حسنا فعل رئيس الجمهورية بإصداره إعلانا
دستوريا جديدا.. نعتقد أنه بداية حقيقية لحماية الثورة المصرية من محاولات تدميرها
من قبل بقايا النظام البائد والمفسدين.. وإن كانت تلك القرارات تأخرت كثيرا وعلى
رأسها إقالة النائب العام الذى تترس به الفلول من أجل تقويض مؤسسات الدولة وإشاعة
الفوضى، وعرقلة اللجنة التأسيسية حتى لا يتم إنجاز الدستور أو انتخاب برلمان جديد
والهدف واضح وجلى، هو تعطيل المشروع الإسلامى حتى لا يرى النور.. أيضا إعادة
محاكمات قتلة الثوار قرار جيد، فالقصاص من المجرمين هو البداية الحقيقية لدولة
القانون التى ينشدها الجميع.
لا شك أن حرق مكتب قناة الجزيرة مصر مباشر بميدان التحرير، وما جرَى فى شارع محمد
محمود من تراشق بالحجارة وإحراقٍ للمبانِى، كان نوعا من الفوضَى المتعمدة لتدمير
مصر، وهو هدف ليس ببعيد عن المحاولات المستمرة لإفشال الرئيس وعدم استكمال بناء
الدولة.. يبدو أنَّ مصر مبتلاة بالمتناقضات؛ فكما يوجد وطنيّون يُضَحّون بكل غالٍ
ورخيصٍ من أجل حرية ورفعة بلادهم، فى المقابل يوجد مِن بنى جلدتنا من يبيع ضميره
بثمن بخس مضحيا بأمن واستقرار بلاده من أجل مكسب سياسى أو حفنة من الدولارات.
كنا نتمنَّى أن نتكاتف ونتآزر من أجل استكمال بناء الدولة وإنجاز الدستور لكن البعض
لا يريد شيئًا من ذلك فهو يمارس التربُّص والانتهازية للنَّيل من التيار الإسلامى؛
لأنَّ أحد فصائله يتولَّى سلطة البلاد، وهذا يفتقد أدنَى الأخلاق السياسية والإيمان
بالعملية الديمقراطية وتداول السلطة.
فالانسحابات التى جرت من الجمعية التأسيسية للدستور سواء من الكنائس أو القوَى
العلمانية تعتبر مُخيّبة للآمال، الغرض الأساسى منها هو هدم الجمعية التأسيسية
وعرقلة الدستور وتعطيل المسار الديمقراطى لمصر، بل إنَّ تلك الانسحابات تزيد من
حالة الارتباك والعراك السياسى، خاصةً بعد مطالب الجماهير بتعزيز مكانة الشريعة
الإسلامية فى الدستور.. وهذا الانسحاب ربَّما يؤكد أن الكنائس تتحرك وفق أهداف
طائفية تسعَى لفرض إرادتها على أغلبية الشعب المصرى بإكراههم على قبول دستور يخلو
من حقهم فى الاحتكام للشريعة الإسلامية، رغم أنَّ مسودة هذا الدستور قد أقرَّت بحق
المواطنين غير المسلمين فى الرجوع إلى شريعتهم فى أحوالهم الشخصية.
نحن ننتظر من الكنيسة القبطية أن تقف موقفًا يثبت قناعتها بالديمقراطية واحترامها
للمواطنين المصريين المسلمين وابتعادها عن المواقف الطائفية بما يحقِّق الاستقرار
للوطن، ليتفرغ جميع أبنائه للقيام بمهمة صناعة مستقبل مشرق له.
أعتقد أنَّ التوافق الوطنى أصبح مطلبًا جماهيريًا للخروج من عنق الزجاجة والتفرغ
لبناء الوطن.. كما نطالب الشباب بالالتفاف حول الوطن وعدم افتعال الصدام دون مبرِّر
مع أجهزة الأمن، لأنَّ ذلك يعطى الفرصة كاملة للبلطجية والفلول للعبث بأمن واستقرار
مصر.. أعتقد أن ترسيخ ثقافة الحوار والتسامح أمر مهم جدًا للخروج من حالة العراك
والتناطح التى تسود المجتمع المصرى.
اليوم السابع
Navigate through the articles | |
جدلية الحرب والسياسة.. غزة ومصر | تونسيون في فخّ الربيع العربي وآخرون في فخّ التطبيع |
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع
|