ثورة مثل الثورة
المصرية فى 25 يناير التى هزت أركان النظام السابق وقوّضت دعائمه وقضت على رأسه
وأعوانه وأدخلتهم السجون فى انتظار العقوبات التى يستحقونها عما قدمت أيديهم سواء
قبل الثورة أو أثناءها- لم يكن أن تمر بسهولة دون محاولات شتى من الخارج والداخل
للتأثير عليها وإعاقة سيرها أو القضاء عليها إن أمكن، وبالنسبة للخارج فإن من حولنا
الكثير من البلاد الديكتاتورية التى تخشى على نفسها من عدوى الثورة التى يمكن أن
تمتد إليها كما أن فى الداخل الكثير من أعدائها المستفيدين من النظام السابق والذين
قُضى على مصالحهم أثناء الثورة وبعدها. هذان العنصران المهمان هما المتربصان
بالثورة فى مصر والراغبان فى إعاقة مسيرتها أو القضاء عليها إذا وجدا لذلك سبيلاً.
من هنا كانت المؤامرات التى تحاك من الخارج والتى يعاونها أنصار النظام السابق من
الداخل ومعهم بعض الكارهين لحكام هذه الأيام ظناً منهم أن الفرصة ربما تحين لهم
للوصول إلى الحكم رغم أنه من المؤكد أن هذا النظام إذا ذهب وترك الحكم بغير إرادة
الناخبين فى انتخابات حرة وسليمة فلن يكون البديل هو المعارضة، ولكن سيكون البديل
هم أنصار النظام السابق الذين ينتظرون اللحظة المناسبة للانقضاض على الطرفين، وهم
يريدون البدء بالحكومة ثم تليها المعارضة التى لن تجد لها سنداً يعاونها فى مواجهة
أنصار النظام السابق بعد أن يكون قد سقط رفقاء الأمس الذين كان لهم أثر كبير فى
نجاح الثورة.
آخر المؤامرات التى تتعرض لها مصر والتى أصابت كبرياء الدولة فى مقتل- خطف الجنود
السبعة فى سيناء، وقد أسفت أسفاً شديداً عندما شاهدت زملاء الجنود المخطوفين يغلقون
معبر رفح الحدودى بيننا وبين غزة ويهتفون ضد حماس كأنها هى التى قامت بخطف الجنود،
والحقيقة أن هذا إحساس خاطئ ضد الإخوة فى غزة لأنهم لا يمكن أن يقوموا بذلك لأنه
ببساطة هذا ضد مصلحتهم، لأن مصلحتهم تقتضى الحفاظ على أمن مصر واستقرارها بل العمل
على هذا الاستقرار، حيث إن النظام السابق فى مصر كان من أهم العوامل المساعدة على
إحكام الحصار عليهم، هذا النظام الذى كانت تستعمله إسرائيل وأمريكا لبذر بذور
الفرقة بين الإخوة فى حماس ومنظمة التحرير، وكانتا تستعملانه لتعذيب الإخوة فى غزة
بإحكام الحصار عليهم، فى حين أن النظام الحالى لا شك حريص على الإخوة فى غزة. حقاً
أنه لم تحدث انفراجة كبيرة بين مصر وغزة فى عهده بسبب ظروف سياسية ومحاولات ضغط على
النظام المصرى لم يستطع هذا النظام الوليد مقاومتها، ولكن بلا شك إن الظروف أفضل
ومهيأة للانفراج أكثر ولذلك فإنى لا أعتقد أن الإخوة فى غزة يمكن أن يكون لهم يد
فيما يحدث فى مصر سواء فى قتل الجنود المصريين أو اختطافهم أو أى محاولة لزعزعة
الأمن فى مصر؛ لأن استقرار الأمن للنظام القائم فى مصر تستفيد منه غزة.
ما يحدث فى سيناء اليوم لابد أن تكون أسبابه ضاربة فى القدم بعد توقيع اتفاقية
السلام الهش مع إسرائيل التى حرمت مصر من كل سلطة عليها، وأصبحت إسرائيل تعلم عن
سيناء أكثر مما تعلمه مصر، وهذا ما جعلها موطناً للإرهابيين يعيثون فيها فساداً.
من هنا أقول إن اتهام الإخوة فى غزة بمحاولة زعزعة الاستقرار فى مصر نظرية
إسرائيلية، ومن يتبناها فى مصر يعمل لمصلحة إسرائيل المستفيدة الوحيدة بما يحدث فى
مصر الآن.
ما أسعد إسرائيل وهى تشاهد المصريين يخنقون إخوتهم فى غزة بغلق المتنفس الوحيد لهم
مع العالم وستكون أكثر سعادة عندما ترى المصريين يهاجمون إخوتهم فى غزة ويقطعون
عنهم أسباب الحياة لأنهم بذلك يكفون الإسرائيليين مؤونة حصار غزة والخسائر التى
يمكن أن تنجم عن ذلك.
أنا لا أحب نظرية الانتقام ولكن أقول إنه فى حالة القبض على خاطفى الجنود لابد أن
تعقد لهم محاكمة عسكرية تقضى عليهم بأشد العقوبات، حتى يكونوا عبرة لغيرهم لأن هذا
ما سيعيد للدولة هيبتها التى اهتزت بهذا الحدث، والأهم من ذلك هو الشروع فوراً فى
تعمير سيناء حتى نقضى نهائياً على كل البؤر الإجرامية التى تجد من الصحراء مكاناً
مناسباً تمارس فيه نشاطها.
حمى الله مصر من كل سوء.
المصري اليوم
Navigate through the articles | |
مرض الرئيس كشف أمراضا مزمنة أخرى!! | ما بعد تحرير الرهائن |
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع
|