6 أكتوبر!

6 مارس عام 1973 أصدر الرئيس السادات قراراً بفصل أكثر من مائة صحفى من عملهم وتحويلهم إلى جهات حكومية أخرى بعيدة عن العمل الصحفى، وضمت القائمة أحمد بهاء الدين ومكرم محمد أحمد، وأحمد حمروش، وثروت أباظة، وكاتب هذه السطور، فرفضت تنفيذ القرار، كما رفض آخرون، ولم أتسلم العمل الذى نقلت إليه بالهيئة العامة للاستعلامات، ثم جاء يوم 28 سبتمبر، الذى كان السادات فى سنواته الأولى يلقى فيه خطاباً فى ذكرى رحيل جمال عبدالناصر، فأعلن السادات أنه «عفا» عنا(!!) وأن بإمكاننا الآن أن نعود لأعمالنا، واتصلت بى «الأهرام» لتخبرنى بالقرار، فاعتذرت قائلاً إننى مثلما رفضت قرار الرئيس بفصلى، بسبب رأيى، فإننى أرفض قراره بالعفو، فأنا مازلت على الرأى نفسه الذى فصلنى بسببه، وهو رفض حالة اللاسلم واللاحرب التى تعيشها البلاد منذ حوالى ثلاث سنوات، وهو ما عبرت عنه الرسالة الشهيرة التى كتبها الكاتب الكبير توفيق الحكيم، والتى وقعت عليها مع الآخرين، بالإضافة لحالة التخبط التى تتسم بها قرارات السلطة السياسية ومحاولاتها هدم كل الإنجازات التى تحققت فى فترة الستينيات.

وما كاد يمضى أسبوع واحد حتى عبرت القوات المسلحة المصرية قناة السويس وحطمت خط بارليف، ولم أتصور كيف أكون جالساً فى بيتى فى مثل هذا الظرف الذى هز العالم، ودون تفكير وجدتنى نسيت تحفظاتى السابقة وانطلقت إلى عملى بالقسم الخارجى بـ«الأهرام»، أتلقى برقيات وكالات الأنباء وأشارك زملائى بالقسم فى تقديم صورة شاملة عما يجرى فى العالم وما تبديه مختلف الدوائر العالمية من آراء، وما تأتى به من ردود أفعال على هذا الحدث البطولى الجلل الذى لم يكن أحد يتوقعه.

كانت جريدة «التايمز» البريطانية قد شكلت مجموعة عمل خاصة لمتابعة حرب أكتوبر، التى غيرت ميزان القوى العسكرية فى المنطقة، وكان الخبير الاستراتيجى الفرنسى أندريه بوفر يكتب عن هذا التطور المهم الذى غير بعض النظريات العسكرية الثابتة، وكنا بالقسم الخارجى نتابع كل ذلك يومياً، بالإضافة لموقف الإدارة الأمريكية والرئيس نيكسون، والتى فقدت توازنها فجاء مستشار الرئيس للأمن القومى هنرى كيسنجر مهرولاً إلى المنطقة فى رحلات مكوكية لا تتوقف.

يضاف إلى ذلك آثار الزلزال الذى أحدثته تلك الحرب البطولية داخل الدولة، التى سمت جيشها «الجيش الذى لا يقهر»، فإذا به يقهر فى ست ساعات ليس أكثر.

واليوم بعد مرور 40 عاماً على ذلك اليوم مازلت أتذكر تفاصيل الذكرى وأشعر بأن القوات المسلحة وانتصارها البطولى هو الذى أعادنى لعملى الذى فصلت منه.
المصري اليوم


Navigate through the articles
Previous article انطلاقة خجولة لمبادرة "غو تو سكول" في الصومال لعنة مرسي التي حلت بالإنقلابيين! Next article
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع