المقالات و التقارير > هل تهاجم واشنطن مصرهل تهاجم واشنطن مصر إن خططت للإكتفاء الذاتي من القمح؟

هل تهاجم واشنطن مصرهل تهاجم واشنطن مصر إن خططت للإكتفاء الذاتي من القمح؟

ونتذكر أننا في أواخر القرن الفائت ذهبنا في زيارة للسودان الشقيق ،وهناك التقينا بعدد من قادة هذا البلد التوأم لوطننا ،ومن أبرزهم الدكتور حسن الترابي وكان وقتها رئيس لمجلس الأمة "البرلمان" ،وتطرق الحوار بيننا حول تحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الغذائية ،وتحقيق التكامل بين مصر والسودان في مختلف المجالات.

وقال لنا الدكتور حسن الترابي أنه خلال آخر زيارة قام بها الرئيس المصري حسني مبارك للسودان طرحنا عليه إقامة شراكة ثلاثية ما بين الخرطوم والقاهرة وطرابلس الغرب من أجل زراعة مساحات واسعة بمحصول القمح ،علي أن تقدم ليبيا الأموال والقاهرة العمالة والخبرات ،والسودان الآرآضي .

وقال دكتور حسن الترابي لنا أن "مبارك" أستمع لكلام القيادة السودانية حول تصوراتها لشراكة ثلاثة من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح وقال لنا بالنص "أنتو عاو زين أمريكا تضربنا"ولم يصدق قادة السودان وقتها ما استمعوا إليه من رئيس مصر،وهذه الرواية استمعنا اليها أيضا من وزير الأعلام السوداني وأكثر من مسئول آخر بالبلد الشقيق .

وهي رواية مؤسفة ومحزنة وتدل علي ان وطننا فقد إرادته تماما في ظل حكم مبارك وسلمها للأمريكان علي طبق من ذهب ،الي الدرجة التي باتت فيها مصر فاقدة المقدرة عن أتخاذ أي قرار يخدم أمنها القومي ويمكنها من الاعتماد علي نفسها ،حتي وان كان هذا القرار ملكية مصر لعملية إنتاج خبزها كاملة .

وطوال سنوات حكم "مبارك" التي اقتربت من ثلاثة عقود ومصر ممنوعة من التوسع في زراعة القمح ،ولقد وصل الأمر أن أقال حسني مبارك وزير زراعته المهندس أحمد الليثي لكون أن الوزير اعتقد أنه لاتوجد موانع إمامه للتوسع في زراعة القمح والحبوب وحاول ان يحقق اكتفاء ذاتي لمصر منها .

ومن المؤسف ان ذلك كان يحدث بينما تتعرض بلادنا من وقت الي آخر لما يشبه الحصار ،حيث تستخدم الولايات المتحدة القمح في كثير من الأحيان كسلاح للضغط علي مصر ،وفي أفضل الأوقات تصدر للقاهرة شحنات قمح ملوثة أو مصابة بفطريات وعطب تهدد صحة أبناء وطننا ،وهو ما كشفت عنه الأجهزة الرقابية المصرية في الكثير من الأحيان .

ولقد تواجد خبراء هيئة المعونة الأمريكية في كل مجالات الزراعة وفرضوا التطبيع مع "إسرائيل" بهذا المجال علي مصر نظير المساعدات التي كانت تقدمها واشنطن للقاهرة في المجال الزراعي بهذا القطاع الإستراتيجي بالنسبة للاقتصاد المصري،وهو ما ترتب عليه تعرض مصر لضربة كيماوية وبيولوجية من قبل جهاز موساد الإسرائيلي ،لاتزال تدفع ثمنها وتعاني من تعدياتها عبر ما أصاب صحة أولادها وبناتها بهذا المجال .

فلم تكتفي هيئة المعونة الأمريكية بهندسة الحبوب وسلالاتها وراثياً ،إنما أقدمت علي غمر مصر بمستلزمات إنتاج زراعية عبر الشركات الإسرائيلية، التي شكلت تهديد بالغ الخطورة للأمن القومي ،وبتنا نري بمصر سلالات إنتاج زراعية إسرائيلية من أبرزها التفاح "الأنا "والموز"وليام" وطماطم "شبري" و"نعمي" وكنتالوب "حاليا" وبطيخ "ما كابي" ...الخ .

وكُلنا يعرف ما ترتب علي ذلك من تفشي للأمراض الحيوانية والنباتية وتدمير للتربة وتدهور لصحة أبناء وطننا ،وكيف فرضت علي وطننا سياسات زراعة الفراولة والكنتالوب والزهور والخيار، وخير مثال علي ذلك تعميم زراعة السلع غير الأساسية علي حساب المحاصيل الإستراتيجية ،الي جانب ما جري من تدمير للهيئة الزراعية ، والتي كانت تشكل حائط الصد لحماية السلالات الزراعية المصرية بكافة أنواعها ،تم تدميرها علي أيدي يوسف والي ورجاله لصالح إدخال مستلزمات الإنتاج الزراعية القاتلة لبلادنا .

والآن باتت مصر تستهلك ما يقرب من 14مليون طن من القمح لاتكاد تنتج منهم سوي 7مليون طن تقريبا وتستورد ضعف ما تنتج وهو وضع غير آمن لها ،وبات من الواجب تنفيذ إستراتيجية جديدة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح ومن كل السلع الإستراتيجية ،وتلك قضية أمن قومي في تصورنا ،ولأنجاز هذا الأمر توجد عدة سيناريوهات وبدائل ،المهم توفر الإرادة السياسية واتخاذ قرار بالعمل علي تأمين الغذاء لأبناء شعبنا .

وبشأن التهديدات الأمريكية نعتقد أنها دفنت الي غير رجعة مع نظام الحكم البائد الذي عزله الشعب والذي كان يخضع لها

المصدر: المحيط

 


Navigate through the articles
Previous article إلعبوا بعيدا ًعن عبدالناصر العمود الفقري للتنمية Next article
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع