فتح مصر

غاية فى الأهمية ذلك الكتاب الذى أصدره أخيراً الكاتب الصحفى حمدى رزق «فتح مصر»، الذى يحلل واحدة من أخطر الوثائق التى كان قد كشف عنها قبل سنوات من الثورة، التى تفضح تفاصيل خطة الإخوان للاستيلاء على مصر، لكنها لم تكتسب معناها الحقيقى إلا اليوم بعد أن بدأ الإخوان تطبيقها بالفعل، لذلك فإن من يقرأ الوثيقة الآن فى الكتاب الشيق لا يشعر على الإطلاق بأنه قرأها من قبل.

وخطورة «فتح مصر» أنها هى التى تمثل البرنامج الحقيقى لحزب الحرية والعدالة، وليس برنامج الحزب المعلن، وهى التى تمثل برنامج الرئيس مرسى وليس برنامجه الانتخابى، الذى أعلنه أثناء الحملة الانتخابية، والذى تحدث فيه عما سماه «النهضة»، وهو ما لا يرد له ذكر من قريب أو بعيد فى هذه الوثيقة السرية.

إن «فتح مصر» ستدخل التاريخ باعتبارها الوثيقة الدالة على خطط وتوجهات الإخوان السرية، وكما أن أى دارس للتاريخ السياسى الدولى لا يمكن أن يغفل «المنافستو» الشيوعى الذى أصدره ماركس وإنجلز عام 1848، الذى صار بعد ذلك الوثيقة المؤسسة لبرنامج الحزب الشيوعى الروسى، ثم سائر الأحزاب الشيوعية فى العالم، فإن «فتح مصر» لا يمكن إغفالها فى أى دراسة عن جماعة الإخوان باعتبارها الوثيقة المؤسسة لسياساتهم.

لكن بينما أعلن الشيوعيون برنامجهم صراحة ودافعوا عنه، نجد المراوغة الإخوانية تجعل برنامجها سرياً، كأنه مؤامرة، وتحاول نفى صحته حين يتم الكشف عنه، لكنها تماماً مثل الشيوعيين التزمت به حين ملكت أدوات الحكم، وأخذت تطبق خطواته التى سبق أن نفتها جملة وتفصيلاً.

إن فى وثيقة «فتح مصر» حديثاً عن الإعلام وضرورة اختراقه والسيطرة عليه، وعن رجال الأعمال التابعين للإخوان ودورهم الأساسى فى الجماعة، وعن ضرورة مهاجمة القوى الأخرى التى تسميها الوثيقة «أعداء الإسلام»، وفى موضع آخر «دعاة التبعية للغرب»، ومن الطريف أنه بينما استمر الإخوان يتهمون القوى الوطنية بالعداء للإسلام بعد أن وصلوا للحكم، فقد كفوا عن الحديث عن التبعية للغرب بعد أن صاروا هم المتهمين بها، وصاروا يستمدون بعض قوتهم من دعم الغرب - خاصة الولايات المتحدة - لهم.

ولقد بحثت فى «وثيقة التمكين الإخوانية»، كما يسميها حمدى رزق، عن المرأة أو عن الثقافة، فلم أجد لأى منهما مكاناً فى فكر الإخوان!!

إن كتاب «فتح مصر» من أهم الكتب التى صدرت هذا العام، وهو كتاب يجب أن يقرأه كل من يريد أن يعرف من الذى يحكم مصر الآن.

المصري اليوم


Navigate through the articles
Previous article مصر تتأهب لاحتجاجات ستعطي منحى جديدا للثورة أيها السياسيون رفقا بمصر Next article
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع