يبدأ اليوم مئات الشبان الصوماليين الذين سلكوا طريق الجريمة كخاطفي سفن في البحار العمل في مهن مشروعة، وذلك بفضل برامج إعادة التأهيل الحكومية.
وقد أعلنت الإدارة الإقليمية لهيمان وهيب في وسط الصومال عن إعادة تأهيل أكثر من 200 قرصان سابق كانوا محتجزين لديها.
وقال وزير الشؤون الداخلية لهيمان وهيب، عمر غوريي، في حديث لصباحي إن "الشبان الموجودين معنا هنا مستعدون لبدء حياة جديدة". وأضاف، "يريد البعض منهم أن يمارس الصيد، في حين تأمل الأكثرية بالانضمام إلى القوات المسلحة. وإننا بالتالي ننتظر إحالتهم إلى الحكومة الفيدرالية".
يُذكر أن هؤلاء الشبان قد شاركوا في برنامج تدريبي لتأهيلهم مدة ثلاثة أشهر، وسيخضعون لتدريب عسكري رسمي ليصبحوا جنوداً متمرسين ما أن يتم تحويلهم إلى الحكومة الفيدرالية.
وفي هذا الإطار، أوضح محمد أحمد، وهو خبير في مسائل القرصنة يقيم في بوساسو، أن الحملة العالمية التي تنفذ للقضاء على القرصنة ساعدت في ردع الشبان الصوماليين عن الانخراط في هذه الجرائم.
وذكر أحمد في حديث لصباحي أنه "في السنوات القليلة الماضية، تزايد عدد الشبان الذين تخلوا عن أعمال القرصنة وبدأوا حياة جديدة بعيداً عنها".
وأوضح قائلاً، "يعود ذلك إلى الحملة الطويلة الأجل التي ينفذها [المجتمع الدولي] والتي نجحت بعد عمل دؤوب في إضعاف القرصنة. ومن الأسباب الأخرى، تجنب الناس للقراصنة وحملات التوعية التي أطلقتها الهيئات المعنية والعفو الذي مُنِح للقراصنة السابقين". وتابع قائلاً، "ولكن لكي تنجح هذه الجهود، يجب أن يدعم الشعب القراصنة السابقين".
وتجدر الإشارة إلى أن التخلي عن القرصنة ليس كافياً، وتسعى الحكومة الصومالية للحصول على دعم دولي لتوفير بدائل اقتصادية مستدامة للقراصنة السابقين.
وأعلن وزير الموارد الطبيعية، عبد الرزاق عمر محمد لصباحي، "سنتشاور مع المجتمع الدولي من أجل تخصيص رواتب لهم وفتح مدارس لتعليمهم وإعادة تأهيلهم وخلق فرص عمل لهم وإطلاق خدمات اجتماعية في المناطق التي يعيشون فيها، إذ أننا لا نستطيع القيام بذلك بأنفسنا".
عبدالملك عبدي شاكر البالغ من العمر 26 سنة هو من القراصنة التائبين. وهو متزوج وأب لولدين ويملك الآن محلاً للمواد الغذائية في مقديشو اشتراه له أقرباؤه ليتوقف عن أعمال القرصنة.
وقال لصباحي، "امتهنت القرصنة مدة ست سنوات. أجبرت في البداية على دخول هذا المجال بسبب البطالة وعدم توفر الخدمات الاجتماعية الحكومية. ولكنني ندمت على ذلك كثيراً إذ لم يجلب هذا المسلك لي سوى المشاكل، إلى أن تركت [القرصنة] السنة الماضية".
وتابع قائلاً، "أنا أعرج اليوم بسبب إصابة تعرضت لها في الركبة عندما أطلق حرس السواحل النار علينا. قُتل العديد من رفاقي السابقين وأعضاء من العصابة في حين أصيب آخرون بجروح خطيرة، الأمر الذي دفعني إلى اتخاذ قرار بترك هذا العمل".
أما عبد الله جمعة، 37 عاماً، فتخلى أيضاً عن القرصنة ويستعد حالياً للالتحاق بالجيش. يبلغ من العمر 37 عاماً، له زوجتان وعشرة أولاد.
وقال جمعة لصباحي، "أنا هنا مع مئات الرفاق الذي كانوا سابقا من القراصنة. حصلنا على التدريب اللازم للانضمام إلى صفوف الجيش وسننطلق في هذه الحياة الجديدة".
وأضاف، "سنبدأ من جديد مع الحكومة الجديدة نحن مفعمين بالأمل، لكننا نريد أن تقبل بنا الحكومة كجنود وأن تخصص لنا رواتب".
أما علي طوهو، 31 عاماً، فذكر أنه تخلى عن الصيد ليصبح قرصاناً إذ اعتقد أن القرصنة ستؤمن له ربحاً أكثر. ولكنه توقف عن هذه الممارسة عندما هددته زوجته بالطلاق.
وقال، "أنا اليوم جاهز للعودة إلى حياتي كصياد ولكني لا أملك أدوات الصيد اللازمة للانطلاق مجددا في هذا العمل".
وفي السياق نفسه، أشار أحمد والي إبراهيم، وهو من سكان جاريبان في منطقة مودوغ، إلى أن القرصنة أثرت بشكل كبير على الاقتصاد المحلي، فتسببت بتضخم يشلّ المشاريع التجارية الصغيرة في المجتمعات الساحلية في مختلف أنحاء الصومال.
وأوضح أن تغيير حياة القراصنة عبر منحهم فرص عمل جديدة سيساهم في تفعيل تلك المشاريع التجارية الصغيرة وإعادة الازدهار إليها.
وقال إبراهيم لصباحي، "كان لدي هنا محل تجاري صغير أبيع فيه السلع المنزلية والحلويات، ولكنني اضطررت إلى إقفاله إثر التضخم الذي تسبب به القراصنة وترك أثرا على كل القطاعات، ما جعلنا عاجزين عن الاستمرار في العمل. ولكن لم تعد القرصنة موجودة وانتهت فترة التضخم فأعدت فتح متجري. وزبائني هم من القراصنة السابقين الذين بدأوا حياة جديدة".
الصباحي
Navigate through the articles | |
أنصار حرية الصحافة يدعون لإجراء تحقيق مستقل في هجوم أرض الصومال | وماذا بعد؟ |
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع
|