المقالات و التقارير > عودة ظهور الجهاديين في كينيا

عودة ظهور الجهاديين في كينيا

قلل الجهادي الكيني أحمد إيمان علي من أهمية دوره القيادي في حركة الشباب وأعلن عن كامل ولائه وطاعته لقائدها الأعلى، أحمد عبدي غوداني، وذلك في مقابلة أجراها مؤخرا مع مركز الشباب المسلم .

وقال في المقابلة التي نشرت عبر تويتر في 4 تموز/يوليو، "علينا أن ندرك أن ولائنا للأمير [غوداني] وإصغائنا إليه وطاعته في غير معصية، هو واجب من واجبات العبادة وأشكر الله [سبحانه وتعالى] على إنني وفيت بالتزامي دون إكراه من أحد".

وهذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها علي علنا منذ مغادرته وطنه كينيا إلى كيسمايو عام 2009 مع مئات المجندين الكينيين، وقد عرف فيما مضى بـ "الأمير الأعلى لحركة الشباب في كينيا".

ويأتي تعهد على بالتزام طاعة غوداني في وقت يواجه فيه الأخير ثورة شنها عدد من كبار قادة الشباب المعارضين لما يصفوه بحكمه الاستبدادي .

ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى استخدام علي لصيغة الطاعة "في غير معصية"، إذ شكك رجال الدين والعلماء المسلمون الصوماليون في صحة تفسير غوداني لتعاليم الدين، معتبرين لصباحي أن استعماله الحديث الشريف والآيات القرآنية في غير سياقها لتبرير قتل معارضيه هو تشويه للإسلام ، ولذلك ليس على اتباعه حرج في الخروج عن طاعته في تنفيذ ما هو آثم .

وردا على سؤال حول إذا ما شكلت قضية الجهاد وما إذا كان ينبغي أن يكون عالميا أو في نطاق محلي، مسألة خلافية استراتيجية بين قادة حركة الشباب ، بدا علي من رأي غوداني حيث قال، "الجهاد نوعان، جهاد دفاعي وجهاد هجومي ويحتل الدفاعي الأولوية".
 

علي يعترف بحدوث انشقاقات واسعة من الشباب وينفي أي دور قيادي له في الحركة

وفيما اعترف علي بتصاعد وتيرة الانشقاقات من حركة الشباب، نفى المزاعم حول تركه المجندين الشباب الذين تقطعت بهم السبل في ساحة المعركة.

وقال، "لم أسمع عن أي شخص فرّ من ساحة المعركة مستخدما اسمي كذريعة، وإذا كانوا ما يزالون في رحاها فأهنئهم على براعتهم، إذ لست في موقف يسمح لي باعطائهم ضمانات".

واعترف علي بوجود العشرات من المجندين الكينيين الذين "ادعوا أنهم تركوا الصومال لأنني لم أقدم لهم الدعم اللازم".

وقال، "إن رحلتي إلى الجهاد كانت واجبا وقد أجلتها فترة طويلة جدا وقلت مرارا وتكرار للشبان بأن مسؤوليتنا تكمن في ساحة المعركة. ولذلك، إذا اعتقد أحد أنني تخليت عنه من أجل السلطة والشهرة، فجوابي هو نعم ولكن من أجل السلطة والشهرة في الآخرة وليس في هذا العالم".

وواصل علي نفيه الأنباء التي تتحدث عن تعين حركة الشباب له كأمير أعلى في كينيا في كانون الثاني/يناير 2012، الأمر الذي أكده في حينه مركز الشباب المسلم. ووصف هذه المزاعم بأنها "اعتراف من أشقائنا الصوماليين الذين قاتلوا بلا كلل ضد الكفار بأهمية عمل المجاهدين الكينيين في الصومال".

ومع ذلك، أكد علي إنه لم يسمع عن هذا التعيين قائلا، "[كما] سبق أن أعلنت فأنا لا أشغل أي منصب ولست سوى مجاهد [مقاتل جهادي] كغيري من المجاهدين. أما فيما يختص بمنصب الأمير في كينيا فلا أنجاز لي فيه ولا فشل، لأن المنصب نفسه غير موجود. كما قلت سابقا، لا أشغل حاليا أي منصب في صفوف [حركة الشباب] ولا أرى نفسي احتل في المستقبل القريب أي مركز فيها".
 

تسليط الضوء على إحباط عناصر حركة الشباب

وعلى الرغم من إن المقابلة تسعى إلى حث أتباعه على المشاركة في القتال بالصومال، اعتبر الصحافي في مومباسا ديفيد أوشامي، أن علي ألقى دون قصد المزيد من الضوء على حركة الصراع الدائر حول السلطة في صفوف الجماعة المفككة والمحبطة. ويغطي أوشامي أخبار الجماعات المتشددة في الشرق الأوسط والقرن الإفريقي لصالح صحيفة ذي ستاندارد الكينية.

