إذا كنتم قد نسيتم ثورة يناير
2011، فإننى أذكركم بأنها كانت انتفاضة شعبية، لم تستطع قوات الأمن ردعها رغم سقوط
ألف قتيل، وما يقرب من عشرة آلاف مصاب، وعندما وجد الجيش الوضع خارجا عن السيطرة
انحاز على الفور لرغبة الجماهير الثائرة، وأرغم مبارك على التنحى أو التخلى أو
الانسحاب من الرئاسة.
ونفس الشىء حدث مع ثورة يونيه 2013... فقد هبت الجماهير مرة أخرى غاضبة ورافضة وجود
الرئيس الإخوانى الذى تدهورت فى عهده أحوال مصر الاقتصادية والاجتماعية، وتراجع
دورها السياسى، بل إن الأعداد هذه المرة كانت ضعف أعداد الثورة الأولى، ومرة أخرى
انحاز الجيش إلى الجماهير وأجبر الرئيس على التخلى عن الحكم.
الحالتان إذن متشابهتان... ويمكن أن تحدث حالة ثالثة، ورابعة.. لا بأس، حتى يأتى
رئيس يصغى لمطالب الجماهير، ويحقق آمالها المشروعة فى حياة كريمة تليق بالإنسان
المصرى.
أما الفارق الوحيد فى الحالتين فهو أن مبارك كان يمتلك حزبا سياسيا منافقا أسرع
بالتخلى عنه، بمجرد اهتزاز سلطته، أما مرسى فينتمى إلى جماعة دينية تدعمه بالعقيدة
والإيمان، وهنا لابد من التنبيه إلى أن هذه العقيدة قد تم غرسها فى نفوس الأتباع
على مدى ثمانين عاما متتالية، واستطاع زعماؤها أن يحيطوها بتنظيم عنقودى يقوم على
السمع والطاعة، وتنفيذ الأوامر بدون مناقشة، مع تطبيق عقاب صارم على من يتململ أو
يعترض أو يتكاسل فى التنفيذ!
وقد تبين أن إدارة الحكم تختلف عن إدارة الجماعة، فالأولى تتطلب مواصفات خاصة،
وقدرات معينة، أما الثانية فلا تحتاج إلا إلى قدرة على الخطابة، والحصول على مركز
متقدم فى التنظيم، وهذا ما ظهر جليا فى أداء مرسى، الذى حرص إعلاميا على صلاة
الجمعة كل أسبوع فى مسجد، وراح يخطب فى المصلين بعد خطبة الجمعة، حتى بدأ يسمع
بأذنيه هتاف رفضه من المصلين داخل المسجد وخارجه!
وقد وجد الشعب المصرى أن مرسى يمنح مناصب الدولة لجماعة الإخوان وحدهم، ويستبعد كل
من هو من غيرها، عندئذ أدرك أن الجماعة تسعى للسيطرة والاستئثار بالحكم، والإدارة
دون اعتبـار لمصالح النـاس اليومية.. فـى عهد مرسى: لم ترفع القمامة من الشوارع،
ولم تختف طوابير الخبز، وتفاقمت أزمة أنابيب البوتاجاز، وتواتر انقطاع الكهرباء
فأحدث توابع لا نهاية لها على المواطنين، وأخيرا برزت أزمة البنزين والسولار فأوقفت
السيارات وقطعت طرق المواصلات.
هذا فى الداخل، أما على المستوى الخارجى، فقد انقطعت العلاقات الحميمة والتاريخية
أو كادت مع الإمارات، والسعودية، والكويت، وأعلنت الحرب على سوريا، وتراخى موقف مصر
تجاه أثيوبيا فى مسألة سد النهضة، ولم يبق إلا علاقة (بضائع) مع تركيا.
لقد زاد الألم، وتفاقم الغضب، ونجح شباب (تمرد) فى جمع 22 مليون توقيع، بإقالة
الرئيس، ثم اجتمع المتظاهرون فى أكبر حشد بشرى شهده العالم، فلم يكن هناك بد أمام
الجيش المصرى سوى الانحياز للشعب، وحسم الموقف بصورة أراحت معظم المواطنين ولم
يرفضها سوى جماعة الإخوان الذين يستحسن أن ينضموا كحزب سياسى فى صفوف المعارضة وأن
يتجه بعضهم الآخر إلى بيان سماحة الإسلام كجماعة دعوية وذلك بدلا من جر البلاد إلى
حرب أهلية.
اليوم السابع
Navigate through the articles | |
عودة ظهور الجهاديين في كينيا | ملاحظات صريحة على مشهد رائع |
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع
|