المقالات و التقارير > مواقف حسن البنا من المرأة.. والأحزاب.. والصحافة وغيرها

مواقف حسن البنا من المرأة.. والأحزاب.. والصحافة وغيرها

مرة ثانية وإلى ما لا نهاية فإن القبح لا يجزأ.. وقد سبق وكتبت عن الذين يصرون على نشر العبارات البذيئة والشتائم واللعنات مكتوبة بخط ردىء ولون كالح السواد على كل جدران المبانى وأكشاك الكهرباء ولافتات الدعاية التى استأجرها تجار وشركات وغيرها، ليعلنوا عليها عن شركاتهم وأنشطتهم ولم يفلتوا شجرة ولا عامود إضاءة ولا مقعدا فى حديقة عامة أو أخرى للأطفال، إلا ولوثوها دون أن يفكروا لحظة أن «المسلم ليس بشتام ولا لعان ولا بذىء» فيما يعلنون أنهم وحدهم هم المسلمون، وأقول اليوم إن أولئك الشتامين اللعانين البذيئين جزء لا يتجزأ من سياق تاريخى طويل يمتد منذ حسن البنا إلى الآن، وقد ذكرت طرفا منه فى مقال الأسبوع الفائت ونقلت نقلا حرفيا عن حسن البنا ما كتبه فى رسالة الجهاد، عن أن من يقتل واحدا من أهل الكتاب كان له أجر مجاهدين!!

لقد سقت ذلك فى سياق أردت أن أبين فيه مواقف ابن تيمية وحسن البنا من الآخر، ووجدت إضافة لموقفيهما من اليهود والمسيحيين موقفا من المرأة ومن الآخر فى الحياة السياسية العامة، وخاصة عند البنا الذى منه يأخذ الإخوان المسلمون إلى يومنا هذا. ولا أضيف جديدا إذا ما أكدت أن ما طرحه سيد قطب واعتبر عند الغالبية العظمى من المتابعين للشأن الإخوانى تطرفا وجنوحا مخالفين لمنهج وفكر البنا، هو طرح متصل غير منفصل بما كتبه البنا فى رسائله من قبل وإليكم بعض التفاصيل.

فى سنة 1359 هجرية أى منذ حوالى 76 عاما كتب حسن البنا مقالا فى «مجلة المنار»، ويعد ذلك المقال أول رسالة وجهها البنا للمرأة فى قسم الأخوات فى الإخوان المسلمين، وجاء فى كلام البنا ما نصه: «.. أما المجالات فى غير ذلك من العلوم التى لا حاجة للمرأة بها فعبث لا طائل تحته، فليست المرأة فى حاجة إليه وخير لها أن تصرف وقتها فى النافع المفيد.. ليست المرأة فى حاجة إلى التبحر فى اللغات المختلفة، وليست فى حاجة إلى الدراسات الفنية الخاصة فستعلم عن قريب أن المرأة للمنزل أولا وأخيرا.. وليست المرأة فى حاجة إلى التبحر فى دراسة الحقوق والقوانين وحسبها أن تعلم من ذلك ما يحتاج إليه عامة الناس»، ثم يقول حسن البنا فى الوثيقة نفسها: «ونحن لا نريد أن نقف عند هذا الحد ولا نريد ما يريد أولئك المغالون المفرطون فى تحميل المرأة ما لا حاجة لها به من أنواع الدراسات ولكننا نقول: علموا المرأة ما هى فى حاجة إليه بحكم مهمتها ووظيفتها التى خلقها الله لها.. تدبير المنزل ورعاية الطفل».
هذا هو موقف «الإمام المؤسس» لجماعة الإخوان من تعليم المرأة، ومنه وبأية طريقة للقياس نستطيع أن نتبين موقفه من قضايا أخرى، كعمل المرأة وتصديها للولاية من قضاء ووزارة ورئاسة وهلم جرّا.. كلام البنا عن الآخر وهو هنا المرأة يجردها من أبسط حقوق المساواة ولا أدرى أين يذهب هو وأتباعه الذين يتخذون من نصوصه مصدرا يفوق كل المصادر من القرآن الكريم وسنة المصطفى عليه وعلى آله الصلاة والسلام وفيهما، أى القرآن والسنة، ما يوضح أن المرأة فى الإسلام شقيقة الرجل تحمل معه كل المسؤولية عن أركان الإسلام وعن أوامره ونواهيه، وعليها كما على الرجل أن تسعى فى طلب العلم والتسلح بالمعرفة.

كلام البنا يشرح لنا مواقف الإخوان والسلفيين وغيرهم من تكوينات مشابهة داخل لجان كتابة الدستور وفى البرلمان وفى الإعلام، ويؤكد أن الخلف ماض على ما أسسه السلف، أى البنا، دون أى إعمال للعقل ولا إفراغ للوسع فيما جد على الأمة والمجتمع من تطورات خلال القرن الأخير.. وكيف أن كليات الطب والهندسة والعلوم والتكنولوجيا والحاسبات والاقتصاد والعلوم السياسية والحقوق والآداب والتربية الفنية والتربية الرياضية، أثبتت أن الأنثى لا تقل قدرة على التحصيل والنبوغ والتخصص والوصول إلى أرقى الدرجات العلمية كدكتوراه الفلسفة ودكتوراه العلوم عن الذكر، بل إن كليات الشريعة وأصول الدين واللغة العربية والدعوة أثبتت الأمر نفسه، وعشنا وما زلنا نعيش وقتا تطالعنا فيه عقول مضيئة لنساء متميزات فى كل المجالات، بل إن هناك نساء قدمن لوطنهن خدمات جليلة فى مجالات العلوم والفنون والآداب والدبلوماسية وغيرها ما لم ولن يقدر عليه حسن البنا شخصيا وكل المرشدين الذين جلسوا على كرسيه، ومعهم مكاتب الإرشاد ومجالس الشورى الإخوانية مجتمعة، بل إن المضحك المبكى أن رجال الإخوان ومعهم رجال السلفيين والجماعات المماثلة تركوا تخصصاتهم العلمية ولم ينبغوا فى واحد منها وانصرفوا إلى المهام التى يقدر كل مسلم ومسلمة أن يحيطا بها إحاطة تامة من المصادر المتاحة الآن، ابتداء من المراجع والمصادر التى على هيئة كتب أو التى يمكن استدعاؤها على شاشة الكمبيوتر بأسرع من لمح البصر!، يعنى يمكن لمن يقرأ ولمن لا يقرأ أن يعرف عن دينه عبر الوسائط المختلفة وبتنوع أكثر ثراء مما يجده عند بديع أو عاكف أو البر وغيرهم.

والسؤال الذى يطرح نفسه حتما هو: ماذا كان ينتظر تعليم البنات فى ظل حكم الإخوان، وماذا ينتظرهن فى ظل جهالة السلفيين الذين يقال إن أحدهم انسحب من جلسة فى لجنة الخمسين، لأن امرأة تولت إدارة الحوار؟!

إن أحدا من الإخوان والسلفيين لم يسأل نفسه عن كيف نأخذ نصف ديننا عن عائشة رضوان الله عليها وعلى أبيها، ولا عن كيف وأين تدربت صفية بنت أبى طالب على الحرب، وهى التى أخذت عامود الخيمة ونزلت إلى ساحة الوغى تهاجم الكفار، ولا عن عشرات من المسلمات الأوائل اللائى أجدن ما هو أكثر وأوسع من تدبير المنزل ورعاية العيال؟!

ولا يختلف موقف حسن البنا من الآخر السياسى كثيرا عن موقفه من غير المسلمين من أهل الكتاب ولا موقفه من المرأة، فهو فى رسالته المعنونة «نحو النور» وجه رسالة إلى من لقبه بصاحب المقام الرفيع، وهو لقب كان يتلقب به رؤساء الوزارات فى العصر الملكى.. وفى تلك الرسالة ومما جاء فيها نتبين بدقة كيف هو تفكير ومنهج الإخوان تجاه الحياة السياسية التعددية أى الديمقراطية بوجه عام.

لقد طالب حسن البنا ذلك الذى أسماه بصاحب المقام الرفيع بما يلى:

1 - «القضاء على الحزبية وتوجيه قوى الأمة السياسية فى وجهة واحدة وصف واحد».

2 - «بث الروح الإسلامية فى دواوين الحكومة بحيث يشعر الموظفون جميعا بأنهم مطالبون بتعاليم الإسلام».

3 - «مراقبة سلوك الموظفين الشخصى وعدم الفصل بين الناحية الشخصية والناحية العملية».
4 - «أن توزن كل أعمال الحكومة بميزان الأحكام والتعاليم الإسلامية».

5 - «مقاومة التبرج والخلاعة وإرشاد السيدات إلى ما يجب أن يكون والتشديد فى ذلك بخاصة على المدرسات والتلميذات والطبيبات والطالبات ومن فى حكمهن».

6 - «إعادة النظر فى مناهج تعليم البنات ووجوب التفريق بينها وبين مناهج تعليم الصبيان فى كثير من مراحل التعليم».

7 - «منع الاختلاط بين الطلبة والطالبات واعتبار خلوة أى رجل بامرأة لا تحل له جريمة يؤاخذان بها».

8 - «مراقبة دور التمثيل وأفلام السينما والتشديد فى اختيار الروايات والأشرطة».

9 - «تهذيب الأغانى واختيارها ومراقبتها والتشديد فى ذلك».

10 - «اعتبار دعوى الحسبة ومؤاخذة من يثبت عليه مخالفة شىء من تعاليم الإسلام أو الاعتداء عليه، كالإفطار فى رمضان وترك الصلاة عمدا أو سب الدين وأمثال هذه الشؤون».

11 - «توجيه الصحافة توجيها صالحا وتشجيع المؤلفين والكاتبين على طرق الموضوعات الإسلامية الشرقية».

ولنقاط البنا بقية، غير أننى وأظنكم معى علينا ألا نمر مرور الكرام على مطالب البنا التى هى البرنامج الرئيسى للإخوان المسلمين، ولذلك فللحديث بقية.

اليوم السابع


Navigate through the articles
Previous article انتشار شعار ‘رابعة’ ومحاولة تجريمه محافظ القاهرة فى الإسعاف Next article
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع