المقالات و التقارير > لن يعترف بجرائم الاستعمار الفرنسي

لن يعترف بجرائم الاستعمار الفرنسي

كشف الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، أنه لن يعترف بجرائم الاستعمار الفرنسي المرتكبة في حق الجزائريين ولن يعتذر عنها، في خطابه اليوم أمام غرفتي البرلمان، وإنما سيقول الحقيقة كما هي، دون أن يوضح أكثر. وترك انطباعا يفيد بأن الرسالة المطلوبة والمنتظرة ستمر عبر استحضاره ووصفه لحقيقة الاستعمار، خاصة وأنه قال بأنه ترك له التعبير عن قناعاته حول مطالب الاعتذار بالأحرف والجمل التي يريد، والتي يراها مناسبة، وأعلن أنه دعا الرئيس، عبد العزيز بوتفليقة، إلى القيام بزيارة دولة إلى فرنسا، معترفا بأن له علاقات متميزة مع الجزائر.
وقال هولاند، في ندوة صحفية نشطها بفندق "الشيراطون" في وقت متأخر من مساء أمس، أنه سيلقي خطابا أمام نواب غرفتي البرلمان، يتناول فيه الحقيقة حول الاستعمار الفرنسي، وخاصة حرب الجزائر، والذاكرة المجروحة، وفق المفردات التي يراها مناسبة، ملمحا إلى أن السلطات العمومية بالجزائر تكون قد فضلت عدم إحراجه في هذا الشأن، وتركت له اختيار العبارات والكلمات المناسبة، حيث يجتهد لعدم إغضاب الرأي العام في الجزائر وفرنسا، رغم أن الأمر يفرض اختيار موقف واضح. وفي نفس السياق ذكر بأنه تدخل لفتح الأرشيف الخاص حول قضية موريس أودان، تلبية لنداء زوجته الأرملة، وأنه سيزور ساحةموريس أودان، وهو ما يحمل إشارة واضحة في هذا الجانب.
وأضاف بأن علاقات اقتصادية وإنسانية كبيرة ومتنوعة تربط الشعبين، بعضها مفرح وسار وآخر مؤلم، وألمح إلى أن الأمر لا يعني طي صفحة الماضي، وإنما فتح أخرى متفائلة بالمستقبل، بعد مرور 50 سنة على استقلال الجزائر، مشيرا إلى أن الوفد المرافق له يتضمن شخصيات لها علاقات متميزة مع الجزائر، سواء ذات أصول جزائرية أم متعاطفة معالجزائر.
وكما كان منتظرا، تحدث الرئيس الفرنسي عن قضية تيبحيرين، وقال إنه أثارها مع الرئيس بوتفليقة، وهو ما وعد به الرأي العام الفرنسي قبيل زيارته، موضحا أن الملف سيترك للتنسيق بين العدالة في البلدين لتسليط الضوء على وقائعها والذهاب بعيدا في حسمها، دون إشارة إلى التفاصيل، منها الترخيص للقاضي الفرنسي، مارك تريفيديك، للدخول إلى الجزائر.
أما بخصوص إشكالية تطبيق قانون موران الخاص بالتعويض عن الأضرار الناجمة عن التجارب النووية في الصحراء الجزائرية، حيث حرمت شروطه المتشددة الجزائريين من الاستفادة من التعويض، وهو ما حذر منه الخبراء الجزائريون من قبل، أكد هولاند بأنه يجري مراجعة هذه الشروط لتمكين الجزائريين المتضررين من حقوقهم.
ودافع الرئيس الفرنسي عن تجميد مطلب مراجعة اتفاقية 1968 الخاصة بالتأشيرات، واعتبر الأمر مضيعة للوقت، أمام أبعاد "العهد الجديد" في العلاقات الجاري ترقيتها، رغم أن الأمر يكون على حساب الطرف الفرنسي، بما أن الوضع حينئذ لم يكن يعاني من مشكل البطالة كما هو الآن، ودعا إلى حسن تطبيقها بما يخدم مصلحة البلدين وفي شفافية إداريةتامة.
وأبدى هولاند تعاطفا مع تمسك الجزائريين برفض وصول الربيع العربي إلى بلادهم، وتبرير الأمر بحدوث ربيع عربي مبكر وعنيف في التسعينيات، وأن الإصلاحات السياسية آخذة مجراها وستتوج بتعديل الدستور، ولو أن ما وقع في الجزائر أخذ شكلا مغايرا، وأثنى على تماسك الجزائريين والحفاظ على وحدتهم، معتبرا أن نسخ الربيع العربي التي عرفتها دولعربية يفتح الباب أمام الممارسة الديمقراطية.
ونفى هولاند أن تكون زيارته إلى الجزائر والتوصل إلى عقد صداقة وتعاون متميز، يؤسس لعهد جديد، قطيعة مع سياسات الرؤساء السابقين، موضحا أن الفرق هو عامل الزمان المتغير وخمسينية استقلال الجزائر، وأن هذه الفترة كلها تسمح بإلقاء نظرة واعية إلى الوراء وأخرى متفائلة إلى المستقبل. وقال إن فرنسا لا تطلب معاملة متميزة أو مفاضلة، وإنما تعمل لتقديم الأفصل والأحسن ولتكون في خدمة الجزائريين، وكذلك الشأن بالنسبة للجزائر، داعيا إياها إلى فتح صندوق استثماري بفرنسا، على غرار دول الخليج. وأكد أنه يعمل على ضبط ملامح المستقبل مع الجزائر، واعتبر بالمناسبة التوقيع على عقد إنشاء مصنع رونو مكسبا لكل الأطراف، الجزائر، فرنسا والمؤسسة، وأن باريس لم تضغط على إدارة الشركة، خاصة وأن الدولة الفرنسية شريكة، وقال إن الإنتاج سيوجه إلى السوق الجزائرية والقارة الإفريقية ككل.
وفي رده عن سؤال حول تباين الموقف الجزائري والفرنسي من أزمتي سوريا وشمال مالي، أوضح الرئيس الفرنسي أمام حضور إعلامي كثيف بأن الجزائر وفرنسا استثمرتا ثقلهما الديبلوماسي ومصداقيتهما الخارجية لحل النزاعات في العالم، مشيرا إلى أن التوافق حاصل بشأن وساطة المبعوث الأممي إلى سوريا، الأخضر الأبراهيمي، ومساندة الحل السياسي، غير أن فرنسا كان لها تعامل آخر مع المعارضة السورية، في تلميح إلى الاعتراف بأنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب السوري. أما بالنسبة للأزمة المالية، فقال هولاند إن الجزائر تساند الحل السلمي والسياسي من خلال دعم مساعي المفاوضات مع بعضالتنظيمات، وإنها تحارب الإرهاب وتهريب المخدرات والأسلحة، أما التدخل العسكري، فإنمجلس الأمن هو الذي يحسم فيه، في حين تشرف الدول الإفريقية على تطبيقه.
الشروق

Navigate through the articles
Previous article في استفتاء مصر هولاند قادم إلى الجزائر بأيد فارغة! Next article
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع