المقالات و التقارير > أزمة حزب النور مع الرئاسة

أزمة حزب النور مع الرئاسة

لا شك أن المسفيد الأول من تصدّع العلاقة الواضح بين قطبى التيار الاسلامى بجناحيه الأكبر(الإخوان والدعوة السلفية) هو المعارضة الليبرالية وجبهة الإنقاذ بكافة أطيافها ومكوناتها التى إشتركت جميعها فى كراهية التيار الإسلامى بكافة فصائله وتنوعاته وليس جماعة الإخوان المسلمين فقط وإن شئت فقل كراهية أى مظهر أو رائحة للإسلام فى أى جانب من جوانب الحياة على الإطلاق.

قبل أن نخوض فى أسباب الأزمة الحاصلة الآن بين الدعوة السلفية متمثلة فى حزبها(النور) وجماعة الإخوان المسلمين متمثلة فى ذراعها السياسى حزب (الحرية والعدالة) على خلفية أزمة إقالة مستشار رئيس الجمهورية لشئون البيئة د- خالد علم الدين العضو البارز فى حزب النور السلفى, جدير بنا أن نقرأ أولاً الأزمة الداخلية التى يعانيها حزب النور وإنشقاق أبرز قياداته وكوادره( الدكتورعماد عبدالغفور رئيس الحزب السابق والدكتوريسرى حماد المتحدث الرسمى السابق للحزب والدكتور هشام أبوالنصر أمين عام الحزب السابق بالجيزة ومحمد نور مسؤول الملف الخارجى بالحزب سابقاً) الأمر الذى ترتب عليه ظهور حزب سلفى آخر من رحم قيادات النور سالفة الذكر المستقيلة تحت اسم حزب(الوطن) بذات المرجعية السلفية ولكن مع إختلاف فى التوجه السياسى وليس على أساس دينى, والخلاف داخل حزب النور يزداد عمقاً ومنذ شهور ويظهر على السطح بين الحين والآخر لاسيما بعد المبادرة الأخيرة التى تبناها الحزب بالتوافق الغريب مع شروط جبهة الإنقاذ بشأن الحكومة وتعديل الدستور وإقالة النائب العام, وقد أوضحت ذلك فى مقالى (حزب النور ينقذ جبهة الإنقاذ) ذلك أن المبادرة قد أثارت حفيظة بعض القواعد الشعبية لحزب النور ذاته علاوة على إستهجان قطاع كبير من التيار الإسلامى ما تسبب فى حملة إستقالات جماعية.

لكوادر شبابية هامة للحزب فى بعض المحافظات , مما يعطى إشارة واضحة الدلالة أن الأزمة الحقيقية داخل الحزب بالأساس وليست مع أطراف أخرى, إذ من الواضح أن مبادرة حزب النور الأخيرة قد أعطت قبلة الحياة لجبهة الإنقاذ وأضفت نوعاً من الشرعية الوجودية لها وأنقذتها من الذوبان والتحلل التدريجى فى الشارع وأمام الرأى العام بعدما انتهجت التخريب سبيلاً لإسقاط الشرعية وأسبغت غطاءً شرعياً للعنف, بالإضافة إلى التناقض الواضح فى تصريحات الحزب وشيوخ الدعوة السلفية وأبرزهم د- ياسر برهامى بأن الجبهة تعطى غطاءً شرعياً للعنف, ثم التقارب السياسى الواضح مع جبهة الإنقاذ عبرمبادرة الحزب!! وفى نفس الوقت الإصرار على التنسيق مع الجبهة بشأن مبادرة الحزب الأخيرة , وكان من الأولى أن يضع الشيخ برهامى حداً للعلاقة بين حزبه وجبهة الإنقاذ بدلاً من الإصرار عليها . خاصةً بعد تصريحات الأستاذ هشام كمال المتحدث باسم الجبهة السلفية الأخيرة بأن مهندس مبادرة حزب النور هو الجنرال أحمد شفيق عبرالتنسيق مع أحد المقربين منه. ولا يفوتنا أن ننسى الخلاف الذى نشأ داخل الحزب على إثر أزمة مقابلة نائب رئيس الدعوة السلفية د- ياسر برهامى الفريق الخاسر أحمد شفيق قبيل إعلان النتيجة النهائية لإنتخابات الرئاسة يونيو2012 الماضى واعترافه شخصياً وبعض قيادات الحزب بتلك المقابلة ما ترتب عليه حالة من الجدل الحاد بين مؤيد ومعارض بين قيادات الحزب بعضها البعض من جانب وبينها وبين القواعد الشعبية للحزب ,ما يطرح سؤالاً ملحاً وهو: ما حقيقة علاقة بعض أجنحة التيار السلفى برموز النظام السابق وإصرارهم على التعامل والتنسيق مع جبهة الإنقاذ(ذى التوجه الليبرالى) رغم رفضهم القاطع التحالف مع الليبراليين؟!.

الأحد (17- 2) الماضى جاء متشنجاً ومتسرعاً فى الرد على الإتهامات بالتشهير بالرئيس والإخوان وليس بتفنيدها بالحجة والمنطق وإنتظار نتيجة التحقيقات وكأنى أستمع إلى أحد قيادات جبهة الإنقاذ ومعارضى الرئيس من التيار الليبرالى ,حيث شاهدنا مسشار الرئيس المقال يتجول بين أروقة فضائيات مدينة الإنتاج الإعلامى يكيد للرئيس وجماعته ويتحدث بلسان حال المعارضة المعادية صراحةً للمشروع الإسلامى بالرغم من موقفه المتناقض تماماً قبل أسبوع واحد من الإقالة على قناة صدى البلد وتأكيده على أن قرارات الرئيس منفصلة تماماً عن الإخوان , وتغير موقفه 360 درجة بعد قرار إقالته حيث قال على نفس القناة ونفس البرنامج أن مكتب الإرشاد هو من يصيغ قرارات الرئيس!! . أخشى أن نكون قد وصلنا للأسف إلى الفجور فى الخصومة من أناس نحسبهم يعلو عندهم حب الله على حب الذات هكذا يعلمونا ,ولا يفوتنى هنا أن أسجل إعتراضى الصريح على الطريقة التى خرجت بها الإقالة والتخبط والإرتباك التى تعانيه مؤسسة الرئاسة , وتصعيد نبرة النقد الصريح والتلاسن والغمز واللمز بحق الرئيس وجماعة الإخوان المسلمين وحزبها الحرية والعدالة من منطلق حزبى وتعصب فكرى , وإنتصاراً للنفس والمصلحة الحزبية وليس للمصلحة العامة وهذا هو المرفوض أخلاقياً وسياسياً لاسيما بعدما قدّم د- بسام الزرقا مستشار رئيس الجمهورية إستقالته تضامناً مع زميله فى الرئاسة والحزب د- خالد علم الدين , فأين المصلحة العامة فى ذلك؟! ذلك أنه إذا صحت إتهامات الرئاسة لخالد علم الدين حسبما وصلها من التقارير الرقابية فإن الإدانة ستكون بحق الشخص وليس بحق الحزب الكبير بقواعده الشعبية والفكرية, فلا داعى إذن لشخصنة الأمر خارج إطاره الطبيعى وتصوير الأمر بأنه تصفية حسابات مع حزب النور لدى الرأى العام وخاصة المنتمين والمحبين والمتعاطفين مع التيار الإسلامى بكافة أطيافه الذين آلمهم ما يحدث من خلافات وتراشقات لفظية وإعلامية بين قطبيه (الإخوان والسلفيين) ويا لها من شماتة وفرحة للخصوم والمعادين بهذا الإنشقاق والإنقسام الواضح فى الصف الإسلامى الذى ينذر بانتكاسة حقيقية فى المستقبل إن لم يتم تدارك الأمربسرعة وإستغلال التيار الليبرالى هذا التصدع لصالحه وتهديد شعبية الإسلاميين فى الشارع فى رسالة يتم تصديرها الآن بأن الخلاف بين الإخوة وحلفاء المشروع الواحد ليس لله كما يدعون وإنما للخلاف على تقسيم المغانم وتوزيع المناصب وأنهم طلاب سلطة وليسوا دعاة إصلاح.

(هكذا يقول), ما يجعلنا نستغرب بشدة خطاب حزب النور فى الأونة الأخيرة بالتماهى والإنسجام الواضح مع جبهة الإنقاذ وكافة القوى الليبرالية والمناهضين لجماعة الإخوان المسلمين والرئيس مرسى بشأن أخونة الدولة وسياسة الإستحواذ والتكويش والهيمنة التى تنتهجها الجماعة كما يزعمون ويطنطنون عبر إعلامهم التحريضى والأغرب خروج تصريحات صريحة للمتحدث الرسمى باسم حزب النور نادر بكار يؤكد فيها إستيلاء الإخوان على 13 ألف وظيفة ومنصب فى الدولة وذلك بعد أزمة إقالة خالد علم الدين الأخيرة ولا أعرف من أين أتى بهذا الرقم؟ وكيف قام باحصاءه ؟ أم أن الأمر لايعدو سوى تعبيراً عن عصبية لحظية؟! , وهو ما يطرح عدة تساؤلات ملحة وهى: هل تمت الأخونة فى اليومين الأخيرين بعد إقالة علم الدين أم أنها منذ شهور؟! ولما لم تتم مناقشة الموضوع والتحذير منه منذ فترة بشكل صريح قبل إقالة علم الدين ؟! وماذا لو تم تسكين وتعيين بعض قيادات حزب النور فى بعض الوظائف والمناصب فى الدولة؟! ماذا سيكون موقف الأخ نادر بكار من الأخونة أم سيكون الأمر خليط من الأخونة والسلفنة أم سنسميها أسلمة للدولة؟! . أخشى ما أخشاه أن يكون حزب النور قد أقدم على الإنتحار السياسى مما قد لا يوثر على شعبيته كفصيل قوى ومهم وله تواجده فى الشارع فحسب , بل على مستقبل وتماسك الصف الإسلامى كله والذى سيتأثر سلباً بالإنقسامات الداخلية للحزب وعلاقته بالتيارات الإسلامية الأخرى بتنوعاتها المختلفة , إذ من الضرورى الإعتراف بأن هناك فجوة واضحة بين قيادات الحزب وقواعده الشعبية, نرجو كأبناء للحركة الإسلامية وأنصار التيار الإسلامى بكافة أطيافه أن تقوم الدعوة السلفية الرحم الذى أنجب حزب النور بعملية دراسة ومراجعة سريعة للحسابات السابقة للحزب وهذا من باب إسداء النصح وعتاب للمحبين ومن منطلق الآية الكريمة " وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين."

الشعب الجديد


Navigate through the articles
Previous article مفاجأة الرئيس مرسى احتج المصريون.. فاستقالت حكومة بلغاريا Next article
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع