قالت الجهات المعنية في مجال التربية إن فشل تطبيق نظام تربوي مشترك ذي نظام تقييم معياري ضمن مجتمع شرق أفريقيا قد أعاق تدفق الموارد البشرية وفرص العمل في المنطقة.
وقال باتريك أوباث، وهو
عضو في مجلس أعمال مجتمع دول شرق أفريقيا الذي هو كناية عن منظمة شاملة تيسّر
مشاركة القطاع الخاص في عملية التكامل في مجتمع شرق أفريقيا، "لكل دولة معايير
مختلفة تنطبق في مسألة التوظيف بسبب الأنظمة التربوية المتباينة".
وأضاف في حديث لصباحي، "يؤثر ذلك على إمكانية تأهل مواطنين من أوغندا مثلاً لشغل
وظائف في كينيا أو تنزانيا، والعكس بالعكس. ويعيق ذلك تطبيق بروتوكول السوق
المشتركة".
يُذكر أن مجتمع شرق أفريقيا، ومقره أروشا في تنزانيا، هو منظمة حكومية دولية هدفها
تعزيز التكامل الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي بين بوروندي وكينيا ورواندا
وتنزانيا وأوغندا.
وذكر أوباث أن العجز عن تسهيل عمليات التوظيف عبر الحدود قد تسبّب بإبطاء عملية
تكامل مجتمع شرق أفريقيا والتنافسية على الصعيد الإقليمي بشكل عام.
وقد بدأت حملة مؤاءمة الأنظمة التربوية والمناهج التدريبية في مجتمع شرق أفريقيا
عام 1998، عندما أوكلت إلى أمانة المجتمع مسؤولية إجراء دراسة مقارنة إقليمية من
أجل توحيد الفلسفات التربوية ومحتوى المناهج والبنى التربوية والسياسات وإطار العمل
القانوني.
ولكن أُحبطت العملية بعد إطلاقها. وفي عام 2003، رأت لجنة مجتمع شرق أفريقيا
الاستشارية المعنية بالتربية والبحث والتدريب أن قيام خبراء تربويين إقليميين
بتوحيد المناهج يتطلب وقتاً طويلاً جداً. وبعد ذلك، في العام 2008، توقفت الأعمال
الاستشارية الخاصة بالشؤون التربوية بسبب غياب التمويل.
وأشار أوباث إلى أن العملية أُحبطت مراراً وتكراراً بسبب شكوك أعضاء مجتمع شرق
أفريقيا وغياب التمويل والإرادة السياسية.
"سر
النمو" يكمن في توحيد المعايير التربوية
في هذا السياق، قال فيمال شاه، الرئيس التنفيذي في شركة بيدكو أويل ريفاينريز
الرائدة في صناعة المنتجات المنزلية في شرق أفريقيا، إنه كان من الصعب توظيف العمال
في معامل الشركة بسبب المعايير المتباينة.
وأوضح قائلاً، "إننا غير قادرين على توظيف مهندسين من أوغندا في معاملنا في كينيا.
فبسبب [متطلبات] التدريب المتنوعة، يتعذر عليهم الحصول على تراخيص عمل في كينيا.
وهذا أمر مزعج ومكلف بالنسبة للشركات، ولكنها مشكلة يمكن تخطيها بسهولة مع توفر
معايير تقييم موحدة".
وبدوره، تذمّر بيتر ماثوكي، وهو عضو في الجمعية التشريعية لشرق أفريقيا، من التقدم
البطيء الذي تشهده عملية توحيد المعايير التربوية.
وذكر في حديث لصباحي أن "التربية والمهارات تشكل أسس التكامل والاندماج الإقليمي،
وبغياب المعايير الموحدة، يصعب علينا نقل سكان منطقتنا وتوظيفهم خارج حدودنا على
أساس ما نص عليه بروتوكول السوق المشتركة. وإني أدرك أن هذا الوضع يشكل تحدياً
بالنسبة للشركات التي تدير عملياتها عبر الحدود".
وأضاف أنه بالرغم من ظهور نية سياسية لدى زعماء دول مجتمع شرق أفريقيا، إلا أن
بيروقراطيات وزارات التربية في كل دولة كانت مترددة بشأن دفع فرقها الفنية إلى
تغيير السياسات التربوية لتتوافق مع سياسات المنطقة.
وقال إن "تردد التكنوقراط هذا معزز بخوفهم أن تكون بعض الدول أكثر هجومية وعدوانية،
فيعتبرون أنه بوجود نظام تربوي موحد، قد يتمكن مواطنو تلك الدول من الاستيلاء على
كل فرص العمل المهمة في المنطقة، الأمر الذي لن يكون لصالح البقية. وهذا انطباع
خاطئ، ذلك أن هذا النظام لن يساهم إلا في خلق أوجه تآزر وروح التنافسية بيننا. وهذا
سر نموّنا".
مجلس الجامعات يطلب صلاحيات تمكّنه من التغيير
ومن جهته، قال نائب رئيس جامعة إيغرتون، جيمس تويتوك، إن مجلس شرق أفريقيا المشترك
بين الجامعات الذي تم دمجه في مجتمع شرق أفريقيا في 2009 لتنسيق التعاون بين
الجامعات والحفاظ على معايير تربوية متشابهة عالمياً، قد تأثر سلباً بغياب الموارد
المالية اللازمة لتمويل برامجه.
وأوضح تويتوك لصباحي، "إننا نسير حتى اليوم على المسار الصحيح في ما يتعلق بمسألة
توحيد المناهج وتأمين التعليم وضمان جودته. كذلك، وحّدنا كل قوانين الدول الشريكة
الخاصة بالتربية وطرحنا التعديلات على كل دولة لتسهيل عملية التوحيد".
وقال تويتوك، وهو عضو في المجلس، إن الشركات ليست الوحيدة التي تواجه تحديات بسبب
غياب النظام التربوي الموحد، فالمؤسسات التعليمية تواجه أيضاً مشاكل مماثلة.
وتابع قائلاً، "على سبيل المثال، إن الجامعات الراغبة في فتح فروع لها في دول أخرى
تُضطر إلى توظيف نائب رئيس آخر ووضع مناهج تعليمية مختلفة تتوافق مع معايير الدولة
المضيفة، مما يجعل الاستثمار في هذا المجال صعباً ومكلفاً".
يُذكر أن مجلس شرق أفريقيا المشترك بين الجامعات قد طرح عدداً من القوانين على
الجمعية التشريعية في مجتمع شرق أفريقيا لإجبار الدول الأعضاء فيه على إصلاح
أنظمتها التربوية بما يتلاءم مع بروتوكول السوق المشتركة.
ورأى تويتوك أنه، ليتمكن المجلس من لعب دور أكثر فعالية، لا بد أن يُعطى الصلاحيات
اللازمة لتقييم كل الجامعات في المنطقة.
الصباحي
Navigate through the articles | |
أسباب الهجمات على غرب كينيا لا تزال غامضة | هل أخطأ الأمريكيون في فهم الإخوان المسلمين |
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع
|