المقالات و التقارير > ألا فى الفتنة سقطوا

ألا فى الفتنة سقطوا

خواطرتكسر الخاطر .. مع أنها غير جديره بالتوقف أمامها أوالانشغال بها ومع هذا يوغل فيها أهل الأهواء فتُفتح أمامهم أبواب الضلال ومسالك الشيطان- تلقائياً- على مصارعها ليدخلون من أيها شاءوا ، إلى دركات الهوى وسراديب الضلال .. ففلسفة الضلال قائمة على أمرين إما إفراط في العقل وجعله الحاكم والمهيمن على النص أو تفريط فيه و تعطيله بالكلية .. والصواب- لمن تأمل وتدبر - أنه لا تعارض بين العقل والنقل .. فمُحال تعارض العقل الصحيح الذى خلا من العلل والآثام مع النقل الصريح ، بل يشهد له ويؤيده لأن المصدر واحد فالذي خلق العقل هو الذي أيده بالنقل ، ومن المحال أن يُرسل إليه ما يُفسده ... "فالعقل سابق للشرع ومحقق لمناطه ولكنه غير مُشرع " ومن هنا ينبغي التخلص من غرور الجهل والإعتراف بحدود النفس في مجال المعرفة ، كما قال الإمام على - رضى الله عنه- "غاية العقل الإعتراف بالجهل ومن ادّعى من العمل غايته، فقد أظهرمن الجهل نهايته" والذين يدّعون العلم المطلق يخلطون بين العلم والجهل، ويضلون السبيل، بينما الذين يعرفون قدر أنفسهم يضعون‏ حدّاً واضحاً وخطاً فاصلاً بين ما يعلمون وما يجهلون .. فى خضم هذه الأنواء العاتيه وأمواج تلك الفتن المتلاحقه المتلاطمه يطفو إعلام رجال الأعمال - ووكالات أنباءغسيل الأموال - طفو الزبد الذى يعلو وينتفخ ويبدو رابيا طافيا ولكنه سرعان مايذهب جفاء مطروحا لا حقيقة له ولا تماسك فيه .. هاهم أولاء يتناقض ظاهرهم مع باطنهم , ويتنافر مظهرهم مع مخبرهم . . ترى الواحد منهم وقد أعجبك حديثه , و ذلاقة لسانه , ونبرة صوته , مع تشتت وتفرق شعث نفسه وازدحام جنباته باللدد والخصومة , فلا ظل فيها للود والسماحة , ولا موضع فيها للحب والخير , ولا مكان فيها للتجمل والإيثار . ولتعرفنهم فى لحن قولهم وسوء فعلهم وإنتفاخ أوداجهم وشدة بغيهم فالحق أبلج والباطل لجلج.
يا هؤلاء إتقوا الله ولا تقولوا إلا الصدق"فالصحافة مرآة الحياة " - وهنا مربط الفرس وأخيتة ومكمن الخطوره - فالعالم الخارجي ينظر إلى "مصر" .. فاذا كنتم أفسدتم ماضيها فلا تشوهوا حاضرها بالتركيز على السلبيات وتضخيمها ونثر الحُجب على عقولنا كل عشية وضحاها بما تتناوله تُرهات برامجكم المتهافته . يا عقلاء الأمه : لا تدعون هؤلاء الرويبضة، ممن يملكون ناصية الإعلام، يهرقون ويتحدثون بما لايعرفون ! أتُلدغون مرة بعد مره من نفس "الجُحر" ، وتقفون مكتوفى الأيدى أمام حملات الإقصاء والتهميش والتشويه والترويع، لينتهى بكم المُقام للسحل، والتعذيب، والزج بكم فى غياهب السجون، ويصبح غيركم مع قلتهم وندرتهم هم الأبطال والمصلحين، وهم الغر الميامين؟ أم ستدركون ما قاله مارتن لوثر كنغ: "المصيبة ليس في ظلم الأشرار بل في صمت الأخيار" و أنه كلما تنازلنا لتلك الفئه المنقرضه من العلمانيين والليبراليين في أمر ما، فإنهم يتمادون ، وإذا جاءهم أمر من الخوف أذاعوا به ، فيقولون: ماهى رؤيتكم حول مستقبل العلاقات بين مصر والولايات المتحدة، والموقف من معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل وتسوية مشكلة الشرق الأوسط ، فإن قلتم سنحقق مصلحة الشعب وإختياره، قالوا وبئس ما قالوا : إنها مراوغه، وإن قلتم سنحترم المعاهده، يقولون إنظروا إلى الإسلاميين وقد باعوا القدس، والدم الفلسطينى، الذى سال أنهارا ومدرارا، وإن قلتم لن نحترم تلك المعاهده الظالمه، سيقولون إنظروا إلى قوم حديثى العهد بدروب السياسه سيدخلون البلاد فى أتون وويلات المعارك ، وكأنه ليس هناك إلا هاتين الرذيلتين أو تينك المصيبتين، فهناك من الآراء المعتبره التى ترى : إدخال تعديلات على الكثير من بنود المعاهدة بما يسمح بامتداد السيادة المصرية الكاملة على سيناء لتعميرها من خلال مشروع تنموي شامل،وإبراز دور مصر المحورى فى المنطقه، والتأكيد على أن حماية مصالح المجتمع الدولي مرتبطة بمراعاة مصالح مصر، وليس هناك من أحد ،أكثر إدراكا وفهما للمعاهدات ،والإتفاقيات الدوليه ، والمصالح والمفاسد ، وحقوق سائر المخلوقات ،أكثر ممن تدبر وفقه السيره النبويه المطهره ،ففيها مالا عين من أعين العلمانيين رأت ، ولا أذن من آذان الليبراليين سمعت ، ولاخطر على قلب من قلوب الذين يتكبرون فى الأرض بغير الحق .. فالشرع لم يحرم المفاوضات مع الأعداء والقرآن والسنة والتاريخ خير شهود على ذلك ، و ليس لأحد من المكافحين والمنافحين عن الأمه حجة فى أن يرفض الحوار مع كائناً من كان، فمن ذا الذى يدّعي أنه أكثر غِيرة من رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي حاور كفار قريش سِلماً وحرباً في مكة قبل الهجرة حينما كان الإسلام ضعيفاً, وبعد الهجرة في صلح الحديبة حينما كان قوياً ؟ فماذا نقول لممارسات غلمان الصحافه و إعلام رجال الأعمال، من تحريض وتهييج وإرهاب وإقصاء وكذب وتشويه وتشهير وإثارة الفتن فى فضائياتهم ، و صحفهم المسمومة، التى سخروها قبل الانتخابات وأثناءها، وبعدها للهجوم بضراوة على التيار الإسلامى ، مما دعى بصحيفة مثل «التايم» أن تقول : إن الإسلاميين يعرفون الديمقراطية أفضل من الليبراليين.. فهل يفهمون ؟! إن "الجهل"يختلف عن "الجهالة"، فالجهل : هو فعل الخطأ من غير عمد كما قال تعالى : ( وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم ) سورة الأحزاب آية 5 أما الجهالة : فهى فعل الخطأ مع العمد ، ولذا من عمل سوءاً بجهالة فهو آثم كما قال تعالى :( إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ) سورة النساء آية 17 فأى جهالة تلك عندما يرى المرء ما يدور حولهم بشكل مفارق لحقائق الواقع، فيتسم تناوله للأمور بعشوائية لاعقلانية ، كما نرى ونشاهد الآن ممن يسمون بالنخبه ، الذين يتفيهقون ويتقعرون فى برامج «التوك شو» - التى تزكم رائحتها الكريهه أنوفنا ليلاً ونهارا - ، بنفخهم فى الرماد، إبتغاء الفتنه ،وإبتغاء تأويل كل مايحدث على الساحه بتأويلاتهم المتكرهه الخبيثه ، وكأن مصر العظيمة أصبحت حانة أو كباريه يمارس فيها كل أنواع الفسوق والفجور والشعب المصرى كله مابين مخموريترنح وقواد يبحث عن ساقطه ، كارثة مصر الحقيقية تصب فى هؤلاء النخب السياسية التى عملت على خلط الأوراق ، والأبواق الإعلامية التى عممت التلوث الفكرى وأسهمت فى إفساد الإدراك العام، فبدلاً من مناقشة التحديات الكبرى التى يواجهها الوطن كضبط الأمن وتدهور الوضع الاقتصادى وتحقيق العدالة الاجتماعية والتحديات الخارجية ، تجدهم يبتسرون كل هذه القضايا الخطيرة والمصيرية عن ما يسمى "بحرية المرأه" والحريه لا تعنى فى قواميسهم سوى "المايوه البكينى "وحفلات الرقص الشرقى" ، ويملأون الفضاء المصرى بالضجيج والشجار دفاعا عن "الخنا والفجور "، وأمور لاعلاقة لها بتحديات الوطن وهموم الشعب، منتهى السخف والعبث وعدم المسئولية والتى تكشف عن مدى الخلل وعدم الاتزان والهوس الذى أصاب النخبة التى انفصلت تماما عن الشعب وأصبحت تعيش فى كوكب آخر، هؤلاء أصبحوا عبئاً على الثورة وعلى الوطن!! ايها الشباب : الخيانة واضحة والمؤامرة فاضحة ، فلا تخربوا بيوتكم بأيديكم وأيدى الفئه المارقه .. فتلفظكم أمتكم وتقف منكم موقفا مؤيدا لمن يأخذ على أيديكم ويأطركم على الحق أطرا ، فهناك من يسعى لخلط الأوراق وتعكير الأجواء ،أملاً منه في إيقاف عجلة التقدم نحو الإستقرار ، و التقدم النسبي لأمن مصر ، هناك من أزعجهم نجاح الإسلاميين فى الجولات المتتالية لأول انتخابات حرة ونزيهة في تاريخ مصر على الإطلاق فأرادوا إستبدال الرأى بالسلاح و صناديق الاقتراع بصناديق الذخيرة ، لإستكمال منظومة الترهل والفوضى و إسقاط هيبة الوطن و تهديد أمن وسلامة وحياة المواطن . فى ظل هذه الأجواء المشحونه وتلك الأحداث الجسام التي ينصر الله فيها الحق على الباطل، يعقبها في الغالب تطورٌ سريعٌ للأحداث ، و فرصٌ تلوح أمام المنتصر، يقفز بإقتناصها إلى قمة الظفر والتمكين ، وقد يتردّى بتضييعها إلى أسفل دركات الهزيمة والهوان ، فلماذا نرتضى الدنيه فى ديننا، فنصدر تصريحات ونتخذ قرارات ونفاوض بعقلية وروح هي أقرب إلى روح المستضعف منها إلى روح المنتصر الظافر الممكّن، مما يجعلنا دون مستوى الحدث، فنتردد ونتلعثم ونتخبط فتضيع فرصًا تاريخية لا تكاد تتكرر في عمر الأمة إلا مرات معدودة حتى يرث الله الأرض ومن عليها ، كما قال صلى الله عليه وسلم :" اليوم نغزوهم ولا يغزوننا " ، لقد بدا شباب العمل الإسلامى فى خلع ربقة صفات المهابه والتقديس للقيادات من ذوى الرؤى والتوجهات التوافقيه ، وهو ما كان بمثابة العقبة الكؤود التي حالت دون خروج الكثير منهم فى بداية إنلاع الثوره ، مما أدى إلى أفول نجم البعض منهم من جراء الأخطاء الفادحة التى نجمت عن ضعف الاستقراء أو قلة الحنكة السياسية ، مما يجعل تلك القيادات بين أمرين لا ثالث لهما إما تغيّر موقفهم تحت وطأة ضغط هؤلاء الشباب، أو إنصراف وجوه الشباب عنهم وفقد جزء من رصيد الإحترام والتبجيل لهم من منطلق ما قاله إبن القيم "شَيْخُ الْإِسْلَامِ حَبِيبٌ إِلَيْنَا. وَالْحَقُّ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْهُ" ، هؤلاء إستنكفوا فى الماضى فكرة دعم أحد المرشحين للرئاسه من ذوى الإتجاه الإسلامى ورأوا أن إستبداله بمرشح غير إسلامي ولكنه – على حد جهلهم - وطني نزيه غير معادٍ للمشروع الإسلامي، هو الأفضل فى هذه المرحله ، أهذا هو جل همكم ومنتهى مرادكم ، يا أصحاب الهمم .. ولكن خاب ظنهم وطاش سهمهم وأراد الله لهذه الأمه خيراً بوصول الدكتور / محمد مرسى إلى سُدة الحكم . يا أصحاب القياده والرياده .. إن القائد الناجح ، هو من يتشبث بما قدمه من نجاح ، ثم يطور خطته لتحقيق مكاسب أخرى ، لا أن يولي الأدبار ، ألستم على الحق ، أتظنون أن الأمه سوف تترككم أو تتسامح معكم إن خذلتموها وفوضتم غيركم ، فى إدارة شئون البلاد ، ومطالب العباد ، بعد ما إختارتكم دون غيركم واناطت بكم هذا الواجب .. مالكم كيف تحكمون؟ ، إن كنتم تعتقدون حتى الآن أن قدركم ومنزلتكم فى نفوس أتباعكم ، لم ولن تتغير ؟ يا أصحاب تلك النظريات التوافقيه ،إعلمو أن "دوام الحال من المحال" وإن مرحلة التقليد الأعمى، قد سقطت بسقوط النظام البائد فكلاهما ليس بأقل شرا من الآخر ، فكيف يرضى من لاقى صنوف العذاب والظُلم والقهر والهوان، أن يرضى بالإستضعاف ; بعد أن جعلهم الله أئمة وقادة لا عبيدا ولا تابعين (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ ) فليس من المقبول عقلا أو شرعاً أن يتخلى هؤلاء عن واجبهم حيال أمتهم ، ويدعون غيرهم أن يتمكن من رقابهم ، بناءاً على وعود كالزبد سرعان ماتذهب جفاءاً ، فعلى من يتصدى لقيادة الشعب والتفاوض باسمه أن يلفظ هذه الروح الإنهزاميه ويطلقها ثلاثًا، وأن يجاهد نفسه ويحملها على ذلك حملا، فإن عجز وأبصر بقايا هذه الروح في هذه المرحلة تطفح على السطح بين الفينة والأخرى، فإن علامة الإخلاص أن يعطي القوس باريها، وأن يفوّض غيره للقيادة والتفاوض، وأن يلزم غرزه، عسى الله أن ينفع بكليهما،(قالوا:أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا . قال:عسى ربكم أن يهلك عدوكم , ويستخلفكم في الأرض , فينظر كيف تعملون) إنه الأمل في هلاك عدوهم ، وإستخلافهم في الأرض، مع التحذير من فتنة الاستخلاف، والتنازع والتهافت وتشتت المشارب والمآرب، فهناك من يعيش بعقلية الماضى السحيق ، ولايريد أن يعى هلاك "عدوكم ", في موقف تعجز العقول عن فهمه أو تفهمه ، أو حتى مجرد تصوره وتصديقه، إذ كيف يجاهد هؤلاء ويُبتلون لعقود، طمعا في يوم يرون شرع الله يَحكُم الناس على أرض مصر، فإذا ما أذهب الله ريح عدوهم ، برز من يتبنى تلك الدعوة الإنهزاميه ، بحجج وتصورات ، أوهن من بيت العنكبوت ، ولكن تراجع المتبوع أعسر على النفس، من تراجع التابع ، فهل تستبدلون الذى هو أدنى بالذى هو خير .. إن تكليف الله لكم لحمل تلك الأمانه تشريف وتكريم ومَن وعطاء .. فإن لم تكونوا أهلا لهذا الفضل , وإذا لم تنهضوا بتكاليف هذه المكانة , وإذا لم تدركوا قيمة ما أعطيتم. . فإن الله يسترد , ما وهب , ويختار غيركم لهذه المنة ممن يقدر فضل الله: ((وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ )) [محمد:38]). ومن ثم كان هذا الإنذار أهول ما يواجهه المؤمن وهو يتلقاه من الله بسبب تفريطه وتخاذله في منازل العاملين الصادقين .. إن الخطر عظيم والخطب جسيم ، فليتحسس كل امرىء منا موطئ قدميه - ولايستخفنك الذين لايوقنون – وإذا كانت المعركة الآن بيننا وبين خصومنا عقائديه وسياسية ، فإن التيار الإسلامى هو جذيلها المحكك وعذيقها المرجب .

الشعب الجديد


Navigate through the articles
Previous article أما كانت مصر أولى بذلك؟ ما حكم الشرع في رسالة مرسي لبيريز؟ Next article
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع