سارعت الخارجية الأمريكية على لسان
المتحدثة باسمها فيكتوريا نولاند بالإعراب عن قلقها من تزايد القيود المفروضة على
حرية التعبير في مصر، عقب اصدار النائب العام أوامره بضبط وإحضار بعض النشطاء
السياسيين لاستجوابهم بخصوص تورطهم فى أحداث المقطم التى سادت فيها أعمال البلطجة
والإجرام، وبعد استدعاء الإعلامى باسم يوسف ومثوله أمام مكتب النائب العام فى دار
القضاء العالي يوم الأحد ٣١ مارس الماضى للتحقيق معه بشأن البلاغات المقدمة ضده
والمتعلقة بازدراء الإسلام وإهانة الرئيس محمد مرسى. واهتمت الصحافة وشبكات الأخبار
سواء الإسرائيلية منها أو الأمريكية بنشر التقارير الصحفية عن باسم يوسف، المشهور
أمريكياً بـ جون ستيوارت مصر، وإجراء المقابلات التليفزيونية معه، مثلما فعلت شبكة
الـ "سى ان ان" لمتابعة أخبار صنيعتهم، الذى يعدونه ويقفون وراءه بقوة ليكون إحدى
أدواتهم فى تشويه صورة الاسلاميين وإفشالهم للقضاء على المشروع الاسلامى برمته.
ولمن لا يعرف "جون ستيوارت" الأصلى، فهو إعلامى أمريكى ساخر يقدم برنامج "ذا ديلى
شو"، الذى يقوم باسم يوسف بتقليده واستنساخه، تماماً مثل باقى البرامج الحوارية
المعروفة بالـ " توك شوز" التى تعرض فى الفضائيات المصرية الخاصة، وهى برامج
مستنسخة لنظيرتها الأمريكية، وقد انبرى ستيوارت فى الدفاع عن "صديقه وأخيه" باسم ـ
كما وصفه، وهاجم الرئيس مرسى بشدة وسخر منه فى فيديو له نشرته السفارة الأمريكية
بالقاهرة فى صفحتها على موقع التواصل الإجتماعى "تويتر"، وهذا عمل غير مقبول من
جانب بعثة دبلوماسية تشارك في مثل هذه الدعايا السياسية السلبية الرخيصة.
والأمريكى ستيوارت هذا الذى يدافع عن الديمقراطية التى تضمن حق باسم فى النقد
والتعبير عن رأيه بكل حرية، هو نفسه لم يتحمل حرية مذيع زميل له اسمه ريك سانشيز
أمريكى من أصل كوبى كان يعمل فى شبكة سى ان ان الإخبارية عندما عبر عن رأيه فيه،
بأنه ـ أى ستيوارت ـ يهودى متعصب يشعر بالاستعلاء، فكان جزاء سانشيز الطرد من عمله
أواخر عام ٢٠١٠م بسبب تلك الملاحظات.
وقبل ذلك بأشهر قليلة وفى نفس العام تم إجبار الصحفية المخضرمة عميدة المراسلين فى
البيت الأبيض، من أصل لبنانى، هيلين توماس، على الاستقالة بعد أكثر من نصف قرن
عملتها داخل مقر الرئاسة الأمريكى، بسبب تصريح لها لأحد حاخامات اليهود دعت فيه إلى
إنهاء الاحتلال الإسرائيلى للاراضى العربية وأن يعود اليهود من حيث أتوا. وكانت
توماس معروفة بجرأتها وشجاعتها فى توجيه الأسئلة إلى الرؤساء الأمريكيين إلي حد أن
الرئيس جورج بوش الإبن أبعدها عن مؤتمراته الصحفية بعد ان سألته ذات مرة عن موعد
انسحابه من العراق بعد مقتل الآلاف من الأمريكيين والعراقيين، دون مبررات صحيحة
لغزو هذا البلد.
وعلى هذا، فإن حرية الرأى والتعبير ليست مطلقة فى الدول التى تتشدق بأنها معاقل
الديمقراطية، بل مجزأة، فهناك خطوط حمراء لا يجب الاقتراب منها، تتعلق بوجود
إسرائيل أو محرقة اليهود سواء بالتشكيك أو الإنكار. أما عدا ذلك من وصم الإسلام
بالإرهاب ووصف المسلمين بالإرهابيين، وحرق القرآن على أيدى قساوسة والتبول عليه من
جانب جنود المارينز فى العراق وأفغانستان، والرسومات المسيئة للرسول محمد صلى الله
عليه وسلم، فهو مباح عندهم.
ما يقدمه باسم يوسف، فى برنامجه، ليس نوعاً من النقد الهادف البنَّاء من خلال روح
الفكاهة المقبولة، بل إهانة لشعائر الإسلام ورموزه، ولغة مبتذلة وإيحاءات جنسية غير
مقبولة فى مجتمع مسلم محافظ، واستهزاء وسخرية من شخص رئيس الجمهورية وإهانته مما
يعد انتقاصاَ لهيبته وكرامته أمام شعبه والعالم. ولكن هل يجرؤ باسم يوسف، تحت مسمى
حرية التعبير من الاقتراب من منطقة الخطر والممنوع، بتناول قضية الهولوكوست أو ما
يفعله اليهود والصهاينة بأشقائنا الفلسطينيين من قتل وتهجير ومصادرة ممتلكات؟!
يبدو أن ثورة يناير ساعدت باسم كثيراً فى اتاحة الفرصة له لإظهار موهبته الفذة،
التى ظلت كامنة ولم يجرؤ على اظهارها طيلة سنوات حكم المخلوع خوفاً من القمع
والتنكيل التى كانت سائدة فى تلك الفترة، إذ سمحت له الظروف خاصة بعد وصول
الإسلاميين إلى السلطة من خلال أول انتخابات حرة بعد الثورة، لينضم إلى الإعلام
الليبرالى المعادى لكل ما هو إسلامى، وليصبح النسخة العربية لأحد أراجوزات الإعلام
الأمريكى، مما يؤهله لأن يكون واحداً من الإعلاميين أصحاب الملايين الذى استفادوا
مادياً من الثورة وأصبحوا أثرياء، بدلا من مزاولتة لمهنة الطب وجراحة القلب ووجع
القلب.
على الإدارة الأمريكية أن تعى درس الماضى وترفع يدها عن مصر، وأن تتوقف عن التدخل
فى شئونها الداخلية سواء بمساندة فصيل سياسى ضد آخر أو الوقوف وراء الإعلام
الليبرالى العلمانى الذى ييثر الفتن ويحرض على الفوضى. فالشعب لم ينسى مساندتكم
لنظام مبارك الديكتاتورى القمعى الذى كان كنزاً استراتيجياً لكم ولإسرائيل، أما
موضوع نشر الديمقراطية وحقوق المرأة وحقوق الطفل وحقوق الإنسان عامة، فكلها شعارات
جوفاء ترفعونها فقط لخدمة أهدافكم ولا يهمكم مصالح الشعوب أبداً بل مصالحكم أنتم.
الشعب الجديد
Navigate through the articles | |
ايهما أخطر.. القذافي أم صدام؟ | أقارب بن على وزوجته ليلى الطرابلسى |
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع
|