منحت عواصم غربية للجزائر مهلة قصيرة على أمل أن تجد فرصة لإيجاد حل تفاوضي في مالي، وذلك إلى غاية الجلسة التي سيعقدها مجلس الأمن الدولي بعد أيام قليلة، وقوبل ''إلحاح'' الحكومة الجزائرية على تقويض التدخل العسكري، الذي يبدو أنه بات مدعوما من الأمريكيين وليس الفرنسيين فقط، بفرصة مدتها أياما تتزامن والاستعدادات العسكرية، فإن فشلت المساعي الجزائرية يبدأ نشر القوات مباشرة.
أفادت مصادر لـ''الخبر'' بأن الزيارة ''المفاجئة'' للوزير المنتدب المكلف بالشؤون الإفريقية والمغاربية عبد القادر مساهل إلى موريتانيا ومالي والنيجر، والتي اختتمت مساء أول أمس، كانت على علاقة بنتائج مفاوضات جرت بالجزائر مع وفود مثلت حركتي ''أنصار الدين'' و''حركة تحرير أزواد'' حول صيغة تفاوض محتملة مع الحكومة المالية تتضمن تنازلات من الطرفين حول تسيير البلاد في المرحلة المقبلة دون تجاوز حدود ''الوحدة الترابية لمالي''.
وتبدو زيارة عبد القادر مساهل إلى دول الساحل الثلاثة المجاورة، قد حققت أهدافها على المستوى السياسي، لكن افتقار حكومة مالي لـ''سيادة'' كاملة على مواقفها قد تعرقل المبادرة الجزائرية المحصورة بسياق زمني ضيق، وتستعجل فرنسا نشر القوات، ويعتقد وفقا لمصادر تابعت زيارة عبد القادر مساهل قبل أيام إلى باريس، أن الحكومة الفرنسية منحت ''الحل التفاوضي'' فرصة لا تتجاوز يوم انعقاد جلسة مجلس الأمن المقبلة، والتي ستقرر نشر قوات إفريقية بدعم فرنسي سياسي ولوجستي، وبالتالي فإن فرص الحل السياسي تبقى قائمة بالتوازي مع عملية الاستعداد لنشر القوات العسكرية.
وتفيد مصادر مقربة من محيط الوفد الذي شارك في زيارة مساهل للعواصم الثلاث أن المبادرة التي حملتها الجزائر لقيت موافقة سياسية، لكن الوفد وضع في نفس الوقت ترتيبات تأخذ في الحسبان فشل الحل التفاوضي بسبب قصر الفترة الزمنية نحو جلسة مجلس الأمن، والترتيبات أمنية عسكرية بالأساس داخل المنظومة الجاهزة للقيادة العسكرية الموحدة، وتقضي بنشر قوات عسكرية عبر الحدود المشتركة في البلدان الثلاثة وجميعها تشترك مع مالي عبر شريط حدودي بآلاف الكيلومترات.
ولاحظت وزارة الخارجية ووزارة الدفاع الوطني، أن تنفيذ عمليات عسكرية فوق الأراضي المالية بات مسألة وقت فقط بعد تمكن الفرنسيين من استمالة الموقف الأمريكي وإن على المستوى السياسي فقط قياسا لترويج الأمريكيين في الأسابيع الأخيرة دعمهم للمبادرة الفرنسية دون مشاركتهم فيها.
وسألت ''الخبر'' بن عمار مصطفى سفير الجزائر السابق في مالي، في السنوات الأخيرة لحكم هواري بومدين والسنوات الأولى لحكم الشاذلي بن جديد، عن المقاربة الجزائرية المطروحة للحل في مالي، فقال ''المقاربة التي تقدمها الجزائر عبر الوزير المنتدب عبد القادر مساهل صائبة إلى أبعد حد''، وشرح السيد بن عمار يقول ''وقوف الجزائر إلى جانب الحوار مع التوارق الماليين هو طرح أمثل لمجابهة مساعي الأوروبيين في إقحام الجزائر في معركة ضدهم، وبالتالي وضعها في صورة محرجة أمام التوارق الجزائريين''.
ويلاحظ السفير السابق للجزائر في باماكو، أن فكرة الحل التفاوضي الذي يعتمد التوارق طرفا ثانيا بالإضافة للحكومة المركزية، قد تثمر نحو حل مثالي بإشراك ''التوارق التماشق والأزواد الذين تتقاسمهم مالي والجزائر في الحكم، وفقا للصيغة المتفق عليها، وقد تكون توزيعا للمسؤوليات بين الرئاسة والحكومة والبرلمان، أو صيغة المحافظة مثلما كان حال مدينة غاو قبل سنوات طويلة''.
ويراهن الوزير عبد القادر مساهل على اجتماع أخير لمندوبي المجموعة الدولية في العاصمة المالية باماكو يوم 19 أكتوبر الجاري، كفرصة للاتفاق على إستراتيجية مع مالي ومع بلدان المنطقة حتى يحصل تطابق في وجهات النظر، والاتفاق قد يكون في صالح الحل التفاوضي في حال ثبتت كل من مالي صاحبة الشأن ودول الطوق عشرة أيام أخرى على موقفها المعلن بدعم خارطة الطريق هذه.
الخبر
Navigate through the articles | |
بطانة السوء | تـوقـع نمـو بنسبـة 2.6بـالمائة في 2012 في الجزاير |
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع
|