المقالات و التقارير > اعتراف أمريكا بالحكومة الصومالية وتأثيرات ذلك في المنطقة

اعتراف أمريكا بالحكومة الصومالية وتأثيرات ذلك في المنطقة

أثارت قضية الاعتراف الدبلوماسي الأمريكي بالنظام الصومالي الجديد الذي يرأسه حسن شيخ محمود الكثير من التساؤلات حول أهميته وتأثيراته السياسية محليا وإقليميا ودوليا.
ظهرت كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية مع الرئيس حسن شيخ محمود في مؤتمر صحفي يوم 17 يناير/ كانون الثاني 2013 عقداه معا في وزارة الخارجية الأمريكية، أعلنت فيه الإدارة الأمريكية استرجاع العلاقات الدبلوماسية مع الصومال بعد انقطاع دام أكثر من 22 عاما. وفي عام 1991م حين سقطت الحكومة المركزية الصومالية سحبت أمريكا بعثتها الدبلوماسية من الصومال، ولم تكن الإدارة الأمريكية تتعامل منذ ذلك مع الحكومات الانتقالية المتعاقبة بطريقة رسمية، وإنما كانت تتعامل معها بالطرق الأمنية أي عبر مؤسساتها الأمنية بفروعها المختفة على ما يخدم مصالحها القومية الاستراتيجية في الصومال وفي محيطها الإقليمي.
وقد أثير بعض الأسئلة المهمة حول هذا الاعتراف الأمريكي للنظام. وتحاول هذه الورقة أن تسلط الضوء على ذلك وتأثيراته المحلية والإقليمية من خلال تحليله عبر المحاور التالية:
بدايات العلاقات الصومالية الأمريكية.. التحالف الإستراتيجي
اعترفت أمريكا رسميا بالصومال في أول يوم من استقلاله 1يوليو 1960، وذلك بإرسال تهنئة من الرئيس الأمريكي أيزنهاور إلى الرئيس الصومالي آدم عبد الله عثمان، ورفعت أمريكا قنصليتها في مقديشو الي مستوى السفارة وكان على رأسها القائم بالأعمال: أندروغ ليينج
ومنذ ذلك الوقت شهدت العلاقات الصومالية الأمريكية تجاذبات وتوترات كثيرة، كان السبب الرئيسي وراءها رغبةَ الدولة الصومالية الوليدة في تحرير بقية الأراضي الصومالية، والتي ما فتئت تحت الاستعمار (الإثيوبي، الفرنسي، والبريطاني-الكيني). وكانت أمريكا قد وقعت معاهدة عسكرية مع إثيوبيا في عام 1953 لمدة 25عاما قابلة للتجديد، مقابل حصولها على تسهيلات عسكرية في ميناء (كاجينوا) بارتريا
عندما استقل الصومال وجدت الدولة نفسها في حاجة ماسة إلى قوة تستند اليها، وخاصة أنه كانت في نية القادة الصوماليين استعادة الأراضي الصومالية التي ما زالت مستعمَرة. ولذلك توجه رئيس الوزراء الصومالي عبد الرشيد علي شرماركي إلى أمريكا في عام 1963، وقابل الرئيس الأمريكي جون كينيدي، وبعد مناقشات ومداولات طويلة عرضت الإدارة الأمريكية على الحكومة الصومالية بأنها تقوم بتسليح خمسة آلاف جندي من الجيش الصومالي وذلك بشرط ألا تُستخدم ضد كينيا وإثيوبيا، مما كان يعني بصورة مباشرة الاعتراض على المطالبة على بقية الأراضي الصومالية من قبل الحكومة الأمريكية. وكانت لأمريكا بعض المشروعات التنموية في الصومال مثل مشروع جوبا للتطوير الزراعي ومشاريع تنقيب البترول، كما أنها كانت تنوي إقامة قواعد عسكرية، إلا أن الطرح الأمريكي لم يكن مقنعا للحكومة الصومالية، ولذلك توجهت الي الاتحاد السوفييتي الذي وعد ببناء جيش صومالي قوامه عشرون ألف جنديا خلال عشرين سنة. ووقعت معاهدة تعاون بين البلدين في هذا الشأن في عام 1963
وكانت الاستراتيجية الأمريكية في القرن الإفريقي تعتمد في ذلك الوقت على:
•    إبعاد الاتحاد السوفييتي من السيطرة على باب المندب الاستراتيجي.
