يطالب النواب والخبراء الأمنيون بزيادة سلطة جهاز الاستخبارات الوطني في كينيا من أجل تغيير وضع الوكالة من مشاهد إلى سلاح فعال في الحرب ضد الإرهاب.
وقد تعرض جهاز الاستخبارات
الذي هو الوكالة الوحيدة في البلاد المكلفة بجمع المعلومات الاستخبارية وتحليلها،
لانتقادات حادة بعد أن قيل إنه فشل في منع وقوع الهجوم الذي استهدف مركز وستغيت
للتسوق الشهر الماضي في نيروبي.
وقد ردّت الوكالة على تلك الانتقادات في 27 أيلول/سبتمبر مصدرةً ملخصاً استخبارياً
لوسائل الإعلام شرحت فيه كيف أنها حذرت السلطات المعنية بما في ذلك الشرطة الكينية
من هجمات إرهابية وشيكة على وستغيت وعلى أماكن عامة أخرى.
وإن عدم تحرك الشرطة المزعوم هذا كان وراء المناشدات التي أُطلقت بإعطاء جهاز
الاستخبارات سلطة التحرك على أساس المعلومات الاستخبارية التي بحوزته، عوضاً عن
الاعتماد على تعاون وكالة أمنية أخرى.
وذكر عثمان كاماما، رئيس إدارة الجمعية الوطنية ولجنة الأمن الوطني في البرلمان
الكيني، أن "جهاز الاستخبارات بطريقة تشكيله الحالية أشبه بمؤسسة أبحاث. فهو غير
قادر على التصرف على أساس معلوماته الاستخبارية [في الوقت اللازم] بما أن الدستور
يعطي هذا الحق للشرطة".
وأضاف كاماما لصباحي "كان الهجوم على مركز وستغيت للتسوق هجوماً على السيادة
الكينية وعملية استفزازية. وإننا ندرس مسألة الثغرات على مستوى العمليات في قانون
جهاز الاستخبارات الوطني لنتمكن من تعديله بالشكل المناسب ومنح الوكالة إمكانية
مواجهة الاعتداءات الإرهابية".
ومن المتوقع أن يدلي كل من مدير عام جهاز الاستخبارات الوطني مايكل جيشانغي والمحقق
العام في الشرطة ديفيد كيمايو ومدير التحقيقات الجنائية نديغوا موهورو ووزير
الداخلية والتنسيق في الحكومة الوطنية جوزيف أولي لنكو بشهادتهم أمام لجنة الإدارة
والأمن الوطني ولجنة الدفاع والعلاقات الخارجية في البرلمان يوم الجمعة، 18 تشرين
الثاني/أكتوبر، وذلك في إطار التحقيقات التي تجري بشأن هجوم وستغيت.
وقال كاماما "ليست اللجنتان في مطاردة عشوائية للأشرار وليستا بصدد توجيه اللوم إلى
أي فريق. فإننا ننفذ مهمة جادة للتحقق من الوقائع من أجل تحديد الثغرات على المستوى
الهيكلي وعلى مستوى العمليات ضمن جهاز الاستخبارات الوطني ومن أجل تقديم توصيات حول
كيفية تمكين وكالة الاستخبارات".
وأشار كاماما إلى أن جهاز الاستخبارات يضم أفضل الخبراء في الحقل [الأمني] كما أنه
يحصل على التمويل المناسب. وقال "ما من سبب لتجاهل تقارير جهاز الاستخبارات الوطني
في الوكالات الأخرى. لو كان بيد الوكالة السلطة اللازمة، لكانت عرفت التمييز بين
الحياة والموت. إن هدفنا تقوية جهاز الاستخبارات وليس التسبب بشلله".
جهاز الاستخبارات "نمر من ورق"
ويقع جهاز الاستخبارات الوطني الذي كان يُعرف باسم جهاز الاستخبارات الأمنية الوطني
قبل إقرار قانون جهاز الاستخبارات عام 2012 مباشرةً تحت إشراف مجلس الأمن الوطني
الذي يرأسه مدني.
وإن هذه الهيئة الكينية التي تأسست قبل ثلاث سنوات قد جرّدت جهاز الاستخبارات
الوطني من القدرة على اتخاذ إجراءات فورية وذلك كطريقة لضمان عدم وقوع انتهاكات
لحقوق المدنيين. ولكن أعلن العقيد المتقاعد في الجيش الكيني وأحد مؤسسي شركة مالتي
سيكيوريتي كونسالتنتس المحدودة في نيروبي، رايمند كيبكورير شيرويوت، أن السعي وراء
احترام حقوق الإنسان والمطالبة بالمساءلة في ما يخص العمليات قد شلّت الوكالة.
وقال إن القانون "حوّل جهاز الاستخبارات الوطني إلى نمر من ورق. فلا مجال للتحرك.
وثمة العديد من الآليات التي يمكن مراجعتها للتحقق من تجاوزات وكالة الاستخبارات
كلجنة الإشراف البرلمانية أو الهيئات المدنية المستقلة".
وأضاف "إذا لا يستطيع جهاز الاستخبارات الوطني فعلاً ضمان الأمن للكينيين والزوار
في الوقت الحالي بسبب قيود يفرضها القانون، فيكون قد حان الوقت للبحث معمقاً في
قانون جهاز الاستخبارات الوطني بصورة شاملة".
وقال شيرويوت إن على كينيا أن تحذو حذو الدول المتطورة التي تضم وكالات استخبارات
قوية وفعالة.
وتابع قائلاً "برأيي، يجب أن يُعطى جهاز الاستخبارات الوطني سلطات تشريعية لتنفيذ
عمليات سرية ضد الإرهابيين في كينيا وخارجها. أصبحت عمليات محاربة الإرهاب حول
العالم معقدة وخطيرة. وقد عزز الإرهابيون دورهم عبر كسب إمكانيات شبه عسكرية".
وشرح شيرويوت أن "وكالة الاستخبارات التي تتمتع بالسلطة اللازمة هي بمثابة عيني
الحكومة وأذنيها وأنفها. إنها قاعدة يستند إليها أمن الدولة. وإن تمكين جهاز
الاستخبارات الوطني هو أشبه بضمان سلامة الكينيين وضمان أمن الدولة بشكل عام".
يُذكر أن تقارير جهاز الاستخبارات تُرسل إلى وزارة الداخلية والتنسيق في الحكومة
الوطنية وإلى السكرتير الدائم في الوزارة والمحقق العام في الشرطة ونائبيه ومدير
قسم التحقيقات الجنائية في الشرطة.
ومن جهته، ذكر ندونجو غاثينجي، رئيس اللجنة البرلمانية للدفاع والعلاقات الخارجية،
أن "المعلومات الاستخبارية تكون مفيدة عندما تُستعمل في الوقت المناسب لتحقيق
النتيجة المطلوبة".
"ولكن المعلومات الاستخبارية الموثوقة لا تكون ذات منفعة في حال لم يتم التحرك على
أساسها، و[إن ذلك] هدر لأموال دافعي الضرائب وتنصل من المسؤولية"، حسبما قال
لصباحي.
تعديل القوانين بمسؤولية
وفي هذا السياق، قال المدير التنفيذي لمنظمة بيس نت في كينيا، ستيفن كيريمي موامبا،
إنه لا بد من أن يعدل البرلمان قانون جهاز الاستخبارات الوطني الذي أقر في العام
2012 ليحصل هذا الأخير على القدرة على التحرك التي هو بأمس الحاجة إليها.
وأضاف لصباحي "يجب أن تُعطى لجهاز الاستخبارات الوطني السلطات التي يحتاج إليها
لمواجهة الجريمة المنظمة كالإرهاب، ولكن يجب أن يكون في الوقت عينه خاضعاً للمساءلة
أمام البرلمان".
وتابع موامبا "يجب أن يكون عملاء الاستخبارات قادرين على تنفيذ عمليات تفتيش فورية
للممتلكات واعتقال المشتبه بتورطهم في الأعمال الإرهابية. ويحدد قانون جهاز
الاستخبارات سلطات الوكالة باعتبارها منظمة مدنية ومنعها من تنفيذ مهام الشرطة أو
تنفيذ عمليات شبه عسكرية، مع أن عمل الاستخبارات يتطلب بحكم طبيعته مهارات لتنفيذ
عمليات خاصة وشبه عسكرية أو خبرة في استعمال أسلحة القتال".
ولكن يقول البعض إن على كينيا الحذر من منح سلطات إضافية معززة لوكالة الاستخبارات.
وقال ديفيد كوروس، منسق البرامج في مركز كينيا ضد التعذيب وهي منظمة تعمل لحماية
حقوق الإنسانية وإعادة تأهيل ضحايا التعذيب الذي تمارسه العناصر الأمنية والجماعات
المسلحة، "طالما أن جهاز الاستخبارات الوطني لا يستعمل أي أساليب غير إنسانية
كالتعذيب والاحتجاز غير الشرعي في التعامل مع المشتبه بهم، إني أدعم طلبه بالحصول
على سلطة أوسع نطاقاً".
وأضاف لصباحي "نصيحتي هي مواجهة الإرهاب بالعدالة. ولكي يُمنح جهاز الاستخبارات
الثقة بتنفيذ عمليات تفتيش ومسح، يجب أن تتوفر آليات مناسبة تُجري عمليات تحقق وتقف
في وجه الاعتقالات الاعتباطية والقتل بغير محاكمة وتزوير الأدلة. بمعنى آخر، يجب أن
يكون سلوك عملاء جهاز الاستخبارات الوطني أخلاقياً".
الصباحي
Navigate through the articles | |
رسائل متضاربة حول تشكيل اقليم بيدوا | ارفعوا أيديكم عن القضاء |
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع
|