المقالات و التقارير > الإعلام المصري في بحر هائج

الإعلام المصري في بحر هائج

جاءت إجازة رأس السنة الهجرية بمثابة فرصة ذهبية لالتقاط الأنفاس داخل الوسط الإعلامي المصري بعد الصخب الكبير الذي عاشه الصحافيون، أول من أمس، تزامناً مع محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي.

بعد 120 يوماً على عزله، ظهر مرسي للمرة الأولى على الشاشات من خلال لقطات مسجّلة بعدما حالت التدابير الأمنية دون النقل المباشر للجلسة الأولى لمحاكمته بتهمة التسبّب بقتل المتظاهرين؛ أولهم الصحافي الحسيني أبو ضيف (الأخبار 13/12/2012) عند «قصر الاتحادية» مطلع كانون الأول (ديسمبر) الماضي.

منع النقل المباشر لجلسة المحاكمة انعكس سلسلة أزمات على الطواقم الإعلامية التي خرجت في أكثر من اتجاه لتغطية أصداء المحاكمة. وبدلاً من التركيز على ما يجري داخل قاعة المحكمة في أكاديمية الشرطة في القاهرة، ركّزت القنوات على ما يجري خارجها، وحول دار القضاء العالي في وسط القاهرة، والمحكمة الدستورية العليا المطلة على كورنيش النيل في ضاحية المعادي، حيث حرص مؤيدو مرسي على محاصرة أبرز المؤسسات القضائية احتجاجاً على محاكمته.

ورغم شكواهم المستمرة من التعتيم الإعلامي على تظاهراتهم، لم يترك أنصار الإخوان طواقم الفضائيات أول من أمس من دون مطاردتها والاعتداء على العاملين فيها، بحجة عدم نقلهم الحقيقة وانحيازهم للنظام الجديد في مصر. وكان لسمير عمر مراسل «سكاي نيوز عربية» وزملاؤه النصيب الأوفر من الاعتداءات. نقلت الشاشات لقطات حيّة لمنع الإخوان ضيوف تلك القنوات من الحديث المباشر أمام الكاميرا، كما محاولة إسقاط مصور قناة «صدى البلد» من أعلى سيارة البث المتحركة بعدما لجأت إحدى الصحافيات إلى السيارة إثر اشتباك الإخوان معها. وكان مقطع الفيديو الأكثر تداولاً هو ذاك الذي صوّر شاباً إخوانياً يصفع سيدة مسنّة مؤيدة لوزير الدفاع عبد الفتاح السيسي. بدأت الواقعة عندما رصدت كاميرا موقع «اليوم السابع» السيدة التي رفعت صوراً لزعماء مصريين؛ أبرزهم جمال عبد الناصر وعبد الفتاح السيسي، ليدخل الشاب الإخواني في الكادر مشيراً بعلامة رابعة. أبعدت السيدة المسنّة يده عن الكاميرا، فردّ بصفعات عنيفة على وجهها. لاحقاً، تداول نشطاء تويتر بيانات الشاب، مطالبين بالقبض عليه.

وفيما اعتمدت الفضائيات خلال الساعات الأولى من محاكمة مرسي على تسريبات جاءت من داخل القاعة بسبب تعذر النقل المباشر، كان الجمهور على موعد مع بث لقطات مسجلة لمرسي عصر الاثنين عبر التلفزيون المصري. وجاءت اللقطات التي غاب عنها الصوت لتفجّر موجة جديدة من الجدل في اليوم الطويل، بعدما ظهر مرسي مترجّلاً من سيارة «ميكرو باص» أقلّته من مهبط الطائرة المروحية إلى مقرّ المحكمة، ثم يظهر تصفيق قيادات الإخوان المتهمين معه في القضية نفسها بمجرد ظهوره في القفص، ولقطات له وهو يجادل رئيس المحكمة المستشار أحمد صبري يوسف. أدى البث المسجل وغياب الصوت إلى حرب كلامية بين مؤيدي مرسي ومعارضيه على مواقع التواصل الاجتماعي. مؤيدوه اعتمدوا على عبارات سرِّبت عنه مثل قوله للقاضي «أنا الرئيس الشرعي وأنت باطل» و«يسقط يسقط حكم العسكر»، على أنّها تأكيد لصمود الرئيس الذي قيل إنّه طلب ميكروفوناً ليرد على القاضي بصوت واضح، فيما رأى معارضو مرسي عباراته المسربة تأكيداً على حالة الإنكار التي يعيشها مع جماعته التي سرّعت الثورة عليه في «30 يونيو» ووقوف الجيش المصري إلى جانب الجموع الغاضبة في الشوارع.

عربياً، واصلت «الجزيرة» تغطيتها المنحازة لمرسي، مستضيفة مدير مكتبها في القاهرة عبد الفتاح الفايد من مكتبها الرئيسي في الدوحة، ما يعكس الصعوبات التي يواجهها طاقم المحطة القطرية في الشارع المصري، بينما راحت مذيعة المحطة خديجة بن قنة «تتباكى» على مرسي على صفحتها على الفايسبوك. وركّزت «العربية» على واقعة الاعتداء على مراسلتها رندا أبو العزم من قبل نساء إخوانيات أمام مقرّ المحاكمة في أكاديمية الشرطة في القاهرة. واختارت «فرانس 24» الغوص في خلفيات المحاكمة، سياسية كانت أو قانونية، من خلال استضافة خبراء قانونيين.

ورغم نفي محمد الدماطي أحد محامي مرسي ما تردّد حول طلب القاضي من الرئيس المعزول ارتداء ملابس السجن البيضاء، إلا أنّ هذا الخبر غير المؤكد كان أول ما تسرّب مما يجري في جلسة المحاكمة وشغل بال كثيرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصاً محترفي إطلاق النكات على مرسي وجماعته، بينما اعتبره أنصاره كالعادة دليلاً على صموده وعدم اعترافه بشرعية المحاكمة، ما يمهد لتغطيات ومتابعات متطابقة في الجلسات المقبلة من محاكمة مرسي، سواء في قضية ضحايا الاتحادية، أو باقي القضايا المتهم فيها مع قيادات الإخوان. ويبدو أنّ هؤلاء سيتمسكون بعدم شرعية ما يجري، بدعوى أنّ مرسي خرج من القصر بانقلاب عسكري حتى لو طال ــــ على حد وصفهم ــــ ستين سنة.

الاخبار
 


Navigate through the articles
Previous article المحاكمات والفساد ثورة الشباب يسرقها أصحاب المعاشات Next article
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع