المقالات و التقارير > النظام المصرى والحاجة للاستثمار الأجنبى والعربى

النظام المصرى والحاجة للاستثمار الأجنبى والعربى

فى مقال مهم بعنوان" عام صعب.. فهل مصر على شفا الهاوية السياسية"؟ نشره الأستاذ فهمى هويدى فى جريدة أخبار الخليج فى الأول من يناير 2013 أوضح صعوبة الموقف الاقتصادى والسياسى المصرى، وتساءل عن أسباب عدم تقديم دول الخليج العربية مساعدات لمصر، كما فعلت مع المغرب والأردن والبحرين.
وفى التعقيب على هذا المقال نقول إن هناك فوارق ضخمة بين الوضع فى المغرب والأردن وبين الوضع فى البحرين وبين أى من الدول الثلاث وبين حالة مصر ولعلنا نشير إلى أن البحرين جزء من مجلس التعاون الخليجى وواجهت نوعين من التحديات الداخلية والخارجية مما استدعى وقفة من دول مجلس التعاون الأخرى تعبر عن التضامن ويتشابه الموقف لحد ما فى حالة سلطنة عمان.
أما المغرب والأردن فهما دولتان ملكيتان مستقرتان إلى حد كبير وواجهتا نوعاً من التحدى الداخلى تحت تأثير التغيرات فى دول عربية أخرى، وهما دولتان أقرب فكريا وسياسيا إلى دول مجلس التعاون، ولا يسعيان للسيطرة أو فرض نظمها على دول المجلس أو على دول أخرى، ولهذا كان منطقيا أن تأخذ دول مجلس التعاون موقفا أكثر تعاطفا ومساندة لهما، خاصة أن هاتين الدولتين مطالبهما وطموحات علاقتهما مع دول المجلس محدودة وهما يعبران دائما عن الشكر والتقدير بصورة متكررة. لمن يساندها
الحالة المصرية مختلفة ثورة بيضاء ضد نظام فاسد تم السيطرة عليها بطريقة شبه ديمقراطية والسعى لإقصاء الأطراف الأخرى فى الثورة، كذلك تم السعى لإقصاء قطاعات مدنية، ووضع دستور أقل ما يقال فيه، أنه ملتبس فى نصوصه.
وهكذا ظهرت الصورة المصرية فى نظر العالم الخارجى بأنها تمثل حالة من عدم استقرار أمنى، عدم وضوح سياسى لمستقبل الأوضاع، عدم احترام المواثيق والتصريحات التى صدرت من قادة النظام فى سعيهم للسلطة، وهو سعى مشروع، ولكن النكوص عن الوعود والتصريحات، هو مسألة تضعف المصداقية والثقة. وكذلك السعى للتوغل فى أجهزة الدولة الرئيسية من القضاء والخارجية والشرطة والقوات المسلحة وغيرها، وهذه مؤسسات لا يجب أن تعبر عن حزب، وإنما تعبر عن الدولة. والحزب الجمهورى أو الديمقراطى فى الولايات المتحدة عندما يفوز احدهما بالانتخابات لا يمس القضاء، ولا يصدر قوانين للإطاحة بأعضاء المحكمة العليا، ولا بالقوات المسلحة، ولا بالداخلية، أو أجهزة الأمن الوطنى بل أن الرئيس الديمقراطى أوباما عين وزيراً للدفاع ينتمى أصلاً للحزب الجمهورى، لان المصلحة الوطنية العليا تقتضى ذلك.كذلك الديمقراطية الهندية وهى ديمقراطية دولة نامية فأن رئيس المخابرات من المسلمين، ومرات عدة تم تعيين رئيس الجمهورية من المسلمين، رئيس الوزراء الحالى، وهو الشخصية الأقوى فأنه من طائفة السيخ المحدودية فى عددها مقارنة بسكان الهند، ونتساءل هل يمكن فى مصر أن تتولى منصب وزير الخارجية شخصية قبطية أو وزير خارجيتها أو وزير الدفاع أو وزير الداخلية أو رئيس المخابرات العامة أو حتى يتولى ذلك شخصية ذات ثقل ومصداقية لا تنتمى إلى حزب الحرية والعدالة مثل هذه المناصب. هذه هى الديمقراطية الحقة، وليس مجرد الحصول على تصويت عبر صناديق الاقتراع يعطى أغلبية عديدة موضع شكوك وتساؤلات بالنسبة للشفافية الكاملة فى العملية الانتخابية وان يكون الأساس فى العملية الديمقراطية هو مفهوم المواطنة المتساوية. إن الذى قرر فوز الرئيس الأمريكى الأسبق بوش على منافسه آل جور كان قرار المحكمة العليا نظراً لوجود أخطاء فى عملية الفرز جعلت النتيجة متقاربة وموضع شك. والذى قرر فوز الدكتور محمد مرسى على منافسة الدكتور أحمد شفيق كان اللجنة العليا للانتخابات التى تولتها المحكمة الدستورية العليا والتى أقسم أمامها الرئيس مرسى لكى يستكمل الإجراءات القانونية لتولى الرئاسة، ولكن اللجنة التأسيسية التى انسحب أكثر من ثلث أعضائها من غير ذوى الاتجاهات المرتبطة بالإسلام السياسى، قامت بالمساس بالمحكمة الدستورية ووضعت مادة خصيصا للإطاحة بعدد من قضائها، كذلك مادة اجتثاث من أطلق عليهم الفلول وحرمانهم من حقوقهم السياسية لمدة عشر سنوات، وهذا ضد القواعد القانونية المستقرة عالميا وضد مبادئ الإسلام لأن النبى محمد (صلى الله عليه وسلم) عندما عاد فاتحا مكة أصدر عفواً عن كل خصومه الذين ساموا أصحابه العذاب وحاربوهم، وفى مقدمتهم أبو سفيان.
ما حدث ويحدث فى مصر لا يجعل ليس دول مجلس التعاون الخليجى لا تطمئن لمستقبل الأوضاع فى مصر، ولكن تجعل دول العالم، تتساءل مصر إلى أين؟
للأسف نحن كشعب مصر نعانى وعانينا من النظام السابق لفساده وديكتاتوريته ونعانى من النظام الجديد لسعيه لإقصاء الآخر من المصريين، سواء مسلمين أو أقباط، لقد أعجبتنى بشدة خطبة الجمعة للإمام والفقيه يوسف القرضاوى فى الأزهر الشريف ودعوته للتصالح الحقيقى ولكنه تعرض للشتيمة بألفاظ نابية لا تليق من جريدة الأهرام المفترض أنها وقورة، وتعرف مكانة الشيخ القرضاوى، كذلك حدث نفس الشىء مع رمز مهم من الرموز المصرية العالمية هو الدكتور محمد البرادعى، ثم يقوم محامون برفع دعاوى لمحاكمة البرادعى وعمرو موسى وحمدين صباحى وغيرهم ويتهمونهم بالخيانة رغم كونهم شخصيات وطنية مرموقة أياً كانت وجهة نظر أى منا تجاه فكرهم، ولا يستطيع حاكم ديمقراطى أن يقدم خصومه أو منافسيه للمحاكمة، وهاهو الدكتور أحمد شفيق وأمثاله لاجئون فى الخارج، لأنهم لا يثقون فى عدالة المحاكمة فى ظل انتهاك مبدأ العدالة، مثلما فعل الرئيس السابق مبارك عندما قدم أيمن نور وتم سجنه بفضل خضوع البرلمان ورئيسه، ولا ينبغى أن يسعى النظام الجديد لإحياء نظام مبارك الذى ثار ضده الشعب ولهذا برفض الكثيرون تقديم مساعدات لمصر وهكذا نقول إن محاسبة النفس ضرورية قبل توجيه اللوم للآخرين. كذلك من الملفت للنظر هجوم عدد ممن يوصفون بأنهم ينتمون للتيارات المدنية على الشيخ محمد العريفى الذى خطب فى مسجد عمرو بن العاص خطبة بليغة عن مصر ومكانتها مستشهدا بآيات من القران الكريم وأحاديث الرسول وداعيا رجال الأعمال العرب للاستثمار فى مصر. إن هذه الشخصية المتميزة المحبة لمصر ينبغى الاحتفاء بها واحترامها وليس الإساءة إليها.
اليوم السابع


Navigate through the articles
Previous article غير المسكوت عنه في مالي المسار الثورى والعنف السياسى Next article
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع