فيما كان طرفا النزاع الرئيسيان، السلطة
والمعارضة يحشدان اتباعهما أمس للخروج في مظاهرات بمناسبة يوم المرأة التونسية، لم
يفض اجتماع رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي مع حسين العباسي الأمين العام لاتحاد
الشغل إلى حل سياسي للأزمة في تونس.
ولو كانت حكومة الترويكا التونسية تواجه المعارضة اليسارية فحسب لهان الأمر، ولكنها
أيضاً تواجه تحدياً كبيرا يتمثل في عمليات الحركة السلفية المسلحة الذي كان آخر
فصولها مقتل ثمانية جنود تونسيين ومحاصرة مركز حدودي، وقصف الجيش التونسي لجبل
الشعانبي وقتل ستة من المسلحين.
تحاول حركة النهضة عدم تكرار أخطاء جماعة الأخوان المسلمين في مصر من خلال توسيطها
الاتحاد العام للشغل للوصول الى اتفاق مع المعارضة، وباستثناء الوقت الطويل الذي
استغرقه المجلس التأسيسي في العمل على الدستور، لا يمكن أن يسجّل عليها أنها أبعدت
الأطراف السياسية الأخرى كما فعل الأخوان في مصر.
إضافة الى ذلك فان الجيش التونسي ليس بحجم وقوة ونفوذ الجيش المصري على الدولة
المصرية، وليست له مصالح اقتصادية وامتيازات كبيرة يخاف عليها، وبالتالي فان
المراهنة على دور يلعبه في النزاع، على خطورته الشديدة، ليس متوقعاً.
كما أن عاملاً مهمّاً يلعب دوراً مهماً في الوضع المصري ويتمثّل في مجاورة سيناء
لغزة واسرائيل، وما يعنيه هذا من المساعدة في تشجيع عسكرة الصراع في مصر، والتحريض
على حركة حماس وضرب المسلحين السلفيين، كما حصل مؤخراً في عمليّة تبادل الجيشين
الاسرائيلي والمصري الزعم بالمسؤولية عنها.
طرفا النزاع في مصر، رغم الصراخ الايديولوجي للطرفين الذي يحاول كل منهما ان يدّعي
ان الله الى جانبه، هما طرفان محافظان عموماً، فيما ان الطرفين المتنازعين في تونس
يمثلان شكلاً من الاسلام السياسي المعتدل الراغب في توافقات سياسية، من جهة،
واليسار العلماني المتطرف الذي لا يريد أن يتوقف الى ان يختفي الاسلاميون من
الوجود.
على الصعيد الدولي فان الدول الفاعلة في الشأن التونسي، على عكس ما ترغب المعارضة
التونسية، لا تبدو متحمسة للاستقطاب الشديد الذي تخلقه مواقف المعارضة اليسارية
التونسية، ولقاء السفير الامريكي براشد الغنوشي زعيم حركة النهضة والباجي قايد
السبسي رئيس حزب نداء تونس، وكذلك زيارة وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيله
يصبّان في نزع فتيل النزاع لا صبّ الزيت عليه.
قبول حكومة الترويكا بتجميد عمل المجلس التأسيسي يقابله طلب المعارضة الغاء كل
نتائج الانتخابات الماضية والبدء من الصفر السياسي، وهو طلب يمكن فهمه في إطار
المزايدات السياسية للحصول على صفقة لكنه في ظل الظروف الأمنية المتدهورة ليس إلا
وصفة لاستمرار التدهور السياسي وصولاً الى فوضى قد لا تحمد عقباها، وعندها فقط يمكن
لكل هذه الاختلافات بين المحمودة بين مصر وتونس ان تختفي وأن يذهب البلد الى طريق
لا رجعة منه.
القدس العربي
Navigate through the articles | |
مقاطعة نيروبي تلجأ للإعلانات التوعوية في مواجهة مرض الإيدز | تجارة الثورة والبحث عن كاميرا |
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع
|