•    حماية استمرار تدفق البترول إلى أمريكا والدول الأوروبية.
وفي عام 1977 اختلف الصومال والاتحاد السوفييتي في مسألة الحرب مع الجارة إثيوبيا لتحرير منطقة الصومال الغربي التي تحتلها. ووقف الاتحاد السوفييتي إلى جانب إثيوبيا ضد الصومال، ولم يكن أمام الصومال إلا الرجوع إلى دائرة التأثير الأمريكي، وكان هذا خطأ استراتيجيا وسوء تقدير من قبل القيادة الصومالية في ذلك الوقت للحسابات السياسية والاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، خاصة بعد زيارة رئيس الوزراء الصومالي لأمريكا في عام 1963، حيث اتضح للقيادة السياسية الصومالية من خلال تلك الزيارة، الموقف الأمريكي الرسمي من هذه المسألة، وتجاوبت أمريكا مع المطالب الصومالية ولكن بشروط كان من ضمنها: انسحاب الجيش الصومالي من الأراضي التي حررها من إثيوبيا والتي كانت تفوق 90% من منطقة الصومال الغربي، منح قاعدة بربرة الاستراتيجية لأمريكا بعد طرد الاتحاد السوفييتي منها، وأن يكون الدعم فقط للأغراض الدفاعية لا الهجومية. وعلى هذا الأساس عقدت اتفاقية الدفاع المشترك بين الحكومتين الصومالية والأمريكية، والتي بسببها حصلت أمريكا علي كل التسهيلات البرية والبحرية والجوية في موانئ ومطارات الصومال، وأنشأت قواعد أمريكية في أماكن كان يستخدمها الجيش السوفييتي في كل من بربرة وكيسمايو، وكانت تعد هذه التسهيلات بدون مقابل بالنسبة لأمريكا
واستمر هذا التعاون -أو هذا الاستخدام- بين الدولتين حتي أثار الرأي العام الأمريكي موضوع انتهاكات حقوق الانسان في الصومال أواخر ثمانينيات القرن الماضي. وتحت ضغط الكونغرس الأمريكي أنهت إدارة بوش الأب المساعدات العسكرية للصومال في عام 1988. وأثناء احتدام القتال في مقديشو يناير/ كانون الثاني عام 1991 أخلت أمريكا سفارتها وأجلت جميع رعاياها من الصومال، مما يعني توقف العلاقات الدبلوماسية مع الصومال بشكل عملي كما أوقفت أمريكا التعامل مع الأنظمة الصومالية التي جاءت بعد ذلك علي أنهم الممثلون الشرعيون للصومال وشعبه
أمريكا لم تغب طويلا عن الساحة الصومالية، فقد قادت أكبر عملية عسكرية إنسانية في التاريخ تحت اسم (عملية إعادة الأمل) في 9 ديسمبر/ كانون الأول عام 1992م، وذلك بقرار من الأمم المتحدة والتي هدفت إلى القضاء علي المجاعة في الصومال، وقد نجحت هذه المهمة في بداية الأمر إلا أن التدخل الأمريكي في الشئون الداخلية وعدم وضوح المهام القيادية بين القوات الأممية أدت إلى نشوب حرب بين القوات الدولية بقيادة أمريكا وقوات الجنرال محمد فارح عيديد مما أدى إلى مقتل آلاف الصوماليين ومئات من القوات الأممية والأمريكية، كان من ضمنها 18 جنديا أمريكيا والمئات من الصوماليين قتلوا في يوم واحد، 3 أكتوبر/ تشرين الأول 1993، وفي هذا اليوم تم سحل جثة أحد الجنود الأمريكيين في شوارع مقديشو في مشهد أثار الرأي العام الأمريكي الذي ضغط على حكومته، مما أدى إلى إعلان الإدارة الأمريكية بقيادة كلينتون سحب قواتها من الصومال، وتفويض مهمة حفظ السلام في الصومال الي الأمم المتحدة. وكان لهذا الانسحاب تأثيراته السلبية الواضحة على العلاقات الصومالية الأمريكية فيما بعد والتي اتسمت بالشكوك وعدم الثقة المتبادلة ليس فقط على المستوى السياسي بل على المستوى الشعبي أيضا. ولذلك فوضت أمريكا مسألة التدخل –سواء كان سياسيا أو عسكريا- في الشئون الصومالية إلى حلفائها الإقليميين: مثل دول منظمة إيغاد، وعلى رأسها إثيوبيا وكينيا وحصرت دورها الإدارة من وراء الكواليس، وتوجيه حلفاها الإقليميين أمنيا وسياسيا
من نهاية التسعينيات القرن الماضي إلى الآن.. الصومال والإرهاب
في عام 2000م تم انشاء أول حكومة انتقالية صومالية في جيبوتي بعد اجتماع مصالحة دام أكثر من ستة أشهر، وتم انتخاب عبد القاسم صلاد حسن رئيسا لهذه الحكومة، وقد رحبت أمريكا بالنظام الجديد واعتبرته خطوة إلى الأمام، إلا أنها لم تعترف بالنظام كحكومة شرعية للصومال. مما أعطى إشارة واضحة إلى الدول المجاورة بعدم التعامل مع الحكومة الوليدة والاستمرار في دعم حلفائهم من زعماء الحرب في الصومال. وتزامن إنشاء هذه الحكومة مع أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001، وتحدث بوش عن الدول أو الأماكن التي تتخفى فيها القاعدة، وأصبح الصومال بعد أفغانستان على رأس الدول التي يمكن أن تجد القاعدة فيه ملاذا آمنا وذلك لعدم وجود حكومة تسيطر على البلاد، وأصبح في قائمة الأولويات الأمريكية في محاربة الإرهاب، كما أن التفجيرات الذي حدثت في 1998 والتي استهدفت السفارات الأمريكية في نيروبي/كينيا ودار السلام/تنزانيا ألقت بظلالها على الصومال حيث ذُكِر أن المنفذين فروا إلى الصومال حيث لا حكومة تتعقبهم.
وفي خلال الاثنتا عشرة سنة الماضية 2001-2012, كان ملف محاربة الإرهاب يسيطر على العلاقات الصومالية الأمريكية، وبما أن الوضع في الصومال لم يكن واضحا بما فيه الكفاية لدى الإدارة الأمريكية، فإن إثيوبيا وزعماء الحرب المتحالفين معها في الصومال قد استغلوا الوضع لصالحهم، ولأن أمريكا لم تكن تنوي التدخل المباشر في الصومال قامت بدعم زعماء الحرب في الصومال، وشجعتهم على تأسيس تحالف جديد سمي (تحالف إعادة السلام ومحاربة الإرهاب) والذي ضم 11 من زعماء الحرب في مقديشو. وكان هدفه القضاء على الإسلاميين الذين نما نفوذهم في الصومال وخاصة في العاصمة مقديشو عبر المحاكم الإسلامية. وكانت أمريكا تدعم هذا التحالف شهريا بمبلغ مائة وخمسين ألف دولار وذلك لجمع معلومات عن ثلاثة أفراد من تنظيم القاعدة يشتبه في أن لهم صلة بتفجير السفارتين الأمريكيتين في نيروبي ودار السلام، حسب رأي الحكومة الأمريكية. وقد طلب التحالف –مستغلا الدعم الأمريكي- من المحاكم الإسلامية تسليم الإرهابيين. وأعلن التحالف الحرب على المحاكم الإسلامية في 18 فبراير/ شباط 2006 أدت في نهاية المطاف إلى هزيمة تحالف زعماء الحرب، حيث خرج آخر واحد منهم من العاصمة في 11 يوليو/ تموز 2006، وسيطرة الإسلاميين على أغلبية المناطق الجنوبية والوسطى من الصومال، ومحاصرة الحكومة الصومالية الانتقالية في مقرها المؤقت في مدينة بيداوة جنوب غرب العاصمة.
وبعد هزيمة تحالف زعماء الحرب، لم يبق أمام الحكومة الأمريكية خيار آخر غير التدخل المباشر أو الحرب بالوكالة لهزيمة الإسلاميين في الصومال، واتخذت الخيار الثاني حيث استخدمت القوات الإثيوبية وذلك تحت ذريعة حماية الحكومة الشرعية برئاسة عبد الله يوسف، كما ادَّعت إثيوبيا أن أمنها في خطر. وبقرار الامم المتحدة رقم 1725(6 ديسيمبر/ كانون الأول 2006) سمح لدول الاتحاد الإفريقي إرسال قوات إفريقية عرفت باسم "أميصوم" (AMISOM) لحماية الحكومة الصومالية. ولكن إثيوبيا أرسلت عشرات الآلاف من جنودها خارج قرار مجلس الأمن بإيعاز من أمريكا ومدعية كذلك بأن الحكومة الشرعية في الصومال طلبت منها كتابيا هذا التدخل، واستطاعت إثيوبيا الاطاحة بالإسلاميين وإحضار حكومة عبد الله يوسف إلى مقديشو لأول مرة. اندلعت حرب عصابات بين الصوماليين والقوات الإثيوبية أثقلت كاهل القوات الإثيوبية انتهت بانسحاب القوات الإثيوبية بمفاوضات سلام بين الحكومة الانتقالية وتحالف اعادة تحرير الصومال بقيادة الشيخ شريف، حفظا لماء وجه إثيوبيا التي انهزمت قواتها في الصومال. وبعد مفاوضات دامت ثمانية أشهر، تم الاتفاق على توسيع البرلمان وادماج أعضاء تحالف إعادة تحرير الصومال برئاسة الشيخ شريف في البرلمان وانتخابه رئيسا للبلاد. وبهذا نجحت أمريكا بتقسيم الإسلاميين إلى معتدلين يمكن التعامل معهم بقيادة الشيخ شريف، ومتشددين مما فتح جولة جديدة من الحرب بين الإسلاميين فيما بينهم.
وفي الفترة التي ترأس الشيخ شريف البلاد 2009-2012، لم يحدث تغيير يذكر في العلاقات الصومالية الأمريكية، حيث واصلت أمريكا تركيزها على موضوع مكافحة الإرهاب والتعامل مع الحكومة الصومالية على هذا المنظور الأمني فقط. ولذلك انحصر دورها بشكل شبه كلي على دعم قوات البعثة الإفريقية في الصومال (AMISOM) لمحاربة حركة الشباب المجاهدين، ولم يرقى دعمها للجيش الصومالي إلى المستوى المطلوب في فترة شيخ شريف وذلك بعدم ثقتها في كفاءة حكومته في جوانب مختلفة.
أربعة أسباب وراء الاعتراف الأمريكي بالحكومة الصومالية
لم يكن الاعتراف الأمريكي وليد اللحظة، ففي خلال الاثنا عشر سنة الماضية التي تعاقبت فيها على الصومال ثلاثة أنظمة انتقالية، كان الوجود والاهتمام الأمريكي ينمو، ففي بداية الأمر كانت الشئون الصومالية تدار عبر السفارة الأمريكية في نيروبي، ثم عينت الإدارة الأمريكية مبعوثا للشئون الصومالية، كما كانت هناك تطورات إيجابية وإن كانت قليلة وبطيئة، سواء كانت سياسية وعسكرية وبناء مؤسسات الدولة خلال الحكومات الانتقالية المتعاقبة. وقد توجت هذه الانجازات القليلة بإجازة دستور جديد لأول مرة بالصومال منذ الحرب الأهلية، وانتخاب برلمان جديد انتخب بدوره كلا من رئيسي مجلس الشعب ورئيس جمهورية الصومالية الفدرالية. والجديد في الأمر أن هذا تم داخل الصومال لأول مرة لمدة تزيد على 42 سنة، وتحت اشراف الحكومة الصومالية.
والأمر الثاني: هو تحسن الوضع الأمني وتقهقر حركة الشباب المجاهدين أمام ضربات القوات الصومالية والأميصوم وإخلائها كبري المدن الصومالية الاستراتيجية، وتزامن هذا التقهقر مع التطورات السياسية السابقة.
ثالثا: ونتيجة لهذه التطورات الإيجابية، تزايد الاهتمام الإقليمي والدولي بالشأن الصومالي، وكان لتركيا القدح المعلى في الاهتمام حيث قام رئيس وزرائها (السيد رجب طيب أردوغان) زيارة تاريخية إلى الصومال أعلن في خلالها أن تركيا جاءت لمساعدة الصوماليين ولن ترجع. وفتحت تركيا سفارتها في مقديشو كما بدأت بإنشاء مشاريع صحية، وتعليمية، وخدمية. وعلى إثر هذه الزيارة، بدأت الخطوط التركية رحلاتها بين اسطنبول ومقديشو، وبذلك أصبحت أول شركة طيران عالمية تكسر العزلة المفروضة على مقديشو منذ 22 سنة. وهذا الاهتمام التركي لاقى ترحيبا كبيرا من الشعب الصومالي في الداخل والخارج، كما شكلت هذه الخطوات من قبل تركيا تحديا واضحا للدول الغربية التي كانت دائما تتذرع بعدم الأمن في مقديشو لعدم دعمها، وكان الفعل التركي يثبت عكس ذلك حيث إن الأتراك يمارسون أعمالهم الإنسانية والتنموية في مقديشو بصفة عادية ولم يتعرضوا إلى أي أذي، مما جعل الدول الغربية تتسابق الآن في طلب قطع أراضي لتشييد سفارات جديدة أو ترميم سفاراتها القديمة في الصومال: مثل أمريكا، وبريطانيا، وايطاليا، والاتحاد الأوروبي، والنرويج، مما جعل لزاما على أمريكا أن تتخذ مثل هذه الخطوة قبل فوات الأوان.
رابعا: بروز قيادات صومالية جديدة ذات خلفيات مدنية، بمن فيهم الرئيس: حسن شيخ الذي كان الرئيس المؤسس لواحدة من أرقي الجامعات الصومالية (جامعة سيمد)، ووضع هذا المجتمع الدولي أمام التزام أخلاقي بدعم هذه الحكومة الديمقراطية الوليدة ذات الخلفية المدنية.
وأخيرا الأطماع الأمريكية القديمة في الموارد الطبيعية في الصومال، المعدنية منها والبترولية.
أهمية الاعتراف وتأثيراته السياسية
يأتي هذا الاعتراف الأمريكي في توقيت مهم للحكومة الصومالية التي تحاول إعادة الأمن والاستقرار إلى البلد، ولكي تتمكن من هذا فإنها تحتاج إلى عدة عوامل مهمة منها الاعتراف الدبلوماسي من الدول ذات الوزن الثقيل في المسرح الدولي مثل أمريكا، والذي يقضي بدوره على أن هذه الحكومة هي الجهة الشرعية الوحيدة للشعب الصومالي التي يجب التعامل معها.
والواضح أن تأثيرات هذا الاعتراف لا تقتصر فقط على الناحية المعنوية بل تتعداها إلى غير ذلك:
التأثيرات المحلية
سيعطي هذا الاعتراف الحكومة الصومالية فرصة التلقي المباشر للدعم الأمريكي الحكومي وغير الحكومي لإعادة بناء المؤسسات الحكومية الصومالية، كما أنه يعطي الحكومة فرصة الاقتراض من المؤسسات الدولية: مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وهذه القروض مهمة جدا بالنسبة للحكومة الصومالية، حيث كان من أهم أسباب فشل الحكومات الصومالية المتعاقبة، عدم قدرتها على تسيير أبسط يومياتها المالية ناهيك عن العجز عن التنمية لعدم كفاية الدخل القومي.
تراجع خطورة تفكك الوطن (اقليم بونتلاند وجمهورية أرض الصومال)
كانت الإدارة الأمريكية تتعامل مع هذين الإقليمين والحكومات الانتقالية السابقة على حد سواء، إلا أن وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون أعلنت بصفة رسمية في مؤتمرها الصحفي الذي عقدته مع الرئيس الصومالي في واشنطن 17 يناير/ كانون الثاني 2013، أن سياسة التعامل المزدوج مع الصومال قد انتهت. وأن أمريكا تتعامل من اليوم مع حكومة صومالية ذات سيادة كاملة على أراضيها، مما يعني أن محاولات أرض الصومال في الانفصال ونيل الاعتراف من المجتمع الدولي أصبحت أبعد مما كانت عليه من قبل أو على الأقل لا يمكن أن تأتي إلا بتراضي الطرفين في مقديشو وهرجيسا، واحتمال اعترافها أحاديا من قبل بعض الدول أصبح بعيد المنال بعد هذا الإعلان الأمريكي الصريح. كما أن بونتلاند ستفقد كثيرا من قوة استحواذها السياسي التي كات تتمتع بها أمام الحكومات الانتقالية السابقة في ظل غياب إقليم شمال الصومال (جمهورية أرض الصومال) من المسرح السياسي الصومالي في العقدين الأخيرين. كما أن المهتمين بالإقليم اقتصاديا لا يمكن أن يتجاهلوا موقف الحكومة الفيدرالية.
تأثيرات الاعتراف على المجموعات المناهضة
ومما لا شك فيه أن أمريكا كانت في حالة حرب بالوكالة في الصومال منذ 2007، مثلتها قوات البعثة الإفريقية (أميصوم) والقوات الصومالية من جهة والقاعدة التي تمثلها حركة الشباب المجاهدين من الجهة الثانية. وقد كانت أمريكا تدعم الحكومة الصومالية بمؤن الجيش وبعض العتاد عبر الأميصوم، ولكن هذا الاعتراف ربما يغير من كيفية الدعم الأمريكي للصومال. أما من ناحية الشباب المجاهدين، فإن هذا الاعتراف لا يغير من موقفهم شيئا من الناحية المبدئية، ومن الناحية الميدانية فيبدوا أنهم استعدوا لحرب عصابات طويلة الأمد.
تأثيرات الاعتراف الإقليمية والدولية
لا شك في أن دول المنطقة ستحاول على الأقل إرضاء لأمريكا على أن تتعامل مع الحكومة الصومالية كممثل شرعي ووحيد للشعب الصومالي. كما يعطي الاعتراف قوة دبلوماسية للحكومة الصومالية أمام دول الجوار، وسوف تتراجع هيمنة أو تأثيرات دول الجوار على القرار الصومالي الداخلي والخارجي، مما يؤدي إلى عودة الصومال إلى حظيرة المجتمع الدولي. وبالنسبة لأمريكا فأنها ستحصل على موطئ قدم في السواحل الصومالية مقابل هذا الاعتراف، كما أن شركاتها البترولية قد تعود أيضا إلى التنقيب عن النفط والغاز في الصومال.

الشعب الجديد


Navigate through the articles
Previous article عائلتى الرئيس و حمدين صباحى فى ميزان إعلام الفتنة حوار الرئيس Next article
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع