تمر تونس بوضع اقتصادي وامني واجتماعي لا تحسد عليه وقد بلغنا من التحذيرات الجادة التي اطلق صيحتها خبراء الاقتصاد والسياسة والاجتماع ما بلغنا ومع ذلك لانزال نتعامل مع اوضاعنا الخطيرة تعامل غير الابه والمهتم كانما حصلنا على ضمان برجوع عجلة حركة البلاد الى نشاطها بعد حين.
ووضعنا الذي قيل عنه بانه شبه كارثي ماليا ولا يحتمل قروضا عشوائية جديدة وليس بامكانه استيعاب وظائف لشبابنا المعطل لا يمكنه باي حال من الاحوال ان يتحمل زيادات خيالية في اجور مرتفعة في حد ذاتها وبطريقة يستهجنها كل شريف ووطني غيور.
ان ما راج الحديث عنه من مضاعفة رواتب محافظ البنك المركزي ومساعديه الى 7 مرات يعتبر ضربة لمصداقية ووطنية هؤلاء المسؤولين ويدعونا الى شجب هذه الزيادات ان صحت ووضع من وافق عليها وامضاها موضع التهمة حيث لا استبعد كونها اجراء مالي لا يبرره منطق سوى ان ما وراء الاكمة (ان) واخواتها ومن بينها قد تكون عملية الزيادة في اجور هؤلاء الاشخاص اسكاتا وغضا عن عمليات مالية مشبوهة اراد اصحابها التغطية عليها بنفخ غير مبرر لاجور لو قدر لها ان ترتفع فوفق سلم معقول.
الفرضية المطروحة غير مستبعدة في ظل وضع اقتصادي متدهور لا يحتمل حتى اظافات وظيفية ضرورية لانقاذ ما يستوجب انقاذه من مستقبل اظلم يتهدد ابناءنا على مراى ومسمع من المسؤولين على حظوظهم فهل نحن في مواجهة الاستكراش المالي ام في مواجهة دكتاتورية سياسية جديدة اخذت نهج الرؤية بعين فرعون الاول (لا اريكم الا ما ارى)
مسالة هذه الزيادة ان صحت فانها لا تدل على خير فاعلها لا من جهة وطنيته ولا دينه ولا انسانيته وعلى ما قام بهذه الجريمة بحق تونس وشعبها ان ياخذ في اعتباره بان بالون التحمل الشعبي قد وصل به النفخ في سعة صدره الحد الاقصى وحذار من انفجاره اذا انفجر لانهسياكل كل العابثين ولو غيبوا انفسهم في بطن حوت يونس.
خذوا عبرة من الدكتور محمود احمدي نجاد رجل ايراني من الاوساط الشعبية انتخب لدورتين رئاسيتين ورفض ان يزاد على راتبه كاستاذ جامعي غيب كل مظاهر الترف في مكتبه من زرابي فاخرة امر ببيعها وصرفها في الصالح العام ورفض كثيرا من مستلزمات البروتوكول ومثلما دخل بسيارته الشعبية القديمة خرج بعد انتهاء دورته الرئاسية بنفس السيارة فلا زيادة في اجره ولا جراية عمرية ضخمة كما هي حال المنتفعين من نواب الشعب والوزراء ورؤساء الجمهورية ليتحول التكليف والواجب والتطوع لخدمة الشعب الى وظائف يتمعش منها طلاب الدنيا والراكظون وراءها والشعب هو الذي يدفع الفاتورة غلى ثمنها ام رخص، فهل من معتبر؟
احمدي نجاد قال ان قدوته علي بن ابي طالب الذي بايعه المسلمون حاكما عليهم وهو الذي قرر ان لا ياخذ من بيت المال الا بمقدار ما كان يحصل عليه اقل المسلمين خظا منها، صحيح ان الزمن تغير ولكن القيم والمبادئ تبقى لتصنع المواقف بها.
هذا الاجراء المالي ان وقع اعتبره استخفافا بشعب واستهتارا بالمال العام وفي مقابله ينتظر الشعب مبادرات معاكسة تظهر فيها وطنية من جعل من تونس وصون حظوظها همه الاكبر، يستعيد فيها المسؤولين رشدهم ويقطعوا نهمهم باعادة رواتبهم وامتيازاتهم الى المعقول مراعاة للاجيال التي تنتظر حظها وفرصتها التي قد لا تتاح لها اذا ما عفت البطون والفروج عن نهمها.
جريدة الصحوة