لم يحتج مبارك هذه المرة للفوتوشوب. لكنه قدم نفسه بصورة جديدة تختلف عن تلك الصورة التى كانت قبل 25 شهراً.. عجوز مريض، يهرب من العدسات، ويخفى عينيه وراء زجاج نظارته الكثيف، ويتمارض ويتماوت، ويرد بصوت واهن. لكنه اليوم فى صورة أخرى، أكثر صحة، مبتسما، يلوح لبشر افتراضيين، وهى صورة أثارت غضب البعض، ودهشة وسخرية البعض الآخر.
صورة مبارك المبتسم وهو يشير لمؤيدين افتراضيين، طرحت التساؤلات: هل يشعر مبارك بالشماتة أم بالفرح لأنه عاش حتى يرى بعضا ممن ثاروا عليه، يعترفون بأنه وإن كان سيئا، هناك من هو أسوأ.
بالتأكيد مبارك وهو يبتسم يعرف أن صورته تلك سوف تفتح عليه أبوابا جديدة من الغضب، وبالفعل ظهر من يطالب بإعادته إلى سجن طرة، لكنه يبدو وكأنه يراهن على شهود لن يقفوا أمام المحكمة، سوف يقولون إنه لم يكن سيئا بشكل تام، وأن هؤلاء الذين خلعوه لم يحسنوا الاختيار، ولم يقدموا ماهو أفضل مما كان قائماً.
بعد أكثر من عامين يرى مبارك مصر تتعثر فى الفوضى، ولا ترسو على بر، ومعارضوه هم أنفسهم معارضو نظام الإخوان، والمشكلات هى نفسها، وربما كانت أعمق وأكبر مما كانت فى سنواته الأخيرة، كان مبارك كثيراً ما يرفض تغيير الحكومات المتتالية ومنها حكومة نظيف، وكان يرى أنها تحقق خطوات تنموية واقتصادية، بينما يراها الشعب تحقق تنمية بلا عدالة. وهاهو الرئيس مرسى يتمسك بحكومة هشام قنديل، بالرغم من أنها لم تحقق لا تنمية ولاعدالة، وتعيش على إنجازات حققها مبارك نفسه وحكوماته، كان نظام مبارك نظاما ظالما، يحتكر السلطة، لصالح حزب واحد، وهاهو نظام الرئيس مرسى يحكم بجماعة واحدة، لاتترك مساحة لغيرها، وتعتبر معارضى مبارك هم أنفسهم معارضوها، ولا تتوانى عن اعتبار الشعب مخطئا، وغير مؤهل للديمقراطية كما كانت تقول حكومة نظيف، لم يصبح حال الفقراء أفضل، ولا حال الطبقة الوسطى، ولسان حال مبارك «كنتم تقولون إن نظام الحكم سيئ، وها أنتم تعيشون الحكم الأسوأ.. الإخوان خدعوكم، وضحكوا عليكم، وسرقوا ثورتكم، بدلاً من أحمد عز.. هناك ألف عز، بدلا من الترزية هناك ترزية أسوأ. كنتم تشكون من صندوق النقد، وها انتم لم تغادروه، ومن اقتصاد السوق العشوائى الظالم، الذى لايزال قائماً.. نفس الضرب والقتل والقمع، مضافاً إليه الفشل والعجز والأزمات.
ربما مع الغضب والسخرية، فإن صورة مبارك تحتاج لأن ينظر البعض فى المرآة، ليرى صورة مبارك فى المرآة، مرة وهو يبتسم، وأخرى وهو مازال يحكم وكأنه يقول لهم «كلكم مبارك».
اليوم السابع