مشكلة الدستور الجديد أنه لم يجد من يروج له ويدافع عنه ويشرح للناس المكتسبات التى تحققت فيه كواحد من أفضل دساتير مصر، معبراً تعبيراً حقيقياً عن ثورة الشعب والجيش فى يناير ويونيو وتضحياتهما معاً من أجل وطن يسعى بخطى واثقة وثابتة وقوية نحو المستقبل ونحو العدل والحرية والديمقراطية الحقيقية التى تحمى وتصون الحريات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية. لا وجه للمقارنة بين دستور ثورة يونيو وبين «دستور الإخوان»، فهناك تغييرات جذرية خاصة فى باب الحريات المدنية ومكافحة العنصرية والتمييز وتجريم التعذيب والرق والاتجار بالبشر وتجارة الجنس، والتأكيد على مبدأ المواطنة والمساواة، وإلزام الدولة بدورها فى حماية حقوق الفلاحين والعمال وإلزامها بالتعليم المجانى والصحة وتوفير فرص العمل.
هذا الدستور هو الخطوة الأولى الحقيقية على طريق المستقبل والديمقراطية والتأسيس لدولة القانون والمؤسسات، والسير قدماً فى إنجاز خارطة الطريق السياسية لمصر، استعداداً للجهاد الأكبر، وهو مرحلة التعمير والبناء والانتقال بالثورة إلى مرحلة الدولة، والخروج سريعاً من عقبات ومطبات الوضع الراهن الذى تحاول جماعة الإخوان المحظورة وأنصارها داخل لجنة الخمسين وخارجها، وضعها فى الطريق نحو بناء المستقبل والتنمية.
هذا الدستور يرضى جميع المصريين، إلا قليلاً منهم من الذين أغضبهم أن تكون الدولة مدنية، وأن تتوسع اللجنة فى الحريات، وتستبعد مواد العبودية والرق التى حرمتهم من زواج الفتيات القصر. وأظن أن حزب النور الممثل داخل لجنة الخمسين سيظهر وجهه الحقيقى، ويصطف إلى تيار الظلام وعرقلة إتمام عملية الاستفتاء على الدستور، فقد بدأوا حملة التشويه واتهامه بأنه دستور الإلحاد، ولكننا نراهن دائما على وعى هذا الشعب الذى انتفض فى يونيو لإنقاذ الوطن من براثن الإرهاب وجماعات الفتنة والتقسيم، والحفاظ على هويته وحضارته وثقافته الوسطية. سوف يخرج هذا الشعب إلى الاستفتاء مثلما خرج بالملايين فى 30 يونيو و26 يوليو لتفويت الفرصة على دعاة العنف والإرهاب والضلال والكذب وعلينا أن ندافع عنه جميعاً.
لن نقول إن هذا الدستور هو الأفضل على الإطلاق، لكنه دستور يرضى غالبية طوائف الشعب المصرى، ويحقق آمالهم وطموحاتهم فى مستقبل الوطن، حتى تصل مصر إلى مرحلة الاستقرار والأمان، ثم يمكن بعد ذلك مناقشة إجراء تعديلات على بعض المواد التى تثير بعض المخاوف.
اليوم السابع