هناك معايير متعددة لقياس مدى نجاح رئيس الجمهورية فى هذه المرحلة الصعبة من تاريخ مصر هذه المعايير قد تختلف باختلاف المستوى الفكرى أو الاقتصادى، وربما أيضاً باختلاف الاحتياجات الاجتماعية التى تتغير من فئة إلى أخرى ومن مكان إلى آخر.
فى تحقيق واسع حول أهم عوامل نجاح الرئيس تباينت الآراء - ففى حين يرى بعض النخب المثقفة والمهتمة بالشأن السياسى أن من أهم عوامل نجاح السيد الرئيس هو الاهتمام بالأمن وسرعة عودة رجال الأمن للشارع المصرى، حتى يتحسن الاقتصاد - فى حين يرى المواطن البسيط أن عوامل نجاح الرئيس قد تختلف عن ذلك وقد يتغير ترتيبها بحسب أولوية الاحتياج لديهم والسؤال الذى يطرح نفسه متى ينجح سيادة الرئيس؟.
هل ينجح الرئيس حينما يكون للبلاد دستور، يجعل مصر دولة مدنية ديمقراطية حديثة أم ينجح حينما يختار لمصر حكومة تكنوقراط ائتلافية رئيسها الدكتور هشام قنديل، أم ينجح حين تتحسن علاقات مصر الخارجية خاصة بالدول الأفريقية والعربية لا سيما السعودية أم حين يعلن عن احترامه للمعاهدات أم ماذا.
فى استطلاع قمنا به فى مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية لآراء بعض النخب قالت الدكتورة إحسان يحيى مدير مركز القاهرة للإعلام والتنمية الثقافية إن من أهم عوامل نجاح الرئيس ونجاح المرحلة الانتقالية هو عودة الأمن الذى اختفى من الشارع المصرى، وانتشرت معه أعمال البلطجة وإرهاب المواطنين كما أن عودة الأمن تعنى عودة الاقتصاد للصورة التى تجعلنا قادرين على أن نواجه احتياجاتنا الضرورية، فى الحياة لكى نعيش، أضف إلى ذلك ملف الصحة الذى يعد من أخطر ملفات مصر فى المرحلة المقبلة لما فيه من حماية للأجيال القادمة من الأمراض الخطيرة التى أصبحت منتشرة فى مصر فى هذه الأيام لتوفير العلاج والرعاية الطبية المتكاملة والتأمين الصحى العام لكل المواطنين خاصة غيرالقادرين.
بينما يرى الأستاذ خالد حنفى - الخبير الاقتصادى أن من أهم عوامل نجاح الرئيس الأمن ثم زيادة الاستثمارات الداخلية والخارجية لتغطية العجز المتزايد فى الموازنة العامة للدولة والعمل على توفير السلع الأساسية للمواطن خاصة فى شهر رمضان.
فى حين يرى الأستاذ مجدى عبد الحليم - المحلل السياسى أن نجاح الرئيس مرهون بنجاح الحكومة وأن تشكيل حكومة تكنوقراط من أشخاص غير سياسيين لكن لهم رؤية سياسية تمكنهم من قراءة المشهد السياسى والقدرة على التعامل مع كل المواقف بذكاء وحنكة وسرعة سيكون له دور كبير فى نجاح خطة المائة يوم، ومن ثم نجاح الرئيس فى مدته الرئاسية ورضاء الشارع عنه كما أن ملف التعليم والذى له بعد سياسى هام وخطير على بناء أجيال واعية قادرة على إعادة بناء مصر الجديدة لابد أن يكون له مكان خاص بين اهتمامات سيادة الرئيس فى المرحلة القادمة - وبسؤال الأستاذ إبراهيم الشهابى الخبير الاستراتيجى- عن أهم معايير نجاح معالى الرئيس قال إن نجاح البحث العلمى فى مصر ومن ثم تطوير الزراعة والصناعة فى مصر لابد أن يكون من أهم وأول ملفات السيد الرئيس - وحول السياحة ودور الفن والإبداع فى الثقافة العامة للمجتمع قال الدكتور منصور عبد الغفار إن ملف السياحة والذى يمثل مصدرا هاما من مصادر الدخل القومى والعملة الصعبة كما أن صناعة السينما والتى تعبر عن حرية الفن والإبداع لابد أن يلقى اهتمام السيد الرئيس لما للسينما من دور هام فى بناء الشخصية والتأثير على فكر وسلوك المواطنين.
وبعيدا عن المثقفين والسياسيين كان لابد أن نسأل المواطنين البسطاء فى الشارع عن رأيهم فى عوامل نجاح سيادة الرئيس وعن رأيهم فى رئيس الحكومة الجديدة، سألت عم مجدى المكوجى فى المعادى والأسطى أحمد الطيب الترزى بدار السلام وعم محمود الكهربائى بحدائق المعادى ومحمد على البقال عن آرائهم ومتى ينجح بنظرهم سيادة الرئيس والحقيقة أن إجاباتهم جميعا كانت متشابهة وكلها تدور فى فلك واحد حول معايير نجاح الرئيس حيث قالوا ينجح حين تتوفر لنا أنبوبة البوتوجاز وحين يتوفر الخبز ورغيف العيش حين يجد أبناءنا وظائف وحين تجد بناتنا مساكن وحين تحل مشكلة وصول المياة للقرى وحين تصل الكهرباء للعشوائيات حين يشعر المواطن أنه يعيش فى بلده وأن له فيها مكان.
ينجح الرئيس حين يتوقف من يلعب بمفتاح الكهرباء عن اللعب حتى لا تنقطع عنا الكهرباء لكى نتمكن من أن نعمل وأن نعيش فالمياة لا تصل لنا إلا بالكهرباء ووظائفنا كلها لا تتم إلا بالكهرباء
ينجح الرئيس حين يعود الأمن بقوة لحمايتنا لا لأرهابنا للدفاع عنا وعن أموالنا وحياتنا التى أصبحت معرضة للخطر بسبب البلطجة والاستهتار بأرواحنا سواء فى أعمال البناء المخالفة للمواصفات الفنية أو فى أعمال السرقة والنهب التى أصبحت الآن فى مصر شئ عادى.
و مع اختلاف الآراء، وتعدد المعايير لنجاح الرئيس، تبقى مهمة أول رئيس مدنى للبلاد مهمة صعبة للغاية، والشىء المؤكد أن رغم كل الاختلاف فإن الجميع يريد لمصر أن تبقى دائما بلد الأمن و الأمان، ومنارة العلم ومحققة لطموحات كل أبنائها.
* مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية.
المصدر: اليوم السابع