المقالات و التقارير > رجال الدين الصوماليون يدينون أفعال الشباب ويرسمون مساراً جديداً ضد التطرف

رجال الدين الصوماليون يدينون أفعال الشباب ويرسمون مساراً جديداً ضد التطرف

اجتمع الزعماء الدينيون الصوماليون في ما شكّل رمزاً غير مسبوق للوحدة بينهم يوم الأربعاء، 11 أيلول/سبتمبر، وأطلقوا فتوى تدين حركة الشباب وتحدد مساراً جديداً للتعامل مع الأيديولوجيات المتطرفة التي تهدد مستقبل الصومال.

فاجتمع بين 7 و11 أيلول/سبتمبر وفد ضمّ أكثر من 160 رجل دين صومالي من مختلف أنحاء البلاد وخارجها في فندق الجزيرة في مقديشو، وذلك للمشاركة في المؤتمر الوطني حول معالجة ظاهرة التطرف في الصومال. وهدف المؤتمر الذي عقده الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود إلى تمكين إجراء حوار واسع النطاق حول التطرف في البلاد وتطوير خطة وطنية شاملة لمحاربة حركة الشباب.
 

متحدون ضد الشباب

وفي نهاية المؤتمر، اتفق المندوبون على المحافظة على الوحدة في وجه التطرف من أجل دعم تطبيق الحكومة للشريعة، وهو اقتراح أقره البرلمان الصومالي عام 2009، إلى جانب عدم التسامح أبداً مع ما تنفذه الشباب من مذابح بحق الصوماليين، حسبما جاء في البيان الختامي.

وأجمع المندوبون أيضاً على أن أيديولوجية الشباب لا أساس لها في الدين الإسلامي، بل تنتج عن رغبة بالحصول على السلطة بالقوة من خلال حوكمة أشبه بالنظام الديكتاتوري والاستيلاء غير المشروع على ملكيات الشعب.

وأشار علماء الدين إلى أن أفعال الشباب تهدف إلى إلحاق الهزيمة بالشعب الصومالي والقضاء على إيمانه وثقافته وقوميته.

وجاء في البيان أن "الشباب تشكل خطراً على السلام والتقدم والاستقرار في الصومال. ويشكل دعم الحكومة الصومالية وتقويتها الطريقة الأفضل لمواجهة اعتداءات الشباب على الصومال وشعبه. وبالتالي، من واجب الحكومة الفيدرالية الصومالية ومختلف الإدارات الإقليمية والشعب الصومالي التعاون والاتحاد من أجل تعزيز القيم الوطنية وحمايتها".

كذلك، أصدر المندوبون بالإجماع الفتوى التالية المؤلفة من سبعة بنود:

1. "ضلّت الشباب طريقها وهي تدفع الشعب الصومالي نحو الاتجاه الخاطئ. وتشكل الأيديولوجية التي تنشرها خطراً على الإسلام وعلى وجود المجتمع المسلم".

2. "إن الحكومة الصومالية حكومة إسلامية ويُمنع محاربة [أعضائها] أو اعتبارهم من غير المسلمين".

3. "يجب أن تكفّر حركة الشباب المتشددة عن أيديولوجياتها المشوهة وأعمالها الإجرامية المروعة أمام الله".

4. "يُحظر الانضمام إلى الشباب أو توفير أي شكل من الدعم لها".

5. "يُعد توفير الملجأ لأعضاء الشباب خطيئة. وإنه لواجب ديني تسليم أعضاء الشباب إلى الأجهزة الأمنية في الحكومة الصومالية".

6. "إن التفاوض بالنيابة عن أعضاء الشباب المحتجزين لدى الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة يُعد خطيئة".

7. "لدى المسؤولين الصوماليين واجب ديني يتمثل في حماية الشعب الصومالي من الشباب. وبدورهم، يتوجب على المواطنين الصوماليين دعم الحكومة في عملياتها ضد الشباب".
 

التوصيات

حدد المشاركون في المؤتمر توصيات تتمحور حول خمس مسائل أساسية هي تحسين الوضع الأمني وبسط الاستقرار على الصعيد السياسي وتعزيز النمو الاقتصادي وتقوية النظام العدلي وتوعية الشعب بشأن التطرف.

وتشمل التوصيات الأمنية بناء قدرات القوات الأمنية وتحسين التعاون والشراكة بين الشرطة والشعب وتعزيز التعاون مع المجتمع الدولي من أجل وضع حد للإرهابيين.

ولضمان الاستقرار السياسي، أوصى المندوبون الحكومة بإعادة التركيز على القيم الوطنية وإبقاء قنوات التواصل مفتوحة بين الشعب والحكومة والزعماء الدينيين بهدف بسط السلام وتعزيز المصالحة وإطلاق برامج إعادة تأهيل لصالح أعضاء الشباب الذين لم ينجروا بالكامل في التطرف.

كذلك، أوصى المندوبون الحكومة بوضع قانون يحظر تمويل الجماعات المتطرفة وإنشاء بيئة مؤاتية للنمو الاقتصادي، إلى جانب تعزيز التعاون بين الأجهزة الأمنية ومجتمع الأعمال وإنشاء صندوق مخصص لإعادة تأهيل أعضاء حركة الشباب.

وأكد المندوبون على ضرورة الحفاظ على العدالة من أجل الترويج للوحدة وحماية الأمن الوطني.

وأوصى رجال الدين أيضاً الحكومة بتقديم تدريبات لأساتذة المدارس ومدرسي الدين، وذلك من أجل تحضير الطلاب بالشكل المناسب وجعلهم أقل تأثراً بالتطرف.

