المقالات و التقارير > تشكيل إدارات محلية جديدة يشكل اختباراً للحكومة الصومالية

تشكيل إدارات محلية جديدة يشكل اختباراً للحكومة الصومالية

تواجه مساعي الحكومة الفيدرالية لتشكيل إدارات مؤقتة في مناطق صومالية تم تحريرها مؤخراً من حركة الشباب معارضة من بعض شيوخ العشائر المحليين.

خلال الشهرين الماضيين، شكلت الحكومة الفيدرالية إدارات محلية مؤقتة في مناطق باي وهيران وجيدو المحررة، إلا أن هذه الخطوات لاقت معارضة من بعض شيوخ العشائر المحليين الذين اعتبروا أن الحكومة إستبدلت الإدارات الإقليمية بدون موافقة الشعب أو مشاورة قادة المجتمع المحلي.

وفي هذا السياق، قال محمد اسحاق، وهو من شيوخ عشائر منطقة باي، لصباحي إنه "ينبغي على الحكومة منح السكان المحليين الفرصة لاختيار قادتهم لأنه من غير المقبول تعيين أعضاء الإدارات الإقليمية من مقديشو بدون التشاور مع شيوخ المنطقة والسياسيين ورجال الأعمال والمجتمع المدني"، وأضاف قائلاً إن التقصير في هذا الأمر قد يولّد أزمة بين الحكومة الفيدرالية والمجتمعات المحلية.

وفي نفس السياق، أشار المدير العام في وزارة الداخلية والأمن الوطني، حسين عبدي آدم، إلى أن الحكومة لا تتخذ مثل هذه القرارات من جانب واحد.

وقال لصباحي إن "الحكومة لا تقوم بتعيين المسؤولين في الإدارات المؤقتة من مقديشو، بل يتم ذلك بالتشاور مع قادة المجتمعات المحلية".

وذكر قائلاً "ستكون فترة ولاية الإدارات المؤقتة ستة أشهر فقط، وتكون مسؤولة عن تحسين الوضع الأمني بالتعاون مع الحكومة الفيدرالية وتأمين الخدمات [الاجتماعية] الضرورية للسكان المحليين والعمل على تحقيق المصالحة بين العشائر." وأضاف "سيؤدي ذلك إلى وضع الأسس لتشكيل الإدارات الإقليمية التي ستحل مكان الإدارات المحلية".
الخطوات الحكومية تلقى مقاومة محلية

وقد بدأت المشاكل في 5 شباط/فبراير، عندما اندلعت النزاعات في مدينة بيدوا، وهي العاصمة الإقليمية لمنطقة باي، وذلك بعد قرار مقديشو إقالة المحافظ عبد الفتاح محمد إبرهيم من منصبه. وقد رفض هذا الأخير التخلي عن منصبه واضطر رئيس مجلس النواب محمد عثمان جواري إلى التدخل في نهاية شهر آذار/مارس بالسفر إلى بيدوا ولعب دور الوسيط للتوصل إلى حل.

وفي الأول من نيسان/أبريل، مدد رئيس الوزراء عبدي فارح شردون، ولاية محمد عبدي كليل كمحافظ إقليمي لمنطقة جيدو لمدة ستة أشهر، وشرح الأسباب التي دفعت الحكومة الفيدرالية لاتخاذ هذا القرار.

وقال شردون خلال زيارة له إلى العاصمة الإقليمية جارباهاري، "إن الإدارة الجديدة مسؤولة عن تحسين الوضع الأمني والتعاون مع الحكومة الفيدرالية لتوفير الخدمات الاجتماعية الضرورية. وستمهد القيادة الجيدة وإستقرار الوضع الأمني الطريق لمستقبل أفضل ولتحقيق تنمية مستدامة في هذه المنطقة".

وفي 9 نيسان/أبريل الجاري، رفض شيوخ منطقة هيران الإدارة المحلية المعينة من قبل الحكومة الفيدرالية، معتبرين أنها لا تعكس إرادة سكان المنطقة.

من جانبه، حذر النائب في البرلمان الصومالي، عبدي معلم حسن، من إحتمال مواجهة الحكومة لنتائج عكسية في حال لم تشكل الحكومات المؤقتة بشكل دقيق ومدروس.

وقال حسن لصباحي، "يجب على الحكومة إجراء حوار شامل مع شيوخ القبائل والزعماء السياسيين عند تشكيل الإدارات المحلية في المناطق المحررة، بدلاً من أن تقوم بتعيين قادة تلك الإدارات من مقديشو".

وأضاف أن "التشاور مع قادة المجتمعات المحلية هو المفتاح الوحيد لتشكيل إدارات محلية تحظى بدعم الجميع، كما أن على الحكومة توفير الدعم اللازم لأي منطقة تقرر تشكيل إدارتها الخاصة".
إختبار للحكومة الفدرالية الجديدة

في هذا الإطار، أوضح المحلل السياسي اسماعيل يوسف، أن أي مقاربة غير مدروسة لمعالجة هذه المسألة قد تؤثر سلباً على الجهود التي تبذلها الحكومة الفيدرالية من أجل المصالحة الوطنية الشاملة.

وقال يوسف لصباحي، "في حالة إستمرار الحكومة في نهجها الحالي بتعيين المسؤولين الإقليميين من مقديشو، دون إعطاء السكان المحليين فرصة لاختيار قادتهم، فإن ذلك قد يؤدي إلى توسيع الفجوة بين الحكومة المركزية والمجتمعات المحلية، وبالتالي سوف تتلاشى ثقة الشعب بالحكومة، كما أن هذه العملية لتشكيل الإدارات المحلية سوف تفقد شرعيتها".

وتابع قائلاً "الصومال تنتقل من دولة مركزية إلى نظام جديدة للدولة الفيدرالية، وبالتالي سوف تشكل هذه العملية إسناد السلطة إلى الأقاليم وإنشاء إدارات إقليمية، التي باتت في الآونة الأخيرة أزمة محورية، حالة اختبار مهم للحكومة الجديدة لمعرفة مدى قدرتها على إقناع القبائل لبسط سلطتها على الاقاليم المحررة كافة".

واعتبر المحلل السياسي، عمر عبدالله محمد، المقيم في مقديشو إنه من الظلم القول إن الحكومة تعيّن المسؤولين الإقليميين من العاصمة من دون التشاور مع المواطنين والوجهاء في المدينة.

وأضاف في حديث لصباحي، "خلال شهر مارس، سافر رئيس الوزراء إلى محافظات شابيلي السفلى وجوبا السفلى وهيران وجلجادود ومودوغ وجيدو وإلى بونتلاند، وذلك بهدف التشاور والاستماع إلى مختلف شرائح المجتمع، كما أنه تشاور مع أعضاء البرلمان وغيرهم من أصحاب المصلحة المحليين الآخرين لإنشاء إدارات مؤقتة".

وأشار إلى أن الحكومة بذلت كل الجهود اللازمة للتشاور مع المجتمعات المحلية في المناطق المحررة، إلا أن البعض قد يعارض طريقة تشكيل الإدارات المحلية.

وقال "المسألة هنا ليست مسألة عدم تشاور الحكومة مع السكان المحليين، وإنما هناك مشكلة أخرى وهي أن كل طرف صومالي لم يجد مصلحته في أي نظام جديد يعارض ذلك النظام، وذلك نظراً للمصالح القبلية المتعددة".

وأوضح محمد في حديثه لصباحي أن "جميع المحافظين ومفوضي المقاطعات الذين عينتهم الحكومة مؤخراً هم سياسيون ينتمون لتلك المناطق وليسوا أشخاصاً غرباء جلبتهم الحكومة من مقديشو".

وشدد محمد على ضرورة تشكيل إدارات محلية مؤقتة في أٍسرع وقت ممكن.

وذكر قائلاً، "من أجل توطيد وتعزيز المكاسب الأمنية في المناطق المحررة حديثاً وتجنب حدوث فراغ محتمل يمكن أن يؤدي إلى صراع على السلطة بين العشائر أو الجماعات المختلفة، وكذلك من أجل تجنب تدهور الأمن في تلك المناطق، كان لا بد من إنشاء إدارات محلية مؤقتة في المناطق المحررة كجزء من الترتيبات التمهيدية لبناء الولايات الإقليمية الفيدرالية".

الصباحي


Navigate through the articles
Previous article تنزانيا لن تتراجع عن قرار إرسال قواتها إلى الكونغو تطهير القضاء Next article
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع