، حيث صرح موسيفيني أنه ليس لديه أي نية للتشبث بالسلطة حال خسارته في الانتخابات العامة المقررة خلال عام 2016 المقبلة، وهو ما سيثبته العام الجديد، لكن هذه التصريحات لم تحقق الهدوء بالوضع العام في البلاد، فالمعارضة الأوغندية ثارت ضد الرئيس موسيفيني، بعد تعيين أحد أنجاله قائدًا في وحدة الحرس الرئاسية، مما اعتبرته المعارضة إعدادًا من الرئيس الأب لنجله لوراثة الرئاسة، وأن ما فعله الرئيس موسيفيني يؤكد أسوأ المخاوف لدى الأوغنديين من أنه يتجه لجعل الرئاسة الأوغندية شأنًا ملكيًّا، ويعمل بوضوح على إعداد نجله لخلافته، مما يجعل الوضع تحت لهيب ينتظر التصريح عن نيرانه إذا ثبت صحة ذلك.
بوروندي
أحداث خطيرة خلال العام الحالي وأزمات عديدة شهدتها بوروندي خلال العام، إلى حد أن اعتبر البعض ما يحدث إنذارًا بعودة الحرب الأهلية، بعد انتشار الجثث التي عثر عليها ملقاة في شوارع المدينة البوروندية، مما لفت انتباه العالم على التهديد الحقيقي من العنف الشامل في البلاد، بعد الإجراءات التي اتخذتها الحكومة وتعمل على إثارة العنف الجماعي، منذ إعلان الرئيس نكورونزيزا في أبريل أنه سيسعى لفترة ولاية ثالثة، ما يعني انتهاك «اتفاق أروشا»، الذي شكل تقاسم السلطة السياسية؛ من أجل إنهاء الحرب في بوروندي التي استمرت 12 عامًا.
مالي
تأجج الوضع بمالي، إلى جانب ترنح محاولات السلام واندلاع العنف في عام 2015، فبعد صيف تجددت فيه الاشتباكات بشمال مالي، بدأ مؤخرًا الانفراج المفاجئ يرتسم في ائتلاف حركة أزواد، بعد سلسلة من المحادثات بين قادة الائتلاف والتحالف المؤيد للحكومة أكتوبر الماضي.
وأدت مفاوضات الجبهة الإسلامية للإنقاذ بالجزائر جنوب غرب كيدال، إلى عدة اتفاقات شرف، وقّعت نيابةً عن المجتمعات البدوية الكبرى في المنطقة بباماكو، لكن حتى يتحقق السلام في مالي لابد من نزع السلاح وإعادة دمج الجهات الفاعلة.