شكل هجوم حركة الشباب الارهابية على مركز وستغيت التجاري بنيروبي الشهر الماضي حادثة أليمة يرى خبراء أنها حافز لكينيا والصومال لوضع آلية للتعاون بين الأجهزة الأمنية في كل من البلدين للتعاون في حربهما على حركة الشباب.
وقال محللون أمنيون لصباحي إن
امتلاك حركة الشباب قدرات لوجستية، الذي مكنها من شن هجوم دامٍ على مركز تجاري في
قلب العاصمة كينيا، ما هو إلا دليل واضح على أن الحركة لا تحصر أهدافها بالصومال،
بل هي مجموعة خطرة تستدعي تضافر الجهود البشرية والفنية والمالية من كلا البلدين
لاحتوائها.
وقال جاوه كيتيكو، وهو مقدم متقاعد في الجيش الكيني والمدير التنفيذي لمركز الأبحاث
والمعلومات الأمنية وسط نيروبي، "الارهاب مشكلة تفاقمت حتى تحولت إلى أزمة اقليمية
وتتطلب جهودا مستدامة بين الأجهزة الأمنية المختلفة حتى يتم القضاء عليها".
وأضاف لصباحي، "حان الوقت لتقوم الحكومتان الكينية والصومالية بالعمل بجدية أكبر
ووضع استراتيجية محكمة لمحاربة الارهاب تشمل على شبكة لمشاركة المعلومات
الاستخبارية كواحدة من سبل التعاون بينهما".
واعتبر كيتيكو أن آلية مشاركة المعلومات الاستخبارية المشتركة بين كينيا والصومال
لن تؤدي إلى تحسين القدرة على جمع المعلومات فحسب، بل ستساعد أيضا في تسريع عملية
معالجة البيانات والتحليل الأمني، مما يضمن تحركا سريعا بعد رفع التوصيات.
مراقبة
وسائل التواصل الاجتماعي والتحويلات المالية
وأوضح كيتيكو في هذا الإطار أهمية وضع مراقبة مشتركة لاستخدام الارهابيين لوسائل
التواصل الاجتماعي.
وبحسب كيتيكو فإن حركة الشباب، كغيرها من المنظمات المتطرفة تستخدم الانترنت في نشر
حملاتها الاعلامية وتجنيد العناصر وجمع الأموال وتحويلها وتدريب العناصر على
استخدام السلاح والتكتيكات والتخطيط للعمليات الارهابية.
وقال كيتيكو، "على الشرطة الكينية والصومالية تشيكل قوة أمنية مشتركة للمراقبة على
الانترنت تتابع حركة التواصل بين عناصر الحركة المتشددة".
"وتقوم القوة الأمنية بدوريات مرئية يومية على الانترنت حيث يضطلع العناصر المشرفون
على حركة التواصل بمهارات محددة. ويعمل هؤلاء على البحث عن مؤشرات خطرة وفقا للغة
والأسلوب لمنشورات المتطرفين لتحديد مصدر الرسائل الارهابية وهدفها".
ولو أن بعض المحادثات على الانترت، أضاف كيتيكو، تم أخذها بجدية أكبر وتم التحقيق
بها بشكل أكثر دقة كنا استطعنا وضع إجراءات وقائية وتفادينا الخسائر البشرية التي
وقعت.
من جانب آخر، أكد أمين عام الخزانة الكينية غودفري مواه أن البلدين يجب أن يعملا
على تحقيق توافق أكبر في الممارسات الرقابية على المستوى الاقتصادي وأنظمة المصارف
الرسمية وغير الرسمية.
وأضاف لصباحي أن الارهابيين يستخدمون الأنظمة المالية كالتحويلات وبطاقات الائتمان
من المصارف الرسمية وغير الرسمية وخدمات التحويل المالية لتمويل العمليات وشنها،
وإن الرقابة الضعيفة تسمح للارهابيين بالتحرك بنجاح.
وتابع مواه أن "المؤسسات المالية في كينيا تبلغ عن التحويلات المالية المشبوهة
والتي تقوم بها مجموعات إرهابية. أود أن اقترح على البنك المركزي والبرلمان
الصومالي اتباع النموذج الكيني في هذا الاطار".
وقال، "إن الحكومة الصومالية بحاجة إلى وضع تشريعات تمكن الشرطة لا سيما [عبر] قوة
للجرائم المالية، من تحديد جرائم غسل الأموال وتتبع أصولها وتجميدها أو مصادرتها.
إنها الطريقة الفضلى لمحاصرة أي منظمة إرهابية وتجفيف منابع تمويل أنشطتها
الارهابية".
أما سفير الصومال إلى كينيا محمد علي نور، فاعترف بحجم المشكلة قائلا، "الحرب على
ارهاب حركة الشباب تحولت إلى مسألة اقليمية عابرة للحدود. على الحكومتين أن تستغلا
النية السياسية الموجودة وتأسيس منصة مشتركة للتعاون".
وقال نور إن على جهاز الاستخبارات الوطني الكيني وجهاز الأمن والاستخبارات الوطني
الصومالي جمع مواردهما لتطوير بنك اقليمي شامل للبيانات وإنشاء منتدى للعناصر
الأمنية يمكنهم التواصل من خلاله ومقارنة بياناتهم وتحليلاتهم الاستخبارية.
وأوضح نور لصباحي، "إن بنك المعلومات هذا سيحوي على اسماء الارهابيين المشتبه بهم
وصورهم المحدثة وآخر مواقعهم وتحركاتهم وشركائهم ومحادثاتهم ومصادر تمويلهم".
تدريب
العناصر الأمنية الصومالية
يبذل شركاء الصومال الدوليين جهودا في إطار إعادة تشكيل جهاز شرطة صومالي محترف
حديث وفاعل.
وعلى سبيل المثال، قدمت الحكومة الكينية العام الماضي الدعم للصومال لتيسير إجراء
برنامج تدريبي استمر ثلاثة أشهر لعناصر في الشرطة الصومالية.
وأشار الناطق باسم الشرطة الكينية، زيبورا غاتيريا مبوروكي لصباحي، "لقد دربنا أكثر
من 200 شرطي وشرطية صومالي على المهارات المتقدمة لحماية الشخصيات وحراسة المنشآت
العامة وتأمينها واستراتيجيات عامة في إنفاذ القانون".
وأقيم التدريب ضمن أراضي مصلحة حماية الحياة البرية في كينيا بمنطقة ماياني، وشارك
فيه مدربو شرطة من أوغندا وغانا ونيجيريا وسييرا ليون.
وأضاف مبوروكي، "من الواضح أن الارهاب يلاحق كينيا والصومال وثمة عمليات أمنية سرية
تقوم بها قوة مكافحة الارهاب الكينية والصومالية. لا أريد أن أدخل في تفاصيل لكن
ثمة إطار عمل للتحقيق المشترك وجمع المعلومات والمراقبة المحددة وتقييم التهديدات
الارهابية".
من جانبه، أكد العميد يوسف حسين دومال الذي ترأس الجيش الصومالي خلال الحكومة
الفيدرالية الانتقالية أن على الصومال والدول المجاورة بذل المزيد من الجهود
التعاونية في المجال الأمني وطلب المساعدة من الشركاء الدوليين الذين يتمتعون
بخبرات متقدمة في هذا المجال كألمانيا والولايات المتحدة وآخرين في توفير المعدات
والتدريب على المهارات.
وأضاف دومال لصباحي، "يعمل الارهابييون بطرق جديدة ويشنون عملياتهم وفقا لتكتيكات
حديثة، لذا فإن التصدي لهم يجب أن يتم بطريقة مختلفة".
وأي استراتيجية فاعلة طويلة الأمد لمحاربة التطرف والارهاب تقتضي تشكيل فرقة أمنية
لمكافحة الارهاب في كل بلد، تتألف من عناصر من الشرطة يتمتعون بالتدريب المناسب على
أحدث التكنولوجيا وطرق جمع المعلومات الاستخبارية وتحليلها، بحسب ما قال دومال.
وشدد دومال أن "المهام الوحيدة أمام تلك الفرق يجب أن تنحصر في مكافحة الأنشطة
الارهابية وأن تخصص لها موازنة خاصة ويتم تجهيزها بمعدات عسكرية متطورة"، معتبرا أن
على دول شرق أفريقيا تأسيس قوة شبه عسكرية مشتركة تتمتع بصلاحيات اقليمية.
وأضاف، "تعمل هذه الفرق على الحالات الطارئة التي لا يمكن لدولة [وحدها] التصدي
لها".
وختم دومال حديثه قائلا، "[تأسيس قوة مشتركة] سيتطلب اجتماعات تمهيدية حيث يمكن
للوزراء المسؤولين في المجال الأمني مناقشة إمكانية تشكيل تحالف من هذا النوع"،
معترفا بأن النتائج قد لا تكون بين ليلة وضحاها.
الصباحي
Navigate through the articles | |
اختطاف ليبيا | ألغاز قضية خطف ابو انس الليبي |
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع
|