نحن في أنتظار بيان مشترك يصدر في وقت واحد بالتزامن ما بين " القاهرة وطهران" يتم الأعلان من خلاله باستئناف العلاقات الديبلوماسية كاملة علي مستوي السفراء بين أقوي دولتين في المنطقة العربية الاسلامية ،هذا هو المتوقع من قبل السيد الرئيس الدكتور محمد مرسي ،والذي نثق فيما قاله لنا في أول كلمة له بعد نجاحه بميدان التحرير بأن مصر باتت دولة تملك قرارها وتملك سيادتها والتبعية باتت جزء من الماضي،وهذا القول أبرز ترجمة له علي أرض الواقع عصيان التعليمات الأمريكية وإعادة العلاقات الديبلوماسية فوراً مع طهران ،بعد ان ازالت ثورة مصر كافة الموانع امام عودة تلك العلاقات .
نعلم ان الأخوة في المقاومة العراقية سيغضبون ،ونحن معهم بسبب ما عانوه من ايران ودعمها لعملية الغزو الأمريكي السياسية ،ونعلم أن أخواننا في الامارات العزيزة قد يشعرون بغضة في حلوقهم ،جراء جزرهم التي سبق واحتلها شاه ايران ،وقد تغضب دول أخري في المنطقة لأعتبارات متعددة ،لكن كل تلك الأطراف الغاضبة دولها لها علاقات ديبلوماسية كاملة مع ايران ،وتريد أن تجرد قاهرة الثورة من هذا الحق ،وهذا ما نعتبره إنتهاك لسيادة مصر وأمر مرفوض تماما ً،فليس من مصلحة المقاومة العراقية ان تظل علاقة مصر مقطوعة بطهران ،وأيضاً ليس من مصلحة الأشقاء في الأمارات العربية المتحدة ،لكون أن التقارب المصري الأيراني السعودي التركي يمكن ان يغير وجه المنطقة والعالم.
ولقد ظلت الولايات المتحدة الأمريكية تمارس ضغوطاً مكثفة علي نظام مبارك لكي لايعيد العلاقات مع طهران ،وفي أعقاب سقوط هذا النظام نفاجأ الآن بقادة مصر يواصلون السير علي خطي مبارك في ذات السياق ،ولولا قرار السيد الرئيس الدكتور محمد مرسي بالذهاب الي أيران وحضور قمة عدم الأنحياز ،ما كان أختلف نظام حكم الرئيس مرسي عن نظام حكم المخلوع مبارك في ذات السياق ،ومن المحزن أن تصريحات نسبت للدكتور ياسر علي المتحدث باسم الرئيس الدكتور محمد مرسي خلال الساعات الماضية قال خلالها أن زيارة الرئيس لأيران بروتوكلية وأستبعد عودة العلاقات في الوقت الراهن زاعماًً ان التعاون بين البلدين سيتواصل ،وهي تصريحات ذكرتنا بوجهة نظر مبارك .
ومن الواضح أن الأجهزة التي كانت ترفع تقارير لمبارك تحذره من آثار وتداعيات عودة العلاقات مع أيران ،باتت ترفع نفس التقارير الي السيد الرئيس محمد مرسي ،وهو الأمر الذي جعلنا مراراً ننادي بالتطهير والتغيير ،حتي تقود تلك الأجهزة عناصر تنتمي الي ثورة 25يناير المجيدة مظهراً وجوهراً ،وتتخلص من عقد كامب ديفيد وقيود الماضي والشراكة الإستراتيجية مع واشنطن ، ومن الهزيمة النفسية التي تعيشها أجهزة مصر التي ترعرعت عناصرها في حقبة الإستسلام والتبعية حقبة كامب ديفيد .
ومن جهتها فلقد بادرت الجمهورية الإسلامية في إيران الي الإعلان عن وضع كافة إمكاناتها العلمية والاقتصادية والعسكرية تحت تصرف مصر في مواجهة البلطجة الأمريكية والتهديدات التي توجه لمصر ولثورتها ،تلك التهديدات التي تحاول من خلالها واشنطن أن تمنع القاهرة من التعاون مع إيران ،وتلك البلطجة الأمريكية التي أستمرت بعد الثورة لتوجه تهديداتها لصانع القرار المصري في الأروقة السرية ودهاليز المفاوضات التي كانت تجري بين واشنطن و قادة المجلس العسكري ،ومن بعدهم السيد الرئيس الدكتور محمد مرسي ،وهي البلطجة التي يتعين علي السيد الرئيس مرسي أن يتخذ حيالها موقفاً متشدداً، ويعلن عن عودة العلاقات المصرية الإيرانية الي طبيعتها.
أن إيران إحدي أهم دول أحزمة أمننا القومي ،وهي دولة شقيق تربطنا معها وشائج ثقافية وأخلاقية ودينية ،وأيران باتت دولة متقدمة اقتصاديا ً وعلمياً وعسكرياً ، وهي تبدي الآن رغبة وحماس هائلين في الوقوف الي جانب مصر الثورة ،الوقوف الي جانبها من أجل مواجهة أي حصار أمريكي محتمل، أو حصار من قبل رجال أمريكا في المنطقة أو أي مكان في العالم ،الي جانب دعم مصر إقتصادياً عبر سبل عديدة ،ولابد لصانع القرار المصري الوطني أن يستفيد من هذا التعاون ويفيد مصر ،لأن أاهدار تلك الفرصة المتعلقة بالتعاون الواسع مع أيران مقابل الأستمرار في سياسات التبعية لواشنطن ،التي مضي عليها مبارك ،هذا أمر مرفوض ولن نقبله ابداً .
ولذلك ،أن كل ساعة تمر بدون عودة العلاقات كاملة مع طهران هو خسارة لمصر والعرب والمسلمين ،وأننا نحمل المؤسسات الديمقراطية المنتخبة الآن المسئولية كاملة عن إستمرار القطيعة مع طهران ،ولاسيما مؤسسة الرئاسة ،ونتوقع من السيدالرئيس الدكتور محمد مرسي ان يؤكد ما قاله ونصدقه فيما قال ،الا وهو أن مصر الثورة باتت دولة حرة وليست تابعة لأحد أياً كان تتعامل مع الكل بندية ،وذلك من خلال إتخاذه قرار فوري بعودة العلاقات كاملة مع طهران وقبيل أن يغادر القاهرة متوجهاً الي هذا البلد المسلم الكبير.
ونقول للسيد الرئيس الدكتور محمد مرسي غير مقبول تماماً أن تكون لمصر علاقات كاملة مع "إسرائيل"التي تحتل مقدسات العرب والمسلمين ،ومع واشطن التي دمرت العراق وأفغانستان المسلمة ،بينما علاقتنا مع إيران مقطوعة لأسباب تتعلق بكامب ديفيد التي لانعترف بها كثوار وكنظام ثوري وسنسقطها بأذن الله .
المصدر:المحيط