المقالات و التقارير > «النور» والإخوان!

«النور» والإخوان!

التصريحات الأخيرة لقيادات حزب «النور» السلفى حول قبولهم الدستور الجديد، وضرورة التصويت له بـ«نعم»، تدفع المرء للمقارنة بين الأداء السياسى الناضج للحزب والتخبط الذى تتسم به جماعة الإخوان فى رفضها المسار السياسى الشرعى، وتفضيلها ممارسة العنف ضد الشعب ومؤسساته فى الشارع.

وقد كان الاعتقاد السائد بين الكثيرين من المحللين فى الداخل والخارج أن الإخوان يتسمون بحنكة سياسية عالية، بينما يظل التيار السلفى حديث العهد بالسياسة لم يسبر أغوارها بعد.

لكن الحقيقة أن تجربة 30 يونيو وما تلاها أثبتت العكس من ذلك، حيث بدا حزب النور السلفى أكثر إدراكاً من الإخوان للمتغيرات التى قلبت موازين الأمور على الساحة السياسية، وأكثر استعداداً وقدرة على التعامل معها، بينما تجمد الإخوان عند موقف متخلف يرفض الاعتراف بالإرادة الشعبية التى تجلت يوم 30 يونيو على مشهد ومسمع من العالم أجمع.

إن معيار المقدرة السياسية فى الفكر الدولى هو الخفة وسرعة الاستجابة، وهو ما يعرف باسم Agility. وقد أثبتت أحداث 30 يونيو أن الإخوان الذين مكثوا على الساحة السياسية لأكثر من 80 عاماً حتى الآن لم يبرعوا إلا فى القيام بدور الضحية المظلومة، دون أن يدركوا مقومات الإدارة السياسية الرشيدة حين وصلوا للحكم، أو أدوات المعارضة السياسية الفاعلة حين أسقط الشعب حكمهم، وإذا فشلت أى حركة سياسية فى القيام بأى من هذين الدورين، وهما الحكم والمعارضة، فماذا يبقى لها؟

إن دور الضحايا المظلومين الذين عانوا من الملاحقة والسجن طوال عمرهم لم يعد من بين مقومات العمل السياسى السليم الذى يقنع المواطنين بجدوى الإخوان بعد أن فشلوا فى الحكم، وها هم يفشلون أيضاً فى المعارضة.

وفى رأيى أن فشل الإخوان الحالى فى القيام بدور المعارضة الفعال، مثل أى حزب يخرج من الحكم، ثم يعمل جاهداً وفق القواعد السياسية، فيعود مرة أخرى للحكم فى انتخابات تالية، كما يحدث فى جميع أنحاء العالم، لهو أفدح بكثير من فشلهم الذريع فى الحكم، ففشلهم فى الحكم أخرجهم من السلطة، أما فشلهم الحالى فى المعارضة فهو كفيل بأن يخرجهم من الحياة السياسية برمتها فتكون تلك نهايتهم.

إن الإخوان لم يكتفوا بالفشل فى التعامل مع الإرادة الجماهيرية التى عبَّرت عن نفسها بشكل صارخ يوم 30 يونيو، لكنهم أيضاً اختاروا أن يواجهوها بالعنف والإرهاب، وفى ذلك يكمن خطؤهم التراجيدى الذى ينبئ بنهايتهم المأساوية، بينما تبرز اتجاهات أخرى ضمن ما يسمى «الإسلام السياسى» سيكون لها الدور الفاعل فى الفترة المقبلة فى التعبير عن ذلك الاتجاه.

المصري اليوم


Navigate through the articles
Previous article ماندلا في اقوال الزعماء النحل يريد استقرار النظام Next article
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع