التواصل والحوار والتفاوض والمشاركة أدوات رئيسية للعمل السياسى وبالتالى ليس سهلاً على أى حزب أو تحالف سياسى أو انتخابى أن يتخذ قرارا بالمقاطعة فى أى انتخابات أو أى حوار، فالمقاطعة تنطوى بالضرورة على بعض الخسائر التى يتكبدها من يلجأ إلى هذا الخيار لأنه قد تزيد تلك الخسائر على ما يتوقعها من مكاسب حزبية كما أن من يتخذ قرار المقاطعة لابد أن يكون مستعدا بخطة عمل محددة يتحرك على أساسها على المستوى الشعبى لتعويض غيابه عن البرلمان وإذا نجح فى ذلك يستطيع بناء القاعد ة الشعبية اللازمة لتصحيح قواعد العملية السياسية التى دفعته قناعته لمقاطعتها لعدم نزاهتها وبالتالى لابد أن يساهم فى حل مشاكل لا يستطيع البرلمان أن يواجهها لأنه من المفترض أن من يقاطع انتخابات لابد أن يكون له قواعده الشعبية وبالتالى البرلمان بدون تمثيل لذلك الفصيل لا يعبر عن إرادة شعبية إذا طبقنا ذلك على جبهة الإنقاذ فهل هى الفصيل الذى لديه جماهيره الغفيرة وصاحب القواعد الشعبية؟ وهل لديها خطة عمل واضحة لما بعد المقاطعة؟
خيار المقاطعة دائما يقال إنه قرار اضطرارى بمعنى أنه قرار يرتبط بمصلحة وطنية عامة فى المقام الأول وقد يكون خيار المقاطعة هو ادعاء لعدم الجاهزية لخوض المعركة الانتخابية، وكثيرا ما تتداخل بعض مكونات المنافع الحزبية والمصالح الوطنية عندما لا تكون القواعد الحاكمة للعملية السياسية عادلة بعبارة أخرى هذه القواعد هى التى تجعل الانتخابات معبرة عن الإرادة الشعبية بشكل أقرب إلى الحقيقة، فالعملية الانتخابية تشمل السلوك والإجراءات والقواعد وهى عملية متكاملة فالقواعد هى التى تحدد السلوك والآليات هى التى تضمن مجال الحركة بحيث تسير تلك العملية بشكل ديمقراطى بمعنى أن تكون انتخابات حرة لا يتم التدخل فى إرادة الناخب ونزيهة لا يتم التزوير فيها.
إعلان جبهة الإنقاذ مقاطعة الانتخابات التشريعية ترشيحا وتصويتا والحوار مع الرئيس ووصف الدعوة للانتخابات بأنها غير دستورية وتبريرها عدم المشاركة بافتقاد النزاهة الحقيقية سواء من القانون أو الحكومة واشترطت الجبهة للمشاركة والجلوس على مائدة حوار وطنى تغيير الحكومة وتغيير الدستور وإنهاء العدوان على السلطة القضائية واستقلال سلطات الدولة عن الجماعات أى الإخوان، بدون جدال كان من باب أولى لجبهة الإنقاذ أن تقاطع الاستفتاء على الدستور بدلاً من مقاطعة الانتخابات وهذا أكبر دليل على الأداء المرتبك لجبهة الإنقاذ كما أن قرار الجبهة جاء متأخرا بعد إعلان حزب الدستور وحزب الوفد والتيار الشعبى عدم المشاركة، وبالتالى هناك مشكلة فى وحدة القرار وليس وحدة الصف وبالتالى كان لابد أن يكون قرار الجبهة كافيا بدلا من أعضاء أحزاب الجبهة وهى توضح مشكلة الجبهة فى الظهور الإعلامى أكثر منه من التواجد الشعبى من خلال المؤتمرات الشعبية فدائما الجبهة ليس لديها خطة عمل واضحة بجدول زمنى وخارطة طريق للنتائج التى يتم التوصل اليها حتى أن جبهة الإنقاذ التى تطالب بتغيير الحكومة ليس لديها حكومة ظل وهى بدأت مؤخرا فى ذلك.
لاشك أن مقومات إنجاح الحوار لا تزال غير متوافرة فالقواعد العادلة للعملية السياسية متمثلة فى الإطار الدستورى والحكومة المحايدة واستقلال القضاء وضمانات الانتخابات النزيهة كما أن الرئيس لن يقوم بإجراء أى تعديلات فى ظل تراجع وفشل مؤسسات الدولة مع تمادى ظواهر العنف والفوضى، فى تقديرى أن خيار المقاطعة صعب على جبهة الإنقاذ لأنه يضع على عاتقها إنجاح ذلك الخيار من خلال عمل شعبى منظم بعيدا عن العنف فهل تمتلك جبهة الإنقاذ قدرة التنظيم التى تؤهلها لهذه المهمة أما أنها سوف تترك تلك المهمة للصدفة دون ضوابط تحت دعاوى أن القرار فى يد الثوار الأحرار.
اليوم السابع