تحت عنوان "سيناء... بأي ذنب
أهملت"، كتب عبدالرحمن المراكبى على مدونة " نبض القلم"، عن سيناء الحلم الذي عاش
عليه أجدادنا وظل يداعب قلوبهم عدة أعوام، وتحدث عن زيارته الى سيناء ضمن قافلة
"أكاديمية الداعية المعاصر"، وعن صدمته بأحوال أهل سيناء.
وفيما يلي ما نشرته المدونة:
"سَيْناء.. حلم عاش عليه أجدادنا، وظل يداعب قلوبهم عدة أعوام، كانوا ينتظرون يومًا
تشرق فيه الشمس، وعلَم مصر يُرَفْرِف على أرض الفيروز، كانوا ينتظرون هذا اليوم؛
ليبدؤوا التنمية الحقيقية، ويستخرجوا كنوز سَيْناء من أرضها، كانوا يحلمون بيوم
يرون فيه المصانع العملاقة على هذه الأرض المباركة؛ لتستغل الموارد الطبيعية بها
بدلاً من تصديرها بتراب النقود، ضحَّى الآباء والأجداد بالغالي والنفيس من أجل
استعادة سيناء، وقدَّموا أرواحهم فداء لها، توالت الأيام وتحقَّق الحلم، وعادت
الأرض، وحدث ما لم يكن يتخيَّله بشر، أُهملتْ سيناء طوال سنوات العهد البائد، ولا
أدري بأي ذنبٍ أهملتْ، أُهمِل أبناؤها؛ فلا تعليم، ولا خِدمات، ولا أمن (سوى في
منتجعات الجنوب)، وتحولتْ سَيْناء إلى عشوائيات، وكأنها أرض خارج حدود مصر، وهكذا
عانتْ سَيْناء من التهميش والإقصاء على جميع المستويات.
منذ أيامٍ ذهبتُ إلى سَيْناء ضمن قافلة "أكاديمية الداعية المعاصر" المنطلقة
بالتعاون مع وزارة الأوقاف؛ من أجل الحوار مع إخواننا هناك حول وسطية الإسلام، وفي
منتصف الطريق مررنا "بكوبري السلام" الذي يعلو قناة السويس بسبعين مترًا، وأعلى
الكوبري كانت بداية الفاجعة بالنسبة لي، تنظر يمينًا فتجد الحياة الطبيعية والعمار
في الإسماعيلية والقنطرة، وتنظر يسارًا فتجد دماء آبائنا وأجدادنا وقد أصبحتْ
رمالاً صفراء في صحراء جرداء، فتساءلتُ في نفسي: هل هذه سَيْناء؟! وهل ضاعتْ دماء
الشهداء هدرًا؟! ولم أجد إلا أن أدعو على نظام فاسد فعل بسَيْناء ما فعل.
ركبتُ "التاكسي" في سَيْناء، وتناقشتُ مع السائق عن أحوالهم هناك، فإذا به يصدمني
بحديثه عن الفرق بين سَيْناء وقت الاحتلال وبعده، وكيف أنهم كانوا ينعمون في ظل
الاحتلال، وحكى لي بعض القصص التي حدثتْ له حينها، ولسان حاله يقول: ليتنا ظللنا
تحت الاحتلال!
عدتُ من سَيْناء أحمل الهمَّ؛ فكلنا شركاء في المسؤولية تُجَاه إخواننا هناك، لذا
أناشد الحكومة المصرية، بل ورئيس الجمهورية: أن يسعى إلى رفع الظلم الاجتماعي
الواقع على أبناء سَيْناء، وأن يُعِيد النظر في مشروع تنمية سَيْناء، وفي السياسات
المتبعة إزاء أهل سَيْناء، الذين اعتاد الإعلام أن يصفهم ببدو سَيْناء، في حين أنه
يصف سكان أي محافظة بأهل كذا وأهل كذا، على الحكومة ومنظمات المجتمع المدني أن تعمل
على استعادة الثقة المفقودة بين أبناء سَيْناء والوطن، وأن توفِّر لهم أسباب
الاستقرار والاطمئنان، وتتيح الفرصة لهم للتعبير عن احتياجاتهم ومتطلباتهم.
وإذا كانت المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الحكومة، إلا أن أهل سَيْناء لهم دور كبير
في هذا الأمر، فقد أحزنني الطلب المتكرر من إخواني هناك؛ فالكل يقول: "أوصلوا صوتنا
للمسؤولين، نحن نعاني من التهميش"، لذا فإني أقول لإخواني: لكم دور في التنمية،
ولكم دور في المطالبة بحقوقكم بالوسائل المشروعة، وكما يقول المثل الدارج:
"القُفَّة أم ودنين يشيلوها اتنين"، فلا تنتظروا أحدًا يطالب بحقوقكم، ولكن طالبوا
أنتم بها واسعوا في تحقيقها".
Navigate through the articles | |
الجزائر تشدد على السلامة الترابية ومكافحة الإرهاب | مفارقات الفتن..من العبث بالطير إلى العبث بالبشر |
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع
|