المقالات و التقارير > صوماليون يخبرون عن تجارب الزواج بالإكراه من عناصر حركة الشباب

صوماليون يخبرون عن تجارب الزواج بالإكراه من عناصر حركة الشباب

عندما كانت حركة الشباب تسيطر على مناطق عديدة من الصومال قبل سنوات، كان الأهالي الصوماليون مجبرين على ترتيب عملية هرب بناتهن من الزواج بالإكراه من مقاتلي الحركة.

وقد هربت هذه النساء إلى كينيا وأوغندا وأثيوبيا ولكنهن يعدن اليوم إلى ديارهن بعد أن تمكنت القوات الصومالية وقوة بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (أميصوم) من السيطرة على مزيد من المناطق التي كانت لا تزال بين أيدي الشباب.

واسترجع ليبان أحمد المقيم في مقديشو بالذاكرة كيف أجبرت إحدى بناته الثلاثة على الزواج من عضو من الحركة عام 2009.

وقال أحمد، 45 عاماً، "كانت ابنتي صغيرة جداً ولم تكن مهتمة أبداً بفكرة الزواج عندما تزوجها ذلك العنصر عديم الفائدة من حركة الشباب بالإكراه. كان عمرها 16 سنة وكانت في المرحلة السابعة في المدرسة".

وأضاف أحمد لصباحي "أتى إلى منزلنا رجل مسلح برشاش أي كي-47 لا يعرفني ولا يعرف عائلتي. وقال لي 'أنا المجاهد أبو أكرم وأريد أن أتزوج ابنتك زمزم'. فسألت ابنتي فوراً إذا ما كانت تعرف الرجل، ولكنها لم تتعرف عليه عندما رأته، الأمر الذي أرعبنا جميعاً".

وذكر أحمد أن الخوف انتابه ومع ذلك قال للمقاتل إنه لن يجبر ابنته على الزواج منه قسراً. فغضب الرجل وأحضر مذكرة توقيف بحق أحمد من محكمة للشباب في إيلاشا بياها وهي إحدى ضواحي مقديشو.

وشرح أحمد قائلاً، "بعد يوم من قولي له إنني لا أستطيع إجبار ابنتي على الزواج من رجل لا تريده، أحضر لي مذكرة استدعاء للمثول أمام المحكمة في غضون 24 ساعة".

وأشار إلى أن المحكمة أخبرته أن رفض زواج ابنته من مقاتل هو خطيئة. "أُجبرت على تزويج ابنتي من الرجل في المحكمة. وطُلب مني تسليم الفتاة إلى زوجها في غضون ثلاثة أيام. فلم أعطَ حتى الفرصة للتشاور مع والدتها بشأن هذا الزواج".

وقال "بعد أن أخبرت والدة زمزم عن الزواج القسري، بدأنا بجمع المال بمساعدة الأقارب وبعد يومين هربت زوجتي وزمزم وشقيقتيها الصغيرتين إلى أوغندا".

ولكن عندما اكتشفت حركة الشباب عملية الفرار، اعتقلت أحمد مجدداً.

وذكر قائلاً "صدر بحقي حكم ظالم بالسجن لمدة ستة أشهر وقد أنهيت هذه الفترة في 2010. والحمد لله، نجت بناتي من عذاب أن يصبحن زوجات إرهابيين". وأشار إلى أن المحكمة أمرت بطلاق مقاتل الشباب من زمزم.

وعادت عائلة أحمد إلى الصومال في 2013 وهي تعيش حالياً بسلام في حي هودان في مقديشو.

وقال رب العائلة "أنا وعائلتي مسرورون بالخسائر التي تكبدتها الشباب"، متهماً الحركة "بدفع الناس إلى كره بلادهم" بسبب المعاناة التي عاشوها تحت حكم الشباب.

وفي السياق نفسه، وصفت سعدية مومين، 55 عاماً وهي أيضاً من سكان مقديشو، الخوف الذي كان يعتريها من أن تُجبر ابنتاها على الزواج من عناصر حركة الشباب، وذلك عندما كانت المدينة تحت سيطرة الحركة. فأرسلتهما إلى أثيوبيا للعيش مع أقرباء للعائلة، وكان عمرهما آنذاك 19 و22 عاما. وقد أعادت مومين ابنتيها إلى المنزل العائلي في هودان هذه السنة.

وقالت في حديث لصباحي، "أشكر الله على خروج الشباب من المدينة وحماية بناتنا. فلم نعد خائفين من أن يجبرهن عناصر الشباب على الزواج إذ انهارت حركتهم وحلّت عليهم اللعنة لكل المعاناة التي تسببوا بها".

وشامسو علي هي زوجة سابقة لاحد مقاتلي حركة الشباب. عمرها 26 عاماً وهي من سكان داينيلي. كانت متزوجة على مدى ثلاث سنوات من أحد أعضاء الحركة رغم إرادتها إلى أن قُتل خلال اشتباكات مع القوات الحكومية في 2012.

وقالت "قبل الزواج، أخبرني أنه سيقول لوالدي إننا نرغب في الزواج وهدد بقتله في حال رفضت. كنت حزينة وخائفة وكنت أخشى أن يُقتل والدي إذا هربت من المدينة".

وتابعت قائلةً "لم يكن لدي المال الكافي لأهرب مع عائلتي، وبالتالي قررت الموافقة على عرضه قبل تفاقم [الوضع]. أشكر الله اليوم على اجتياز هذه المرحلة السوداء التي عشتها مع شخص كنت أخاف منه وعلى كوني لم أنجب له أي طفل".
 

الزواج بالإكراه لا يمت للإسلام بصلة

وعلى عكس علي، يناضل اليوم العديد من الشابات اللواتي أجبرن على الزواج من عناصر في الشباب للعيش كأمهات عازبات، فيكدحن لتأمين لقمة العيش لأولادهن من دون الحصول على أي مساعدة من آبائهم الذين توجهوا إلى ساحة القتال من دون توفير أي مال لهم.

وأشار الشيخ نور بارود غورهان، وهو رجل دين صومالي بارز والمتحدث باسم الجمعية الصومالية لعلماء الدين المسلمين، إلى أن هذا النوع من عقود الزواج غير شرعي في الإسلام بعض النظر عن الأطراف المشاركة فيه.

وأوضح أن الشباب بدأت تستعمل هذا الأسلوب تحت شعار الإسلام منذ 2007، فتستغل العائلات الصومالية الفقيرة المتأثرة بحالة الفوضى والحرب التي هزت البلاد على مدى سنوات.

وقال لصباحي "أجبروا العديد من النساء على الزواج منهم ومارسوا عليهن التخويف ليجعلهن يفكرن أنه من غير الشرعي رفض مجاهد يقاتل [لحماية] الدين والبلاد". وأضاف أن النساء والعائلات التي تصدت بحزم لهذه العناصر واجهت عقوبات قاسية من قبل الحركة.

والدليل على أن الشباب لم تنوِ يوماً الترويج لزواجات طويلة الأمد أو التأسيس لمجتمعات ثابتة، هو أن المقاتلين فرضوا حتى زواج نساء صوماليات من مقاتلين أجانب لا يتقنون اللغة الصومالية، بالرغم من إدراكهم أن هؤلاء لن يتمكنوا من التواصل مع زوجاتهم بأي طريقة واضحة.

وأكد رجل الدين على أن "مثل هذا الزواج غير شرعي في نظر الإسلام. فليس أفضل من عملية اغتصاب ولا أساس له في الإسلام".

الصباحي


Navigate through the articles
Previous article أكاذيب خمس حول الثلاثين من يونيو مصر تعيش فى «الحرام السياسى» Next article
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع