المقابلات و المؤتمرات > الغرب كان یعد الثواني لوجود الرئیس المصري محمد مرسي في طهران

الغرب كان یعد الثواني لوجود الرئیس المصري محمد مرسي في طهران

امواج التغییر العاتیة وصلت الی ساحل النیل لتقضي علی قصر فرعون، وبعد عودة الامور الی حالتها العادیة وبعد هدوء الامواج، تم تشكیل حكومة جدیدة في مصر، وفي اول خطوة لهذه الحكومة تم توجیه الدعوة للرئیس الایراني للمشاركة في الاجتماع الرباعي الذي یضم مصر، تركیا، السعودیة وایران لمعالجة الازمة السوریة.
واعقب ذلك زیارة الرئیس المصري الی ایران وهي اول زيارة له لكي یسلم رئاسة حركة عدم الانحیاز الی نظیره الایراني.
وفي اعقاب هذه الزیارة اعلن وزیر النفط المصري اسامة كمال علی استعداد مصر لشراء النفط الایراني وقال: ان لقاء الرئیسین الایراني والمصري في طهران على هامش قمة عدم الانحیاز ستفتح ابواب التعاون الواسعة بین البلدین..

هذه التصریحات اثارت غضب واستیاء العالم الغربي بحیث وصل الحال بهذا العالم الی الشعور بالقلق من تبعات الزیارة، وكان الغرب قد عمل علی ثلاثة مراحل للحیلولة دون قیام الرئیس المصري بزیارة ایران وهي قبل الزیارة وخلالها وبعدها، وقبل الزیارة قام الغرب بنشر العدید من الاشاعات والاخبار الكاذبة من ان الرئیس محمد مرسي سوف لا یزور ایران، وبعد تنفيذ الزیارة بدأ الغرب یعد الثواني لها، واكدت وسائل الاعلام الغربیة بان محمد مرسي لایبقی سوی ساعات معدودة في طهران وذلك للایحاء بعدم اهمیة هذه الزیارة، وبعد انتهائها ذهبت وسائل الاعلام الغربیة الی القول: ان زیارة محمد مرسي الی طهران لن تسفر عن اقامة العلاقات الدیبلوماسیة مع ایران، في حین ان هذا الموضوع لم یكن مندرجاً في جدول اعمال الزیارة.

ورغم كل ذلك فان زیارة محمد مرسي الی ایران تعد اكثر من خطوة واحدة الی الامام وعلی الرغم من عدم اقامة العلاقات الدیبلوماسیة بصورة كاملة بین البلدین، الا انه تم اتخاذ العدید من الخطوات المهمة في هذا المجال وخیر دلیل علی ذلك هو مشاركة حسین امیر عبداللهیان مساعد وزیر الخارجیة الایراني للشؤون العربیة في الاجتماع الرباعي الذي انعقد في القاهرة لمعالجة الازمة السوریة والتي عقدت بمشاركة رباعية مصر، السعودیة، تركیا وایران، واليوم هناك اهتمام كبير بالحديث عن العلاقات الایرانیة- المصریة..

وفي هذا السياق كان لـ محمد خاكي نهاد مندوب صحيفة ايران هذا الحوار الخاص مع رئيس مكتب رعاية المصالح الايرانية في مصر مجتبى اماني:

 لقد تغیر النظام السیاسي في مصر، وبطبیعة الحال ومع تغییر النظام تتغیر السیاسات الخارجیة للدول، وعلی سبیل المثال كانت ایران قبل انتصار الثورة الاسلامیة فيها صديقا للكیان الصهیوني الغاصب للقدس، الا انها وبعد انتصار الثورة الاسلامية قامت بالقضاء على الوجود الاسرائيلي واغلقت سفارتها واقامت وافتتحت في طهران اول سفارة لفلسطین في العالم، ومع ذلك وعلی الرغم من تغییر النظام في مصر الا اننا لم نشهد تغییراً سریعاً في سیاسة مصر الخارجیة حیال ایران، تری ما هو السبب في ذلك؟

 لقد اشرتم الی تغییر النظام في مصر وضربتم مثلا علی ذلك وهو ماحدث في ایران بعد الثورة الاسلامیة، ویمكن القول هنا بانه یمكن ان یكون هناك اختلاف في وجهات النظر فیما یتعلق بمفهوم تغییر النظام.

ومن جهة نظري لایمكن مقارنة الثورة الاسلامیة في ایران مع الثورة المصریة، او مع ثورة اكتوبر في روسیا او مع الثورة الفرنسیة، اذ لكل بلد ظروفه واوضاعه الخاصته به، وخلافاً للثورات التي حدثت في ایران وروسیا وفرنسا، فان تغییر النظام في مصر تم بصورة تدریجیة، اذ ان طبیعة الشعب المصري هي طبیعة متعادلة ومحافظة ویرفض الحركات المتطرفة.

ان مصر بحاجة ماسة الی المساعدات الاقتصادیة الخارجیة، ان مصر باعتبارها اكبر بلد عربي وهي ذات مكانة مهمة، واي تغییر في سیاستها الخارجیة سیؤدي الی قلق عند البعض والارتیاح لدی البعض الآخر.

ان السیاسة المصریة الخارجیة معقدة الی درجة بحیث اذا ما تحرك عنصر واحد، فان جمیع العناصر الاخری تتحرك ایضاً سواء في المنطقة او خارجها، والآن واذا ما تم التقارب بین ایران ومصر فان جمیع المعادلات الاقلیمیة التي یعول علیها الغرب بصورة خاصة  ستشهد تغییرات واسعة.

 بصورة عامة هل یمكنكم ان تشیروا الی اسماء بعض الدول التي تبدي قلقاً كبیراً من اقامة العلاقات بین ایران ومصر؟

 ومما لاشك فیه ان مثلث امیركا واسرائیل والسعودیة لهم حساسیة خاصة حیال اقامة العلاقات بین ایران ومصر، وهذه الدول وبسبب مجاورة مصر للكيان الاسرائيلي في فلسطين المحتلة یبدون حساسیة كبیرة جداً حیال اقامة العلاقات بین ایران ومصر، اذ ان ایران تضع القضیة الفلسطینیة في اولویات سیاساتها الخارجیة.

ففي عهد مبارك شن الكیان الصهیوني عدواناً علی غزة، وحصل هذا الكیان بتعهد بالتزام مبارك بالصمت، اذ ان الصهاینة كانوا یعتقدون بانهم سیقضون علی حركة حماس والمقاومة، كما ان الاوروبیین وبعد مضي اسبوعین علی هذا العدوان كسرت صمتها واعلنت بانه لا یمكن غض النظر عما یجري ورغم ذلك ورغم هذا الموقف الاوروبي، فان مبارك ظل متمسكاً بصمته وسكوته.

القوانین والاحكام في مصر خلال الفترة من سقوط مبارك ووصول محمد مرسي الی رئاسة الجمهوریة، كانت قد وضعت من قبل نظام مبارك، كما ان المجلس الاعلی للقوات المسلحة الذي حكم البلاد بعد سقوط مبارك، كان یأخذ التوصیات والاوامر من حسني مبارك، ولذلك لا یمكن مقارنة الثورة المصریة الهادئة والبطیئة السیر بالثورات الاخرى كما في ایران وروسیا وفرنسا.

ان معنویات الثوار والحكام في مصر كانت تسیر في طریق التعامل مع بعض، وكان كل طرف یجاري الطرف الآخر، وكل منهما كان یبدي الانعطاف والمرونة والابتعاد عن التطرف، وبموازات هذه المرونة، فاننا شاهدنا تغییرات تمت خطوة بعد خطوة في سیاسة مصر الخارجیة والداخلیة، وانا لا ارید القول هنا بان هذا المسار كان بطیئاً او مرناً او جیداً او سیئاً، غیر ان بعض النخب في مصر ابدوا عدم ارتیاحهم لهذا البطء، كما ان البعض الآخر یذهب الی الاعتقاد: بان هذا البطء في انجازات الثورة هي حالة اضطراریة، اذ ان الثورة المصریة كانت تفتقد للقیادة ولم تكن هناك مؤسسات ذات تفكر ثوري قائم علی مصداقیة الثورة، وعلی سبیل المثال: فان مجلس الشعب الذي تم تشكیله بصعوبة من قبل الثوار وكان یمثل رأي الشعب تم حله بقرار صدر من احدی المحاكم.

  هل تعتقدون بوجود ضغوط خارجیة سواء كانت امیركیة او سعودیة علی مصر لمنعها من اقامة العلاقات مع ایران؟

 ان لمصر علاقات والتزامات في سیاستها الخارجیة، وتغییر هذه العلاقات او الالتزامات سیأخذ وقتاً طویلاً نظرا لاعتبارات معنویة ونحن نشعر ونلمس الضغوط التي تفرض علی مصر، وفي داخل كيان الاحتلال الاسرائیلي كان هناك اعتقاداً سائداً بانه في حالة قیام اسرائیل بمهاجمة غزة، فانه من المستبعد جداً ان تفتح علیها جبهة حربیة من الجبهة الغربية اي من ناحیة مصر، وبهذه الصورة فاذا كان لایران علاقات حسنة وودیة مع مصر، فان اسرائیل  ستشعر بقلق شدید.

  قبل انعقاد قمة دول حركة عدم الانحیاز في طهران وخلال انعقادها، ذهب بعض المسؤولین الرسمیین والمحللین للقول بانه مع زيارة محمد مرسي الی طهران سيتم ازالة جمیع العوائق التي تحول دون اقامة العلاقات بین البلدین، تری هل ان هذا الامر من الممكن ان یحدث؟ وبصورة عامة كیف تقیمون زيارة محمد مرسي الى طهران؟

 ان مشاركة الرئیس المصري محمد مرسي في اجتماع قمة عدم الانحیاز شكلت فرصة مناسبة له لان یلقي كلمة في ثاني اكبر منظمة عالمیة لیشرح فیها وجهات نظره واهداف الثورة المصریة، وبالنسبة لایران فان هذا الحضور كان مهماً ایضاً، اذ ان رئیس جمهوریة اكبر دولة عربیة وممثلاً للثورة المصریة یزور طهران بعد قطیعة استمرت 33 عاماً وقام بتسلیم رئاسة حركة عدم الانحیاز الی ایران، كما ان محادثات الرئیسین الایراني والمصري علی هامش هذه  القمة سجلت خطاباً مهماً للعالم.

وبصورة عامة فان زیارة محمد مرسي لایران سجلت خطوة للتقریب بین ایران ومصر، وعلی الرغم من ان موضوع تطبیع العلاقات بین البلدین لم یكن مدرجاً في جدول الاعمال، غیر ان هذه الزیارة تركت تبعاتها الایجابیة للوصول الی ذلك الهدف.

  العدید من الاطراف في المنطقة ومن خارجها قاموا بالعدید من التحركات للحیلولة دون  زيارة مرسي لطهران، وانهم وحتی بعد فشلهم في محاولاتهم تلك راحوا یشیرون الی عدم جدوی الزیارة وعدم اهمیتها، كيف تنظرون لذلك؟

ان اعداء الشعبین الایراني والمصري بذلوا العدید من المحاولات كي لاتتم زیارة مرسي الی ایران، اذ ان تقارب بین هذین البلدین سیؤدي الی تغییر الموازین في المنطقة، وتلك الاطراف اشاعت بان محمد مرسي لن یزور طهران.

كما ان صحیفتي الشرق الاوسط والحیاة السعوديتين خرجتا بعنوان كبیر بان محمد مرسي لن یزور طهران، كما ان حضور الرئیس المصري في طهران كان مثیراً للحساسیة الكبیرة لدی الكیان الصهیوني، اذ انهم راحوا یعلنون ساعة وصول محمد مرسي الی طهران وقالوا: بانه لن یبق سوی اربعة ساعات فقط في طهران، في حین انه بقي اكثر من ثمانیة ساعات، اذ انه وبالاضافة الی الكلمة التي القاها في قمة عدم الانحیاز وتسلیم رئاسة القمة الی ایران كانت له محادثات جیدة مع الرئیس احمدي نجاد.

ومع ذلك فان الصهاینة صعدوا من توقعات الزیارة وقالوا ان زیارة مرسي الی طهران لم تسفر عن اقامة العلاقات الدیبلوماسیة بین البلدین، وبهذه الوسیلة اراد الصهاینة الایحاء بعدم جدوی الزیارة، في حین ان مسألة تطبیع العلاقات بین البلدین وكما اسلفنا لم يكن مدرجاً في جدول اعمال الزیارة، بل الهدف الاساس منها هو تسلیم رئاسة حركة عدم الانحیاز الی ایران وتم هذا العمل بصورة جیدة، ومن ثم اجری مرسي واحمدي نجاد محادثات جیدة مع بعض.

وبصورة عامة فانه یمكن القول ان سیاسة تلك الاطراف وبالدرجة الاولی كانت تهدف للحؤول  دون قیام محمد مرسي بزیارة طهران وثانیاً رفع مستوی التوقعات لهذه الزیارة وبالتالي الایحاء بعدم جدوی الزیارة.

  باعتباركم ممثلاً لایران في مصر تری كیف تقیمون وجهات محمد مرسي حیال ایران؟

 ان وجهات نظر محمد مرسي حیال ایران والتي اشار الیها مرات عدیدة في حملاته الانتخابیة، كانت متغایرة تماماً لوجهات ومواقف النظام المصري السابق، اذ انه اشار مرات عدیدة الی ضرورة اقامة العلاقات مع كافة دول المنطقة ومنها ایران كما انه اشار الی ضرورة وجود توازن في المنطقة، وبطبیعة الحال هذا لایعني بان وجهات نظرنا متطابقة في جمیع المواضیع، وعلی سبیل المثال فان وجهات نظر البلدین متباینة حیال الاوضاع في سوریا، وهذا امر طبیعي، الا انه یمكن للموضوع السوري ان یفتح فصلاً جدیداً للتعاون بین ایران ومصر، وان اقامة العلاقات بین البلدین سیأخذ بعض الوقت.

  ما طرحه مرسي علی الرئیس احمدي نجاد في اجتماع مكة لتشكیل مجموعة رباعیة تضم ایران مصر، السعودیة وتركیا لمعالجة الازمة السوریة الی اي مرحلة وصل هذا الاقتراح في الوقت الحاضر، وما هو الموقف الرسمي للمسؤولین الایرانیین بهذا الشأن؟

 الحكومة المصریة تقدمت باقتراح ولنا حیال هذا الاقتراح وجهات نظر مكملة واصلاحیة، ونحن نبذل جهودنا لالحاق وضم بعض الجوانب التي لم تطرح في الاقتراح لتكمیله، وعلی سبیل المثال فاننا نری بان مشاركة بعض الدول الاخری مثل العراق باعتباره رئیساً للجامعة العربیة وفنزویلا باعتبارها رئیسة لتروكیا حركة عدم الانحیاز، یمكن ان یكون مفیداً، وان الدكتور صالحي وزیر الخارجیة اشار الی هذه المسألة، وبالاضافة الی ذلك عقد اجتماع ثنائي للبلدین علی مستوی مساعدي وزراء الخارجیة، وسجل هذا الاجتماع بدایة جدیدة ومهمة للتعاون لمعالجة الازمة في سوریا، والمهم هنا هو ان الدول المذكورة یمكنها الوصول الی وجهة نظر واقعیة بشأن الاحداث في سوریا، ان ایران وبما لدیهما من علاقات جیدة مع مختلف الاطراف، یمكنها ان تلعب دوراً مهماً لانهاء الازمة في سوریا، وهذه هي ارادة ایرانیة- مصریة بشأن الازمة المذكورة.

  ان مصر كانت من جملة الدول المؤسسة لحركة عدم الانحیاز، الا انها ومن خلال سیاستها الخارجیة الانفعالیة في عهد مبارك، فانها لم تتمكن من اعطاء هذه الحركة زخماً قویاً في السیاسة الدولیة، والیوم وبسقوط نظام مبارك كیف ترون علاقات الحكومة المصریة الجدیدة مع حركة عدم الانحیاز؟

 بسبب مجاورة مصر لكيان الاحتلال الاسرائيلي، فان امیركا واسرائیل لم یكن یرغبان بان یكون لمصر اي دور دولي ومؤثر لمصر، وعملا لان یكون لمصر تواجد باهت وضئیل في الساحة الدولیة، غیر ان القرائن والشواهد الموجودة حالیاً تشیر الی ان الحكوم المصریة الجدیدة زادت من اهتمامها بحركة عدم الانحیاز، وان هذا الاهتمام سیوفر الارضیة اللازمة لیكون لمصر دور في الساحات الدولیة وهو دور كان النظام السابق یحول دونه، غیر ان الحكومة المصریة الجدیدة تولي اهتماماً كبیراً لهذا الدور، ومع الاخذ بنظر الاعتبار من ان ترویكا عدم الانحیاز تشمل ایران، مصر وفنزویلا، فانه من الممكن ان یكون لمصر دوراً ایجابیاً اكبر في دفع حركة عدم الانحیاز الی الامام.

المصدر: البديع


Navigate through the articles
Previous article أغلبية البرلمان القادمة للإسلاميين
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع