المقالات و التقارير > تمارس ضغوطا لتغليب الحل العسكري على الدبلوماسي في أزمة مالي

تمارس ضغوطا لتغليب الحل العسكري على الدبلوماسي في أزمة مالي

لما راهنت الحكومة الفرنسية على مجموعة دول غرب إفريقيا ''الإيكواس''من أجل الدفع بخيار الحل العسكري في شمال مالي، ردت الجزائر بعقد قمة لوزراء خارجية بلدان المغرب العربي، الذين دعموا الخيار السياسي. كانت تلك مجرد بداية ''معركة استقطاب'' تطال المنظمات الإقليمية، فدخلت منظمة الفرنكوفونية على خط الفرنسيين، وبقي رهان الجزائر على واشنطن، وقبلها روسيا والصين.
لم يترك الدبلوماسيون الجزائريون، في الأشهر القليلة الماضية، أي منبر دولي لتسويق مقاربة الخيار التفاوضي في أزمة شمال مالي، للبقاء في موقع ''تنافسي'' مع طرح آخر يجد من يدعمه داخل منظمات إقليمية في إفريقيا، ويتوخى التدخل الخارجي بنشر مقاتلين أفارقة، تحت غطاء أممي لإعادة السيطرة على شمال مالي. وبرغم ''مغازلة'' وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، للموقف الجزائري، خلال تواجده في العاصمة الجزائر قبل أسابيع، إلا أن ذلك لم يخف خلافا حادا لمنظور الحل في مالي الموبوءة بواقع السلاح وتعطل الحياة الدستورية. وكان جليا تخبط الرئيس المالي المؤقت ووزيره الأول بين موقفين طيلة الأشهر الأخيرة، تارة يدعو للتفاوض، وتارة يبعث برسائل للأمين العام الأممي للموافقة على نشر قوات عسكرية. ويعكس ذلك حدة الضغوط و''عدم تحرر ''الموقف الرسمي المالي، فهو ميال حينا لموقف باريس، وحينا آخر لدول الساحل، الذي تشارك فيه بلاده مع الجزائر وموريتانيا والنيجر، فيما يعرف بـ''دول الميدان''.
وتجد ''معركة الاستقطاب'' موطئ قدم عبر المنظمات الإقليمية الإفريقية، قياسا لتمتع فرنسا بنفوذ واسع لدى الدول ''المستعمرات القديمة''، المؤثرة في تلك المنظمات. وقد برز موقف مجموعة غرب إفريقيا، الذي تقوده كوت ديفوار التي استفادت من دعم فرنسا في إزاحة نظام غباغبو، والتي تكنّ ولاء للرغبة الفرنسية في حل المشكلة سريعا عبر المجابهة العسكرية، وكان تأثير كوت ديفوار والسنغال قويا على المجموعة، وكذلك بوركينافاسو التي بدأت تستقبل معدات عسكرية ثقيلة من فرنسا، ربطت وكالة الأنباء الفرنسية بين وصولها هناك وبين ترقب اللحظة الصفر لإطلاق عمليات مسلحة. ولحقت المنظمة الدولية للفرنكوفونية، برغم مهامها الثقافية، بركب المؤيدين لتدخل عسري سريع. وقال أمينها العام، وهو الرئيس السنغالي السابق عبده ضيوف، إن ''الطريقة العسكرية هي الوحيدة المتاحة لتسوية المشكلة في شمال مالي، وأضاف ''لا خيار أمامنا. أسمع أناسا يرفضون تدخل قوات أجنبية، ولكن لا خيار أمامنا. يجب أن نكون جديين''. ويضاف موقف منظمة الفرنكوفونية لمحاولات نجحت في إخراج تنديد منظمة اليونسكو من سياقها، وجعلت مطالبها بحماية الموروث الإسلامي في البلاد دافعا لتسريع جر القوات.
ولجأت الجزائر، في لعبة ''الشطرنج'' حول مالي، إلى الاتحاد المغاربي، الذي دعم خطوات الحل التفاوضي، ورافعت لنفس التوجه داخل حركة عدم الانحياز، وأيضا بالجمعية العامة للأمم المتحدة، وقبل ذلك نظمت لقاءات مع سفراء روسيا والصين والولايات المتحدة الأمريكية، توقعا لأن يبلغ التجاذب حول الملف في حال دخل أروقة مجلس الأمن درجة استخدام ''الفيتو''. وقد نجحت في إقناع قائد ''أفريكوم''، الجنرال كارتر هام، بجدوى الحل السياسي، وقبله الأمين العام الأممي، بان كيمون، الذي حذر من مغبة التدخل العسكري الذي سيحدث مأساة إنسانية في المنطقة.
ورغم الوصف بـ''السطحية'' لبعض القراءات التي تربط بين تحمس باريس للتدخل وبين مصالح إستراتيجية في شمال مالي والنيجر، إلا أن محللين يصرون على هذه القراءات، اعتبارا من دفاع الحكومة الفرنسية على مصالح شركة ''أريفا'' في النيجر. وحاليا تدفع فرنسا رئيس النيجر من أجل التسريع باستغلال منجم ''امورارن''، الذي يتوقع أن ينتج خمسة آلاف طن من اليورانيوم سنويا، ما يمكن فرنسا من تحقيق احتياجاتها الطاقوية كليا أمام المنافسة الشرسة للصين في تلك المنطقة. وترى باريس، في خيارها العسكري بمالي، عودة لتثبيت أقدامها في هذا البلد، بعد سنوات من جمود علاقاتها مع باماكو في عهد توماني توري، عقب طرد العمال الماليين من فرنسا وتشديد إجراءات التأشيرة عليهم، ولم تضع في سبيل استرجاع ذلك أي حسابات لمصير رهائنها المحتجزين لدى القاعدة في الساحل.

المصدر: الخبر


Navigate through the articles
Previous article برنار ليفي يقرع طبول ''الربيع الجزائري'' إبراهيم شكري Next article
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع