من واجب كل انسان حر شريف ان یفخر ویتباهی بنتائج الاستفتاء في مصر وبدور الشعب المؤمن المناضل بهذا البلد العظيم في مضمار حماية منجزات ثورة (25 يناير 2011) والحفاظ على مسيرتها التقدمية، على الرغم من جميع الضغوط والمعوقات الداخلية (فلول النظام البائد) والخارجية (الصهيوغربية والخليجية) التي لم تتوقف لحظة من اجل تقويض انتصارات الشعب المصري على مستوى الاطاحة بالدكتاتورية وسیاسات العمالة والخضوع والاستسلام من جهة وترسیخ القیم الدیمقراطیة والمشار?ة الجماهیریة فی صناعة القرار وصون الاستقلال والسیادة الوطنیة من جهة اخری.
فقد سطر المصریون على
اختلاف أطيافهم ومشاربهم امثولة رائعة ،عندما قاموا عبر صناديق الاقتراع
سواء في الانتخابات التي اوصلت الدكتور محمد مرسي الى رئاسة الجمهورية او
الاستفتاء الذي صوتوا فیه لصالح الدستورالجديد، بتدشین مرحلة مصيرية سوف
يبنى عليها مستقبل البلاد، سیما انه ا?د علی ان الشریعة الاسلامیة هی
المصدر الرئیسی للقوانین، مثلما انه خول المسیحیین الاقباط الاحت?ام
لدیانتهم و?تبهم فی هذا الاتجاه، علما ان هذا الدستور منح الاستقلالیة
اللازمة للازهر الشریف، وانتزع من رئیس الجمهوریة صلاحیة عزل امام الازهر.
وكما قيل فان (المستقبل كالميلاد لايمكن تحقيقه الا من خلال آلام المخاض
والتحمل). وبهذا فان شعوب المنطقة والعالم تتطلع بزهو واعتزاز الى (التحول
المصري) باعتباره الارضية الصلبة التي ستنطلق منها عجلة التطورات
والتغييرات الاقليمية والدولية القادمة ،جماهيريا ورسميا، وبما يعيد لـ
(قاهرة المعز والازهر الشريف) دورها الاستراتيجي في الشرق الاوسط والعالم
الاسلامي.
من هنا یم?ن القول ان الطابع الاستفزازي للاطراف التي تعاملت بتشنج او
سلبية او فئوية مع نتیجة الاستفتاء على الدستور، لن يكون ذا تأثير مبالغ
فيه، لان غالبية ابناء الشعب المصري صوتوا بالموافقة عليه بنسبة تعادل 64
بالمئة، وذلك بعد مرحلتين منفصلتین من الاقتراع السري يومي 15 و22 ديسمبر
/كانون الاول 2012
وامام هذه (النسبة المئویة ال?بیرة)، فان من الطبيعي ان يصاب "الفلول"
واعداء (ثور 25 يناير) بالهستريا والرهاب والتزلزل، لان الشعب المصري خيب
بوقفته الواعية والشجاعة آمالهم ، وجعل جميع مساعيهم وتحركاتهم الجهنمية
تذهب ادراج الرياح، وليموت حكام "الملكيات البترولية" بغيضهم بعدما راهنوا
باموالهم واقلامهم وفضائياتهم المأجورة على التشهير بالثورة والثوار
والجماهير املاً في تخويف المصريين من المستقبل، وشحن افكار الرأي العام
الاسلامي والقبطي في (ارض الكنانة) بالهواجس والوساوس والشائعات التي
كانت تعزف على وتر "الاسلام فوبيا"، وتحرض على مناهضة "احتمال اقامة حكومة
دينية في القاهرة".
بيد أن الاستفتاء العام جاء معبرا للحقيقة التي كانت متوقعة وهي؛ ان الشعب
المصري هو اذكى بكثير من الدعايات المغرضة ومموليها ومروجيها، لانه وعى
تطابق اهداف الدستور مع منطلقاته وتطلعاته ومبادئه، وقد اعطى لكل ذي حق
حقه، مسلمين ومسيحيين، ?ما انه كفل الحريات الفكرية والسياسية والاجتماعية
للجميع، وبالتالي فانه قطع الطريق على اعداء الثورة الداخليين والخارجيين
لاشاعة الخلافات والانقسامات، واسقط رهاناتهم المناوئة لسیادة الشعب وتقریر
المصیر والعملیة الدیمقراطیة برمتها، ورمى بها في سلة المهملات.
وازاء ذلك فان من الصعب اعطاء هذا الشعب حقه من التقدير والاكبار والثناء،
لان ملاحمه ومكاسبه وبطولاته فاقت كل التصورات. فقد صان المصریون مسيرة
(ثورة 25 يناير) طيلة العامين الماضيين بكل اشكال الصبر والتحدي والقناعة،
ووثقوا نهضتهم التحررية بأحرف من نور في ذاكرة الامة وشعوب الارض كافة، وقد
وضعت نتيجة الاستفتاء جمیع المواطنین فی هذا البلد امام مسؤولياتهم الوطنية
والعربية والاسلامية والدولية على قدم المساواة، لا تفضيل لاحد على احد.
فی هذا السیاق لابد من التنویه الی مسألة اساسیة وهی انه: مهما كانت
النتيجة فان العملية السياسية الجديدة، لايمكن ان تنكر اهلیة الاحزاب
والتيارات الوطنیة العريقة اوالحديثة العاملة فی الساحة سواء المعارضة منها
ام الموالاة ، لان ثورة 25 يناير هی الوليد الشرعي للحراك الجماهيري
الشامل الذي اخرج مصر من ظلمات التبعية المذلة الى نور الحرية الناجزة.
ومع ذلك یری المحتفون بهذا التحول الباهر وفی مقدمتهم ایران ح?ومة و شعبا:
بأن الواجب الوطني والمبدئي والاخلاقي يلقي على عاتق رئيس الجمهورية السيد
محمد مرسي والاغلبية التي وصلت الى البرلمان والحكومة ومؤسسات الدولة بقوة
اصوات الشعب، مهمة احترام قوى المعارضة والنخب السياسية والدينية
والثقافیة، وضرورة التشاور معها من اجل ان يكون الانطلاق نحو المستقبل
المنشود مستندا الى قاعدة التعاون علی البر والتقوی والوفاق الوطني، بعيدا
عن تلك التاثيرات الحاقدة علی الخيارات النهضوية والثورية المشرفة لابناء
مصر ام الدنيا.
العالم
Navigate through the articles | |
ماذا بعد استفتاء الدستور؟ | الجزائر لم تطلب الاعتذار وفرنسا لم تستجب |
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع
|