استخدام الشائعات كسلاح حول
تراجع الاحتياطيات التى تملكها مصر من الغاز الطبيعى للتغطية على تراجع الإنتاج من
الغاز وعلى إبرام صفقات استيراد الغاز من قطر، هو سلاح رخيص.. وأن استيراد الغاز
يجب هنا وحسبما صرح به المهندس أسامة كمال، وزير البترول هو مرتبط بتراخيص الأسمنت
التى وافقت عليها الحكومة، وإن كانت الموافقة جاءت بطريقة الهرولة نحو الاستثمارات
الملوثة للبيئة وباعتبارها تترجم إلى أرقام بالمليارات لإنقاذ ماء وجه الحكومة وعلى
أساس أن مصر تدخلها استثمارات بالمليارات وهى أرقام بلا معنى ولأنها لن تحقق النمو
الاقتصادى الحقيقى الذى يخدم الدولة لاعتبارات عديدة، منها أن صناعات الأسمنت
والأسمدة طالما أنها تتعدى احتياجات الدولة تحقق للمستثمرين أكبر عائدات وليس للدول
التى تقام بها، ومصر التى طرحت 11 رُخصة مؤخرا منها 4 رُخص تم الموافقة عليها و7
رُخص فى الطريق هى ضد منطق الاستثمار الهادف بجانب صناعات الأسمدة وغيرها من
الصناعات الملوثة للبيئة والتى امتصت على مدار السنوات الماضية الكثير من ثروات مصر
من الغاز الطبيعى، فكان طن الأسمنت يحصل على الغاز بأقل من واحد دولار وتتكلف
إجمالى صناعة الطن 150 جنيها ويتم بيعه فى مصر بسعر 500 جنيه بينما كان الأسمنت
والحديد المستورد من تركيا وغيرها يباع فى السوق المحلى بأقل من سعر مثيله فى مصر
رغم أن تكاليف إنتاجه تتم بالأسعار العالمية من غاز وعمالة وخامات يضاف إليها النقل
وغيره من النفقات، وهو ما يعنى أن المواطن المصرى دائما ما يخضع للابتزاز تحت إشراف
ورعاية الحكومات بصرف النظر عن تغير الأنظمة!
لكن المضحك، أن مسئولين كبارًا بالدولة حاولوا التغطية على فشلهم فى تنمية منظومة
الطاقة والاستثمار الحقيقى فى مصر فقالوا إننا نسير فى اتجاه استيراد الغاز وأن قطر
هى الدولة الأفضل من حيث الاستيراد، وأن الاستيراد جاء بسبب تراجع الإنتاج وبدوره
ناتج عن تراجع فى أرقام الاحتياطيات التى سبق أن أعلنتها الدولة والمقدرة بـ78
تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعى!
ولكن محاولة التقليل من شأن ما تملكه مصر من احتياطيات من جانب، وتراجع إنتاج الغاز
الطبيعى من جانب آخر، يجب ألا نضعه فوق كاهل التشكيك فى أرقام الاحتياطيات التى
تملكها مصر وأن نرجع وبأمانة التراجع فى مواجهة الاحتياجات الحالية من الوقود إلى
عوامل منها أن مصر ارتفعت نسبة استهلاك الطاقة بها إلى 14% بينما المخطط دائما لا
يتجاوز 7%. وأن معدلات النمو الاقتصادى لم تزيد على 2.5% فقط! والأسباب الحقيقية
تتجاهلها الحكومة هى أنها أدخلت نظام المحطات الإسعافية فى توليد الكهرباء وأوقفت
الصيانة للعديد من المحطات تحت ضغط مواجهة التزايد فى الاستهلاك مما جعل استهلاك
المحطات من الوقود يزيد إلى 160% من الاستهلاك الطبيعى من جانب، بالإضافة إلى تراجع
الإنتاج من الغاز الطبيعى بشكل مباشر بسبب توقف تنمية الحقول خلال العامين الماضيين
بعد عجز قطاع البترول عن سداد مستحقات الشركات الأجنبية العاملة فى مجال البحث
والاستكشاف والإنتاج، وهو ما دفع عددا من الشركات لتقليص استثماراتها فى مصر ومنها
شركة شل وشركة أباتشى والأخيرة قامت بسحب عدد 11 حفارا منها 4 حفارات من شركة قارون
والباقى من شركة خالدة، بالإضافة إلى تأجيل عمليات تنمية الاكتشافات الجديدة
المتعاقد عليها ومنها مشروعا غرب المتوسط وشمال الإسكندرية.
وإذا كان هناك داخل وزارة البترول من يشكك فى احتياطيات الغاز الطبيعى فيجب أن يجيب
وزير البترول عن تلك التساؤلات.. أين اللجنة العليا للاحتياطيات البترولية والتى
كان يرأسها وزير البترول السابق المهندس عبد الله غراب عندما كان نائبا لرئيس
الهيئة للإنتاج؟ وكانت تعتمد على تقارير تعد بواسطة 35 شركة عالمية ومصرية تعمل فى
مصر وتحدد احتياطيات كل حقل بمفرده، وتضم اللجنة عددا من كبار المتخصصين من
الجيولوجيين ومهندسى الخزانات، وإذا افترضنا أن لبعضهم أهواء فأين الباقون؟ وأين
المؤسسات الدولية التى أيدت تلك الاحتياطيات ومنها وود ماكنزى؟ لأنها مؤسسات تخاف
على سمعتها عالميا ولا تجامل أحدًا وتعتمد على تقارير موثقة من الشركات الأجنبية
التى تضخ استثمارات بناء على دراسات فنية واكتشافات جديدة ودراسات جيولوجية وبحث
سيزمى وعلى أى أساس يتم التشكيك فى الاحتياطيات؟ هل تم حفر آبار استكشافية فى مناطق
الاحتياطيات؟ هل تم عمل بحث سيزمى جديد خلال تلك السنة لتكشف عكس ما كانت عليه؟ هل
وردت تقارير من الشركات العالمية خلال نفس العام تكشف عدم صدق ما أعلن عنه؟ هل أسند
قطاع البترول إلى جهات أخرى عمل دراسات فنية لإعادة تقييم الاحتياطيات وورد عنها
خلاف ذلك؟ وإن كان هناك ما يؤكد عدم صدق أرقام الاحتياطيات فأين أعضاء اللجنة
العليا للاحتياطيات ومنهم المهندس عبد الله غراب وزير البترول السابق، والذى ترأس
اللجنة ومن معه من القيادات بهيئة البترول والقابضة للغازات الطبيعية والقابضة
لجنوب الوادى لنسمع دفاعهم عما سطروه من تقارير؟.
إن مجرد التشكيك فى ثروات مصر يضعف موقفها فى كل المجالات اقتصاديا وسياسيا
واجتماعيا عالميا ومحليا، لأن العالم لا يحترم إلا القوى.. وما يتردد من شائعات على
ألسنة مسئولين لتسفيه من سبقوهم مع كل أسف يجعلنا دولة طاردة للاستثمار.
اليوم السابع
Navigate through the articles | |
يحيرنا النائب العام | الرسالة الى بابا |
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع
|