المقالات و التقارير > د. الببلاوي: ننتظر حكومة انضباط وعمل لا تردد وفشل

د. الببلاوي: ننتظر حكومة انضباط وعمل لا تردد وفشل

أكتب هذا المقال مساء يوم الجمعة ولا أعرف ماذا سيكون عليه الحال يوم نشره.. أتصور أن شيئاً كبيراً يكون قد حدث بالفعل أو بدأ حدوثه للتعامل مع الأفعال الإجرامية التى تجرى بمنطقة إشارة مسجد رابعة العدوية وبشارع الجامعة والمناطق المحيطة بهما، والتى يتساهل البعض فيصفونها بالاإعتصامات، ويستهبل بعض آخر فيصفونها بالسلمية! لا داعى لتكرار ما قاله الكثيرون غيرى وأجمعت عليه الآراء القانونية والسياسية من أن ما يجرى فى هاتين المنطقتين بالقاهرة الكبرى لا تنطبق عليه شروط ولا مواصفات ما تُقره دساتير العالم ولا قوانينه بشأن الاعتصام كحق من حقوق التعبير عن الرأى. أتصور ذلك بناءً على ما صرح به كبار المسؤولين المصريين فى الأيام القليلة الماضية، وعلى رأسهم السيد رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء بأن فرص الحوار السلمى وتغيير المواقف عن طريق الإقناع والوساطات قد انتهت، وأن الدولة حزمت أمرها بتصفية هاتين البؤرتين الإجراميتين.. إننى لا أتصور، ولو للحظة واحدة، أن ذلك يمكن أن يتأخر خاصة بعد مرور أكثر من أسبوعين على تفويض وأمر الشعب لقواته المسلحة والشرطة باتخاذ ما يلزم لإنهاء هذا الوضع المُزرى، لأن غير ذلك لو حدث سيكون سبباً وجيهاً للمطالبة بسحب الثقة من حكومة د. الببلاوى. لقد أصابنى فى الأيام الأخيرة تململ وإحباط كبيران، بكِبر ما كنت أتوقعه وأنتظره من حكومة هى الأولى منذ ثورة 25 يناير التى شعر الشعب المصرى - وفى القلب منه شبابه الشجاع - بأنها هى التى يمكن أن نطلق عليها بضمير مستريح «حكومة الثورة» بعد أن ضمت عديدا من الشخصيات الوطنية الثورية نظيفة اليد قوية التأثير، وكان لها دورها البارز فى مقاومة نظام الفساد والاستبداد الذى كان قائماً حتى ثورة 25 يناير 2011 وامتد حتى موجتها الثانية فى 30 يونيو 2013. لم يكن مناسباً من حكومة كهذه مرّ على تشكيلها أقل من شهر أن نرى منها تلك الهفوات والهنات التى تذكّرنا بحكومات فترة حكم المجلس العسكرى وجماعة الإخوان الفاشلة، وعلى سبيل المثال: (1) تصريحات د. زياد بهاء الدين التى صرح فيها بأن الحكومة لا تعلم شيئاً عن زيارات ومفاوضات قام بها عدد من المسؤولين الخارجيين للمتهم محمد مرسى المحبوس على ذمة قضايا جنائية هو وأعوانه من القتلة المجرمين فى السجون المصرية.. وسواء كان د. زياد قد قال هذا الكلام أم لم يقله، فإنه أثار موجة من الاستياء والاستنكار، باعتباره صادراً من نائب رئيس مجلس الوزراء، وكان يستدعى الأمر صدور بيان من مجلس الوزراء لشرح المقصود بهذا التصريح أو نفيه بما يطمئن الرأى العام على قوة الحكومة وجديتها، ولا يتم إهمال التعليقات على هذا التصريح بهذه الطريقة حتى لو كان هذا التصريح زلة لسان. (2) أعلن السيد وزير الحكم المحلى أن حركة المحافظين الجدد ستصدر قبل حلول عيد الفطر، وها هو العيد قد انتهى ولم تظهر سوى شائعات هنا وهناك أثارت بلبلة وعلامات استفهام، مثل ما روجته بعض الفضائيات والصحف عن عودة أسماء بعض من رموز الحزب الوطنى المنحل أو الإبقاء على بعض الكوادر الإخوانية الفاشلة مثل محافظ القاهرة الحالى! موقف ذكرنا بأيام حكومة الإخوان الضعيفة، لا أعرف سبباً له ويدعونى للتساؤل: متى يتعلم هؤلاء السادة المفترض أنهم ساسة وذوو خبرة ألا يتكلموا إلا بعد أن يفعلوا؟ كيف ستستردون ثقة الشعب وأنتم مستمرون على نفس النهج المتردد الخائب؟! (3) ما علاقة تجمع بضعة آلاف فى منطقة إشارة رابعة وشارع الجامعة بعدم قيام بعض الوزراء بأعمالهم والقيام بالتغييرات المطلوبة بمنتهى الجدية والشجاعة والهمة العالية، ونحن فى سباق مع الزمن لإصلاح ما كان فاسداً وازداد فساداً مع سنة الإخوان السوداء؟! ولكى أكون منصفاً، فإن العديد من الوزراء قد شرعوا بالفعل فى إعادة ترتيب الأمور داخل وزاراتهم بعد عمليات الأخونة المنحطة التى تمت خلال العام الماضى، وتسرب بسببها إلى جهاز الدولة عدد من معدومى الكفاءة والخبرة من أتباع الجماعة الإرهابية، عاثوا فيه جهلاً وتخبطاً، وأن هذا يستغرق جزءاً من وقتهم وفكرهم، ومن أمثلة ذلك وزارتا الصحة والتعليم على عكس وزارات أخرى تعيش فى حالة من التردد والخوف والضعف مثل وزارة البترول. كذلك فإن هناك وزراء ألحظ بكثير من الإعجاب والتقدير جهودهم الفورية فى تنفيذ ما فى عقولهم من خطط وأهداف واضحة، مثل المهندس إبراهيم محلب وزير الإسكان، وما يجرى فى وزاراتى القوى العاملة والتضامن الاجتماعى.. تبقى الوزارة ذات الدور الأهم فى هذه المرحلة وأقصد بها وزارة الداخلية.. صحيح أن رجال الداخلية يقع عليهم الدور الأكبر فى عملية القضاء على البؤرتين الإجراميتين فى رابعة والجامعة، ولكن أين هى إدارات المرور والأمن العام ولماذا لا تقوم بواجبها فى الشارع المصرى بطريقة أكثر جدية وحسم؟ ولماذا لا تُزال جميع الحواجز بوسط المدينة وتُفتح طُرق المرور، وتُشعر الناس بأن الأوضاع فى طريقها للاستقرار والانضباط؟.. باختصار، يا حكومة د. الببلاوى فقط عليكم الآن أن تفتحوا أبواب الأمل أمام ملايين المصريين الذين يشعرون بإحباط شديد هذه الأيام وينتظرون الكثير منكم.

المصري اليوم


Navigate through the articles
Previous article تجارة الثورة والبحث عن كاميرا عيد الفطر مناسبة تجمع شعوب شرق أفريقيا بمختلف انتماءاتهم Next article
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع