التطورات المثيرة في ملف الأزمة المالية وما قيل عن زيارة كاتبة الدولة الأمريكية للخارجية هيلاري كلينتون إلى الجزائر، وما أشيع عن موافقة الجزائر على التخطيط لهذه الحرب، وكذا تحفظها على عدد من المسائل المتعلقة بالتدخل الأجنبي، وعلى رأسها تفتيت وحدة التراب المالي، كلها معطيات تؤكد أن الغرب يدفع بالجزائر إلى المستنقع المالي باعتبارها أهم دولة في المنطقة.
فرنسا لا يمكنها التدخل بجنودها، لأن هذا يكلف الإليزي ثمنا كبيرا مع الرأي العام الفرنسي الرافض لأن يزج فرنسوا هولاند بالجنود الفرنسيين في حرب ميدانها يبعد بـ4000 كلم عن حدودها، والولايات المتحدة الأمريكية غارقة في حرب أنهكتها وأثرت على سلامة اقتصادها، ودول الجوار لا تملك لا العتاد ولا الجنود لملاحقة الجماعات المسلحة المسيطرة على مدن الشمال المالي.
ولم تبق إلا الجزائر التي يبدو أن الغرب يعول عليها في خوض هذه الحرب التي تتعارض مع أهم مبدأ ظلت الجزائر تلتزم به على مدار العقود الماضية وهو عدم التدخل عسكريا خارج حدود التراب الوطني.
ولأن الجزائر ستكون الخاسر الأكبر في أي حرب تندلع على حدودها سواء بما تفرزه هذه الحرب من نزوح للسكان ومن تهريب للسلاح الذي سبق تهريبه من ليبيا إلى شمال مالي، وساهم بشكل فعال في تقوية خصوم الدولة المالية في المنطقة، الذين ما إن استلموا كميات السلاح حتى انقضوا على الجنود الماليين وطردوهم في ظرف أيام.
لذلك فإن الحل الأمثل للأزمة شمال مالي هو الإنصات للطرح الجزائري الذي يرى الشروع في عمل تفاوضي يشرك حركة تحرير الأزواد وحركة أنصار الدين ومحاولة عزل الجماعات المحسوبة على القاعدة وطردها من المدن وإعادة ترتيب المنطقة وفق نظرة تحترم سيادة باماكو مع أخذ حقوق التوارق المشروعة في أي تسوية مستقبلية.
لقد كان للدور المشبوه الذي قامت باكستان في جنوب آسيا آثار كارثية على هذا البلد الذي ساعد الغرب في محاربة طالبان والقاعدة في أفغانستان، فانتقلت هاتان الحركتان المتطرفتان إلى باكستان نفسها وأصبح إقليم وزيرستان تحت رحمتهما لدرجة خاضت فيها باكستان حربا أخرى لطردهما ولازالت تواجه فلول طالبان إلى الآن.
وعليه فإن الجزائر أمامها تحديا خطيرا ولا بد من الإنصات إلى الخبراء وأخذ تحذيراتهم مأخذ الجد ومحاولة الخروج بتصور يعالج الأزمة المالية مع ضمان عدم انتقالها إلى الجزائر
الشروق
Navigate through the articles | |
إطلاق موقع إلكتروني مخصص لأعمال وفكر الراحل محمد أركون | كنيسة الوطن ووحدة الوطن |
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع
|