وقال لصباحي، "يبدو أن المقابلة كانت مدبرة وموجهة من حركة الشباب بهدف إظهار أن مقاتليها متحدون تحت قيادة زعيم الحركة أحمد عبدي غوداني. بإعلانه الولاء لغوداني، ترسل حركة الشباب رسالة إلى المقاتلين المتمردين الذين يعارضون زعامة غوداني لحثهم على تغيير موقفهم والعودة إلى الحظيرة ".

وأشار إلى رسائل مباشرة تم تبادلها عبر تويتر بين مركز الشباب المسلم وحركة الشباب قبل يومين من نشر المقابلة، معتبرا أنها ربما تكون دليلا حول إجراء الشباب للمقابلة في مقديشو وإرسال نصها فيما بعد إلى مركز الشباب المسلم لنشرها.

وأضاف أوشامي، أن التراجع عن تعين علي بعد 18 شهرا من الإعلان عنه، يظهر أن حركة الشباب تستميت لتصوير غوداني كمرجع وحيد للسلطة.

وأوضح، "يتصرف علي في العلن وكأنه دمية لاسيما وأنه وافق على إظهار نفسه بمظهر السيء، إلا أن تجريده من لقبه قد يثير المزيد من الاستياء بين مناصريه الذين تعاملوا معه كأمير".
 

تشويه الماضي لصرف انتباه الجماهير

وحاول علي في المقابلة تأجيج مشاعر الانتقام من خلال ربط نضال مقاتلي حركة الشباب الكينيين بمآسي حصلت منذ عقود ولا علاقة لها بما يجري اليوم.

وقال علي، "لا يتم الإعلان عن منطقة الحرب، إنما يستدل عليها من خلال عدائية الكفار حتى ولو لم يشر إليها أحد. وعليه، فإن كينيا منطقة حرب منذ حدوث مجزرة واغالا".

والمجزرة التي يتحدث عنها جرت عام 1984 نتيجة لعقود من لاشتباكات حول الأراضي بين القبيلتين المسلمتين ديغوديا وأجوران. وفي حينه، قتل رجال الأمن الذين نشروا في المنطقة لإعادة النظام لآلاف من السكان، الأمر الذي اعترفت به الحكومة الكينية عام 2000.

وفي تقرير قدم إلى الرئيس أوهورو كينياتا في 21 أيار/مايو السابق، وثقت لجنة العدالة الحقة والمصالحة عددا من حوادث انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت خلال أحداث واغالا وغيرها، وعرضت توصيات لمنع التاريخ من تكرار نفسه. وسيرفع التقرير إلى البرلمان لمناقشته في موعد لم يحدد بعد.

وقال مفوض مقاطعة واجير، نافتالي مونغاثيا، إن إشارة علي إلى مجزرة واغالا ما هي إلا محاولة رخيصة لإثارة الجماهير عبر إيقاظ النعرات بين سكان واجير المحبين للسلام.

وقال مونغاثيا أن مركز الشباب المسلم كان قبل المقابلة يبرر أنشطته الجهادية بمشاركة كينيا في بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال وبسعيه لإعادة بناء الحكومة الصومالية. إلا أنه أعاد النظر في مواقفه في المقابلة واستغل صراع القبائل في كينيا لجذب مقاتلين جدد.

وأضاف أن مقابلة علي غير المسبوقة هي أيضا محاولة لمسح الأضرار التي تسبب بها الجهادي الأميركي المولد، أبو منصور الأميركي، الذي كشف عن تفاصيل الخلافات بين قادة حركة الشباب حول استراتيجيتها.

وأوضح لصباحي، "لقد أحدث الأميركي الكثير من الضرر، وها هي الحركة تدخل إلى الساحة عندما لم يعد موجودا في محاولة لإعادة آلتها الدعائية إلى المسار الصحيح وإنقاذ ماء الوجه".

من جانبه، قال الرائد المتقاعد في قوات الدفاع الكينية، بشير حاجي عبد الله، إن الطلب من شخص كعلي إجراء مثل هذه المقابلة وهو ينفي بشكل قاطع شغله لأي منصب في صفوف حركة الشباب، يشير إلى حاجة غوداني الشديدة للحصول على الدعم.

وأضاف أن غوداني لم يعد لديه حلفاء يساندوه في سعيه إلى السيطرة بشكل كامل على المجموعة المنقسمة، ولن تفيده هذه المقابلة في إقناع المتمردين بالعودة إلى الحظيرة.

وختم قائلا لصباحي، "إن الضرر قد وقع بالطريقة التي تعامل بها مع [أبو منصور الأميركي] وغيره من قادة الشباب. يرى الجنود على الأرض كيف جرى التعامل مع قادتهم ويدركون أنهم سيلقون المصير نفسه وهم الأدنى مرتبة".

الصباحي


Navigate through the articles
Previous article مَن يقتل أتباعه؟ ثورتان.. ونصيحة Next article
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع