أحتفل قادة حزب العمل قبيل عدة
أيام بذكري ميلاد المجاهد الكبير إبراهيم شكري زعيم الحزب ومؤسسه ووزير الزراعة
الأسبق ،وذهبوا إلي ضريحه وهناك فرأوا الفاتحة علي روحه الطاهرة،و إبراهيم محمود
شكري-يرحمه الله - ، من مواليد 22 سبتمبر 1916 – درب الجماميز – السيدة زينب
،وينتمي لأسرة ثرية وعريقة تقطن في مدينة شربين محافظة الدقهلية. والده محمود باشا
شكري كان من حملة لقب باشا، ووالدته الحاجة زينب واصف. تخرج عام 1939 من كلية
الزراعة - جامعة القاهرة.
وأثناء دراسته بجامعة القاهرة تفجرت التظاهرات ضد الأحتلال الانجليزي في نوفمبر
1935م وأصيب شكري برصاص الانجليز،وبينما أستشهد رفيق كفاحه ألجارحي نجا إبراهيم
شكري من الموت وأطلق عليه رفاقه "الشهيد الحي ".
وفى معركة فلسطين عام 1948 كان لإبراهيم شكري دور كبير, فلقد قام بإعداد وتمويل
كتيبة "الشهيد مصطفى الوكيل"من جيبه الخاص, والتي قرر الحزب الاشتراكي "مصر الفتاة"
الاشتراك بها في معركة تحرير فلسطين.وشارك في الحياة السياسية من خلال الحزب
الاشتراكي ومصر الفتاة ،وأصبح نائبا في البرلمان عام 1949م، ليصبح أول نائب اشتراكي
في مرحلة ما قبل الثورة.
وتقدم إبراهيم شكري بمشروع قانون بتحديد الملكية الزراعية بخمسين فدانا, وهو نفس
القانون الذي طبقته ثورة 23يوليو المجيدة في تسعة سبتمبر 1952م وأطلق عليه قانون
الإصلاح الزراعي.و تم سجن "شكري" بسبب مقالة له في جريدة "الاشتراكية" حيث قال:
إننا نرى أن وجودنا في السجون للدفاع عن حرية الشعب، هو أحسن وأفضل من أي نزهة
نقضيها على أفخر يخت في العالم. وهو ما أعتبر وقتها تلميحا ليخت الملك فاروق "فخر
البحار"، وحكم عليه بالسجن سبع أشهر بتهمة تحبيذ العيب في الذات الملكية.
لكن الله شاء أن يخرج إبراهيم شكري من السجن بعد عدة أسابيع في 27 يوليو 1952, إثر
اندلاع ثورة يوليو, حيث غادر السجن إلى كوبري القبة،و قابل وقتها محمد نجيب وجمال
عبد الناصر تكريما لدوره في تحريض الشعب المصري. ومن يومها كان عضوا في كل المجالس
النيابية, يقدم مشروعات القوانين التي تناصر الفقراء, رغم أنه من أكبر عائلات
شربيني الثرية، واستمر في البرلمان إلى التسعينيات حيث تم إسقاطه بالتزوير.
و يعد شكري –رحمه الله - من الشخصيات التي عليها إجماع وطني, ويحظى بالاحترام من كل
ألوان الطيف المصري, لما يتمتع به من حضور كاريزمي وصفات شخصية قلما تتوفر في زعيم
سياسي، وهذه السمات هي التي جعلته يقود حزبه ببراعة في المعارك السياسية ويخرج
منتصرا في معظمها.
وفى عام1974 م حصل إبراهيم شكري على وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى لدوره في حرب
أكتوبر المجيدة, وفى نفس العام تم تعيينه محافظا للوادي الجديد. واستقال من هذا
المنصب عام 1976 ليرشح نفسه لعضوية مجلس الشعب آنذاك, عن دائرة شربين - دقهلية,
لتعيد الجماهير انتخابه تعبيرا عن ثقتها.
وعندما أعلن السادات عن قيام الأحزاب أسسس شكري حزب العمل ،وأراده السادات أن يمارس
دور المعارضة الكارتونية، لكن فاجأه إبراهيم شكري بمعارضة شرسة لسياساته لاسيما بعد
أن وقع السادات اتفاقات كامب ديفيد ،وفي قرارات سبتمبر الشهيرة مطلع الثمانينات
أغلق السادات صحيفة الشعب لسان حال حزب العمل واعتقل كتاب منها وقيادات بالحزب
وأبرزهم حلمي مراد وحامد زيدان لكنه لم يعتقل إبراهيم شكري .
وعندما أغتيل السادات عادت صحيفة الشعب للصدور ودافعت عن الحريات ولاسيما حق جماعة
الأخوان في ممارسة العمل العام ،ورفضت الإعتقالات التي تتم بصفوف الأعضاء في
الجماعة ،وفتحت الشعب صفحاتها لقادة جماعة الأخوان ،وسمح حزب العمل حزب إبراهيم
شكري للأخوان بممارسة العمل العام من خلاله والترشح علي قوائمه ،ولاقي بسبب ذلك
تطاول من كل كتاب السلطة ورموزها لكنه رفض ان يتخلي عن حق الأخوان في ممارسة العمل
العام.
كما جعل شكري من منابر حزب العمل بالقاهرة وكل المحافظات جعل منها منابر لكل القوي
الوطنية المصرية لتعرض رؤيتها ووجهة نظرها .وشارك بفعالية في كل المعارك التي
شهدتها الأمة العربية ،وكان ابراهيم شكري يحرص بنفسه أن يذهب الي كل دولة عربية
تتعرض لعدوان او لمحنة ،كان ابراهيم شكري رجل بحق يمثل فخر لمصر في اي مكان يذهب
اليه، وعندما رفع السادات علم "إسرائيل" في القاهرة ،أعلن شكري أنه سيرفع مليون علم
لفلسطين وفعل ذلك .
كما قاومت صحيفة الشعب وحزب العمل التطبيع مع الكيان الصهيوني وسجن كتابها وشردوا
بسبب هذا الأمر ،ووقف إبراهيم شكري وحزبه صلبا يزود عن حرية الصحافة ويدافع عن رجال
صحيفته ،ويدافع عن عقيدة أبناء مصر إسلامية كانت أم مسيحية عندما أراد وزير ثقافة
مبارك فاروق حسني آن يسيء إليها،لكن نظام مبارك ضاق زرعاً بشكري وحزبه وكتاب صحيفته
فأغلق مبارك صحيفة الشعب وشرد كتابها ،وحبس من حبس منهم .
وجاهد إبراهيم شكري محاولاً آن يعيد حزبه الذي جمده مبارك ويعيد صحيفته للحياة ،لكن
مبارك رفض وقال قولته الشهيرة ما دمت حياً لايحدثني احد عن صحيفة الشعب ،لن تعود
إلا بعد وفاتي ،لكن في 5سبتمبر من عام 2009م رحل إبراهيم شكري عن دنيانا وهو يشعر
بالإهانة والظلم ،وبينما كانت طليعة ثورية من أفضل ما أنجبت مصر تودعه إلي مسواه
الأخير من جامع عمرو ابن العاص ،وكان يشارك بجنازته صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى
الموجود بالسجن الآن
أخذ الخطيب الذي صلي علي جنازته يدعو الله لكي يقتص لشكري وينتقم ممن ظلموه
،وبالفعل استجاب الله لدعاء هذا الخطيب بعد عام واحد من وفاة شكري عندما تفجرت ثورة
25يناير المجيدة من عام 2011م،وانتقم الله من مبارك عندما أخذه مع رجاله الذين
سببوا لشكري معاناة هائلة آخذه اخذ عزيز مقتدر رحم الله إبراهيم شكري ونعاهده أن
نظل أوفياء لما غرسه فينا من قيم ومبادئ وحب للوطن بجميع أطيافه .