هناك على مدار التاريخ السياسى
فى مصر وغيرها معارضون وناشطون سياسيون يملأون الدنيا عملا تحت الأرض وفوقها، منهم
من يصل للسلطة فيتحول لرجل دولة يملأ السمع والأبصار قادر على اتخاذ القرار السليم
فى الوقت السليم، ومنهم من يتعثر ويتوه فى دوامات العمل السياسى وملفاته المتعددة
فيفقد البوصلة ولا يستطيع أن يملأ مكانه، ومن النوع الأول جمال عبدالناصر وأنور
السادات (رغم الاختلاف الواضح بين الرجلين)، فناصر أثبت أنه معارض وناشط عظيم بحكم
تأسيسه وقيادته
لتنظيم الضباط الأحرار، ثم تحول إلى رجل دولة فذ- حتى على مستوى التاريخ- والسادات
اختلفنا أو اتفقنا فيما ذهب إليه بعد نصر أكتوبر كان أيضا له نفس المميزات.. هذا عن
النوع الأول أما النوع الثانى الذى لا يصلح رجل دولة فأصدق مثال عليه هم جماعة
الإخوان المسلمين الذين عملوا تحت الأرض وفوقها، ومارسوا المعارضة الإرهابية والعنف
حينا والمواءمة والمعارضة المستأنسة أحيانا أخرى طوال أكثر من ٨٠ عاما، ومثلوا دور
المظلومين المفترى عليهم حتى جاءت بهم الأقدار والمؤمرات وأمريكا إلى سدة الحكم فى
مصر ففشلوا فشلا غير مسبوق كرجال دولة وعلى رأسهم محمد مرسى.. والأمثلة كثيرة فى
التاريخ من الناحيتين، ونعود إلى عنوان المقال والسؤال: هل الدكتور البرادعى الناشط
والمعارض يصلح كرجل دولة؟؟ البرادعى - وحتى لا يزايد علينا المهووسون والدراويش -
رجل فاضل له قيمته العلمية والعالمية، وتفخر به مصر كأحد أبنائها النجباء وكان له
دور رائع فى تحريك المياه الراكدة قبل الثورة، ليس وحده ولكن مع مجموعة رائعة من
المصريين فى حركة كفاية وغيرها، حتى قبل مجىء الرجل إلى مصر، وليس حقيقيا أنه كان
المحرك الأوحد للثورة فهو أحد رموزها وليس الوحيد.. والرجل عندما نستعرض مواقفه بعد
الثورة نجده يؤثر السلامة ويخشى الالتحامات والمواجهات، والبعض يسمى هذا نبلا
وآخرون يسمونه سلبية وخوفا قد يكون من طبيعة شخصية الرجل الذى لا نريد تحميله بأكثر
مما يحتمل.. وفى اعتقادى أن الرجل دفع دفعا- عن طريق حركة تمرد الشابة- ليجد نفسه
فى الموقع الذى لا يقدر عليه، وما إن تحول من ناشط لرجل دولة حتى تعثر وأصبح غير
قادر على السير بنفس سرعة وقوة وثورية من جعلوه ممثلا لهم، فالرجل طوال الوقت يتحرك
ويتكلم كموظف كبير أو مصلح اجتماعى وليس ممثلا لثوار، وفى حواره الأخير للواشنطن
بوست والذى أثار الكثير من الجدل انتظرت رده على منتقديه فهالنى الرد الذى لم يخرج
عن اتهامهم بأنهم إما فلول حكم مبارك أو الإخوان، وهو دفاع شخصى. والرجل قد يكون
منظرا جيدا يلقى المحاضرات ويعود ليجلس فى مكتبه، ولكن رجل الدولة الذى يلتحم
بالشعب لا بعض النخبة فهو أبعد ما يكون عن شخصيته، وبالمناسبة هذا ليس عيبا، وأرى
أن هناك تناقضا حادا بينه وبين السيسى يجعل يد الأخير مغلولة.. نحتاج للحسم الذى لا
يعرفه البرادعى.
المصري اليوم
Navigate through the articles | |
عيد الفطر مناسبة تجمع شعوب شرق أفريقيا بمختلف انتماءاتهم | غزوة رابعة وغدوة المرشد! |
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع
|