واختتم المؤتمر بدعوات وُجهت إلى الحكومة لإنشاء وكالة وطنية مهمتها محاربة انتشار الأفكار المرتبطة بالتطرف في الصومال في غضون 30 يوماً وتنظيم مؤتمر لمتابعة القضايا التي طُرحت مع رجال الدين الصوماليين والأجانب في غضون 90 يوماً.
 

نقطة تحول لمكافحة التطرف

في هذا الإطار، قال عمر شيخ عبدالرحمن، مدير مركز الوساطة والحوار في مقديشو، إنها المرة الأولى التي يصدر فيها تجمع لرجال الدين الصوماليين البارزين من فئات مختلفة بياناً موحداً ضد الشباب، يعبّر من خلاله عن دعمه للحكومة في حربها ضد الإرهاب.

وأوضح عبدالرحمن لصباحي أن الفتوى ستشجع الصوماليين على تقييم آرائهم بشأن التطرف وإعادة أخذها في الاعتبار، الأمر الذي سيسرّع هزيمة الشباب.

وقال "إن الكثير من الأشخاص الذين يعتبرون أن الشباب هي على الطريق الصحيح سيقتنعون بالعكس". وأضاف أن حظر دعم الحركة بشكل واضح وصريح سيؤدي إلى تغيير رأي الكثير من مؤيديها.

من جهته، قال الشيخ حسن جامع محمود، وهو إمام في معهد مينيسوتا داوا في سان بول في مينيسوتا وسافر إلى مقديشو للمشاركة في الاجتماع، إن أكبر إنجاز حققه المؤتمر هو مساعدة الصوماليين على رسم مستقبلهم. وذكر أنه لهذه الغاية، من الأساسي بالنسبة للحكومة والشعب التعاون في الحرب ضد الشباب.

وأضاف لصباحي "من الضروري أن نتحد ضد الأشخاص الذين يقتلون المدنيين الأبرياء […] على أساس أفكار عقائدية لا أساس لها في الدين الإسلامي".

وتابع محمود قائلاً إن النجاح في تطبيق كل التوصيات يتطلب جهوداً مشتركة من قبل الجهات المعنية وذلك بتوجيه من الحكومة.

ولكن لفت إلى أنه لا بد من إعطاء الأولوية للتوصيات الخاصة بالملف الأمني. وشدد على ضرورة أن "تضع الحكومة مهاماً أخرى جانباً وأن تضع خطة أمنية لأن ثمة خوف من انفجارات أخرى قد تقتل مزيداً من الناس".

وبالرغم من التأييد العام الذي لاقاه المؤتمر، انتقده زعيم أهل السنة والجماعة، الشيخ عمر عبدالقادر، معلناً أنه لا يمثل كل رجال الدين.

وأوضح لصباحي "لم يتم إعلامنا به أو دعوتنا إليه".

وأضاف أن بعض رجال الدين المشاركين كانوا أيضاً من داعمي الشباب في السابق. وقال إن "الشخص الذي أقنع الناس في الماضي بتنفيذ التفجيرات وقطع الرؤوس لا يستطيع إقناعهم اليوم بالعكس".

ورد محمود قائلاً إن مجموعة متنوعة من رجال الدين الصوماليين شاركت في المؤتمر ويمكن تنظيم مؤتمرات في المستقبل لمعالجة أي شكاوى أخرى.
 

الفوز في الحرب الفكرية

في هذا السياق، رحّب ألس حاجي أحمد، 32 عاماً وهو طالب في كلية الأعمال في جامعة سيماد في مقديشو، بتوصيات رجال الدين وبالفتوى، مشيراً إلى إنه طال انتظارها.

وأوضح لصباحي "تمنيت لو قدمها [رجال الدين] منذ فترة طويلة إذ أن الشباب تنفذ هجمات إرهابية في كافة أنحاء البلاد منذ زمن".

وقال أحمد إن الطريقة الوحيدة للفوز بالحرب على الشباب تتمثل في توعية رجال الدين للشعب بشأن الأيديولوجية الخاطئة التي تعتمدها الحركة.

وشدد على أن "المشكلة هي في غياب الوعي لدى الشعب. ما نطلبه من رجال الدين هو أن يقوموا بخطب متواصلة في مختلف أنحاء مقديشو ليعلم الشعب أن الطريقة الملتوية التي تستعملها الشباب في ما يخص الدين لا تستند إلى المبادئ الإسلامية".

ومن جانبه، ذكر روبلي ضاهر، 28 عاماً وهو طالب في كلية الصحافة بجامعة مقديشو، أن الحرب ضد الشباب كانت حرباً فكرية.

وأضاف لصباحي "من الرائع أن نرى رجال الدين يتكلمون للمرة الأولى بصوت واحد ضد أيديولوجية الشباب. وعلى الحكومة تركيب مكبرات صوت في الأماكن العامة لإخبار الناس عما يقوله الإسلام بشأن التفجيرات التي تنفذها الشباب والتي تؤدي إلى مقتل الأبرياء".

وأشار إلى أنه يجب تأمين حماية أمنية خاصة لرجال الدين عند توجههم إلى المساجد لإلقاء الخطب ذلك أن الشباب تُعرف باستهدافها للضحايا في المساجد وحولها.

الصباحي


Navigate through the articles
Previous article مصر الثروة والفقر! البرلمان فى مشروع الدستور Next article
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع