الذي يطلع على صفحـــــة الجرائم
في أي صحيفة مصرية، بما في ذلك الصحف القومية، يشعر بالخوف، لا لأن هناك جرائم
مخيفة فحسب، بل لأن تلك الجرائم متنوعة وكثيرة ومتكررة وبشعة.
كنت أقرأ في جريدة ‘الأهرام’ يوم الثلاثاء 12 تشرين الثاني/نوفمبر سنة 2013، فوقع
بصري على صفحة الحوادث، كان أول خبر فيها عن إصابة (5) أشخاص بالرصاص، في مشاجرة
أمام مستودع بوتاجاز في الاسكندرية، كما يقول الخبر، تصادف وجودهم أمام المستودع.
هل هذا هو مصير بعض من يقف أو يسير أو يقطن بجوار مستودعات البوتاجاز؟
واصلت مباحث التموين والتجارة الداخلية حملاتها المكثفة لمكافحة تهريب اسطوانات
البوتاجاز وبيعها في السوق السوداء، حيث تمكنت تلك الأجهزة في الايام الأخيرة من
ضبط عدد كبير من الاسطوانات بحوزة عدد من مسؤولي المستودعات والموزعين، قبل بيعها
بأكثر من سعرها المدعم، أيضا تمكنت تلك الأجهزة من ضبط مسؤولين في مستودعات بوتاجاز
بالقاهرة استولوا على عدد كبيرمن الاسطوانات، وباعوها في السوق السوداء، وآخرين
بحوزتهم عدد كبير من اسطوانات البوتاجاز قبل بيعها بأزيد من سعرها، ويتم اتخاذ
الاجراءات القانونية واخطار النيابة التي تتولى التحقيق في مثل هذه الجرائم أو
المخالفات.
أما الخبر الثاني، فكان عن حادث مأساوي جديد للسكة الحديد، بعد إعادة تسيير
القطارات، فإذا بعربة من القطار رقم 167، في رحلته من سوهاج الى المنيا، تخرج عن
القضبان أثناء دخول القطار محطة أسيوط. ولك أيها القارئ أن تتخيل مدى الرعب الذي
أصاب الركاب في تلك العربة أثناء خروجها عن القضيب، وما يحدث في مثل هذه الحالات من
هرج ومرج، خصوصا أن معظم ركاب تلك العربة كانوا، من فتيات جامعة أسيوط وجامعة
المنيا كما ذكرت الصحيفة.
أما الخبر الثالث فيتحدث عن اختطاف طالب، عقب خروجه من مدرسته بأسيوط في سيارة خاصة
بدون لوحات معدنية. كيف سارت هذه السيارة في الشوارع بدون لوحات ؟ أو كيف وقفت أمام
المدرسة بدون لوحات ؟ أين الشرطة في الشارع، التي يجب أن توقف هذه السيارات وتسحب
ترخيصها ورخصة السائق؟ ولكن الصعيد تقع فيه الحوادث الكثيرة، لأسباب عديدة منها
الثأر، ومنها الشرف، ومنها الرغبة في الثراء السريع، بفرض الأتاوات على أهل
المختَطف أو المختطفة، ومنها الاعتداء على المسيحيين، وحرق كنائسهم، ظنا بأن هذا هو
الطريق الى الجنة، ونسي هؤلاء أن الله تعالى، قال في كتابه العزيز ‘ولا تعتدوا إن
الله لا يحب المعتدين’، والجنة لا يدخلها أحد، إذا لم يكن يحبه الله تعالى.. والله
أعلم.
وفي نفس الصحيفة قرأت خبرا آخر، عن إعادة تلميذين الى الأهل، كان اختفاؤهما لغزا
محيرا، وأيضا من أمام المدارس. طالب المختطفون بدفع 300 ألف جنيه، مقابل الافراج عن
أحدهما. طبعا بذل الأمن جهودا هائلة لإعادة هذين التلميذين. عندما نعمل جيدا لن
نعدم النتيجة الجيدة، ‘إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا’.
الخطورة في الأمر أن يصبح هذا طريقا سهلا للثراء والغنى، حيث لا يفكر المختطفون، في
الرعب والخوف، الذي يحدث من وراء ذلك للأهل وللتلميذ المختطف، والجيران والمدرسة
كلها، التي يدرس فيها ذلك التلميذ، وهذا يستوجب العمل الجاد لحماية الطلبة، عند
الدخول الى المدارس والخروج منها، والأطمئنان عليهم حتى يصلوا الى بيوتهم. أعلم أن
هذا الجهد كبير، ولكن ليس أغنى ولا أغلى من الحياة ولا الاستقرار. هناك أسر كثيرة
تظل في خوف وفزع، كما قال لي بعضهم، حتى يعود أولادهم من المدارس، ويدخلون البيت،
خصوصا البنات.
وهناك خبر آخر رهيب، غير إنساني حيث قتل عاطلان طالبا، وألقوا بجثته على جسر الرياح
التوفيقى بالقرب من قرية كفر النعمان بمركز ميت غمر. قتل هذان العاطلان ذلك التلميذ
– رحمه الله تعالى – بغرض سرقة التوك توك الذي يملكه الطالب وهاتفه المحمول. هذان
العاطلان يقتلان ويسرقان ويبيعان التوك توك، مقابل مبلغ كبير أو زهيد من المال،
للتخلص من المسروقات بسرعة. هناك قضايا وجرائم ينجح الأمن في اكتشاف أسرارها
والوصول بسرعة الى الجناة. وهناك جرائم لن يتضح أمرها إلا يوم القيامة، وكل الجرائم
تترك آثارا غائرة في نفوس أهل المجني عليهم، الذين ينتظرون عودة ذويهم.
ومن الجرائم العجيبة التي جاءت أيضا في تلك الصفحة من الحوادث، أن يجرؤ شخص على
اغلاق إدارة المرور بمدينة أبو حماد بالشرقية، حتى تنهي الإدارة لذلك الشخص ترخيص
سيارته، شخص يجبر الدولة على عمل ما يريد، وفي الوقت الذي يريد! كيف يقبل المسؤولون
أو المجتمع ذلك الفساد والسلوك المعوج، وإدارة المرور فيها جنود وضباط، ولا ينبغى
أن تقبل هذا السلوك مهما كان مصدره.
هذا الذي سبق فضلا عن ثلاث جرائم أخرى، منها حبس شرطى لأنه طارد شاباً كان يدخن
المخدرات في الشارع، وأطلق عليه الشرطى الرصاص فأصابه في قدمه، بعد مطاردة شرسة.
إما أن الشرطى لا يعرف واجباته، أو أن النظام يسمح بتدخين المخدرات علناً في
الشوارع بدون عقاب أو محاولة الامساك بالمدخن ومطاردته، إذا كان ذلك قانونا. كان
هذا الشرطى يظن وهو يفعل ما فعل أن الدولة ستكرمه، فوجد نفسه محبوساً. وفي جريمة
أخرى استشهد فيها شرطى في دائرة قسم شرطة الدخيله بالاسكندرية، رحمه الله تعالى،
وذلك أثناء مطاردته أحد المجرمين الخطرين في المنطقة، وعلى الدولة والمجتمع تكريم
هذه الحالات وهي عديدة. أما جرائم الحرائق فحدث ولا حرج، مما يدل على ضعف إجراءات
الأمان والسلامة، وإن كان كله قضاء وقدراً.
أما الجرائم والحوادث التي تشير إليها صحيفة ‘الأهرام’ من حين لآخر، فمن بينها
جرائم نوعية أخرى، في مقدمتها أن ينتحل موظف بالقصر العيني صفة طبيب ويعالج المرضى
لمدة خمس سنوات. طبعا هذا عبث بالصحة والقانون واستهانة بالتعليم والتخصص. كان هذا
النصاب أو المنتحل يعالج مرضاه في ثمانية مستشفيات كبيرة في القاهرة والجيزة، على
أنه طبيب علاج طبيعي، فضلا عن علاج كبار رجال الأعمال في بيوتهم مقابل مبالغ مالية
ضخمة.
أكتب هذا المقال يوم الثلاثاء 12/11/2013 ولم يبق على نهاية قانون الطوارئ إلا 48
ساعة، حيث تنتهي الطوارئ يوم الخميس 14 /11 /2013. كان قد تم فرض الطوارئ منذ ثلاثة
أشهر مضت، نأمل أن تختفي الطوارئ الى الأبد، خصوصا بعد أن استمرت تلك الطوارئ طول
مدة حكم أو أيام الرئيس المتنحي، الذي كان كنزا استراتيجيا لاسرائيل. لم نعرف دولة
واحدة في العالم، استمرت فيها حالة الطوارئ ثلاثين سنة إلا مصر، رغما عن أنف
الحضارة المصرية العظيمة وشعب مصر الطيب، سواء أكانت تلك الحضارة فرعونية أو قبطية
أو إسلامية. هناك كذلك ترقب شعبي لمعرفة تفاصيل قانون المظاهرات، وقانون الارهاب.
وطبعا هذا الرقم من سنوات الطوارئ يعطي مبارك ومصر تحت حكمه الحق في أن تدخل تلك
الطوارئ موسوعة غينيس.
أما بشأن قانون المظاهرات، فإنني أتمنى أن يتسق مع حقوق المواطن المصري، بعد ثورتين
عظيمتين، وأن يتيح الحرية الكاملة للتظاهر السلمي، وأن تحمى الشرطة تلك التظاهرات
ما دامت سلمية، ولا حرج أن نستورد قانون التظاهر من الغرب، وأقلمته ليتسق مع الواقع
المصري، خصوصا أننا استعرنا النظام الديمقراطى من الغرب، وأساء البعض فهمه أو
تطبيقه. كان الله تعالى في العون يا مصر.
القدس العربي
Navigate through the articles | |
ليبيا والخطيئة السياسية الكبرى | لعبة القط والفأر بين الحكومة والجماعة |
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع
|