منذ أن نالت كينيا استقلالها عام 1963، انطبع تاريخها السياسي بحلقات دورية من الانتفاضات العنيفة والقمع.
وقد نجح مرتكبو أعمال العنف في
التهرب من العدالة نظراً لافتقار المحاكم الابتدائية إلى القدرة على النظر في
القضايا. وفي ظل تزايد الجرائم الدولية المرتكبة على الأراضي الكينية، عمدت السلطة
القضائية إلى اتخاذ خطوات لتشكيل قسم الجرائم الدولية في المحكمة الكينية العليا.
وفي هذا الإطار، قال صموئيل كوبيا، وهو مفوض في لجنة الخدمة القضائية ويرأس فريق
العمل المشرف على العملية، لصباحي إن الخطط الموضوعة أصبحت في مرحلة متقدمة بحيث
يتم العمل في القسم الجديد في منتصف العام 2014.
وذكر كوبيا "لقد أجّلنا موعد اجتماع الجهات المعنية الذي كان من المفترض أن ينعقد
في 6 كانون الأول/ديسمبر إلى تاريخ سيتم الإعلان عنه في العام المقبل. وستضع تلك
الجهات اللمسات الأخيرة على تفاصيل بدء العمل بالمحكمة كما ستنظر في مسؤوليات قسم
الجرائم الدولية التي حددها فريق العمل".
وأعلن أن فريق العمل لا يزال يعمل على وضع مسؤوليات المحكمة المحددة، ولكن ستتمثل
مهامها الرئيسية في النظر في الجرائم الدولية والجرائم التي تتم عبر الحدود الوطنية
والتي ترتبط بأفراد كينيين سواء كانوا مجرمين أو ضحايا.
وأشار كوبيا إلى أن محكمة قسم الجرائم الدولية ستنظر في قضايا تتعلق بالإرهاب
والقرصنة والجرائم الإلكترونية والإتجار بالبشر وغسل الأموال وتهريب الأسلحة
الصغيرة وتجارة المخدرات.
وأضاف كوبيا أن القضايا المتعلقة بالإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد
الإنسانية وقضايا العنف العالقة التي جرت بعد الانتخابات تقع أيضاً ضمن اختصاص قسم
الجرائم الدولية الذي سيطبّق قانون الجرائم الدولية الكيني.
وقال "لقد حدث جدال حول ما إذا كان يجب أن ينظر قسم الجرائم الدولية في جرائم الحرب
فقط وليس في [الجرائم] العابرة للحدود الوطنية، ولكن بعد أن أعلن القضاة في كينيا
عن العدد الهائل للقضايا العابرة للحدود الوطنية، تم الاتفاق على أن المحكمة
[الجديدة] ستنظر في كلتيهما". وأضاف أن "محاكم الجزاء التي كانت تنظر في قضايا
الإرهاب والتجارة غير المشروعة في السلع المزورة وغيرها من القضايا ذات الصلة
[ستُجبر] على إحالة مثل هذه القضايا إلى قسم الجرائم الدولية".
إفلات
مرتكبي أعمال العنف التي لحقت الانتخابات من العقاب
من بين الانتخابات الخمسة العامة التي جرت في كينيا منذ العام 1992، أحاط الجدل
الأكبر بالانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2007، فأثارت هذه الأخيرة أعمال عنف دامت
شهرين وأدت إلى مقتل حوالى 1200 شخص وتشريد حوالى 300 ألف آخرين.
وبعد مرور ست سنوات، لم يواجه العديد من مرتكبي الجرائم من الرتبة الصغيرة
والمتوسطة خلال تلك الفترة العدالة حتى الآن.
وإن الرئيس أوهورو كينياتا ونائبه ويليام روتو والصحافي جوشوا أراب سانغ هم
الشخصيات العامة الوحيدة التي تواجه المحاكمة في المحكمة الجنائية الدولية لأدوارهم
المزعومة في أعمال العنف التي أعقبت انتخابات عام 2007-2008. وقد أنكر ثلاثتهم
التهم الموجهة إليهم.
وفي هذا السياق، قال كوبيا إن العوامل الرئيسية التي دفعت إلى تشكيل اللجنة هي
"ضرورة التمسك بتحقيق العدالة لضحايا أعمال العنف التي ارتُبكت في فترة 2007-2008،
بالإضافة إلى ظهور جرائم ذات طابع دولي وعابر للحدود الوطنية".
وقد أعلن غودفري موسيلا، مدير المركز الأفريقي للأبحاث حول السياسة والقوانين
الدولية، أن المحكمة الجديدة ستساعد كينيا على معالجة مشاكلها بنفسها بدون تدخل
دولي.
وذكر لصباحي "نظراً لعجزنا عن إنشاء محاكم خاصة بنا للتعامل مع مرتكبي الجرائم ضد
الإنسانية، تدخلت المحكمة الجنائية الدولية وقد ألحقت القضايا الجارية في محكمة
لاهاي العار بسيادة بلدنا". وأضاف قائلاً "ولكن مع تأسيس قسم الجرائم الدولية، لا
أظن أن العار سيلحق بنا مرة أخرى بهذا الشكل".
الإسراع
في تشكيل قسم الجرائم الدولية
دعا رئيس الجمعية القانونية في كينيا، إيريك موتوا، الحكومة بالنيابة عن جمعيته إلى
الإسراع في تشكيل قسم الجرائم الدولية.
وأوضح أن تشكيل قسم الجرائم الدولية هو "مسألة يتم التداول فيها منذ سنتين"، مشدداً
على ضرورة محاكمة المتهمين بارتكاب جرائم عبر الحدود الوطنية، حسبما نقلت صحيفة
ديلي نيشن الكينية يوم الجمعة، 13 كانون الأول/ديسمبر.
وأضاف موتوا أن قسم الجرائم الدولية سيساعد في مكافحة الجرائم الدولية وتلك التي
تتم عبر الحدود إضافةً إلى محاكمة العناصر من الرتبة المتوسطة المتورطة في أعمال
العنف التي حصلت بعد انتخابات 2007-2008.
وقال "تتم جرائم كثيرة عبر الحدود الوطنية. علينا أيضاً بناء القدرات على مستوى
الادعاء من أجل إحالة القضايا إلى المحكمة".
ولكن عبّر المدير التنفيذي للجنة الحقوقيين الدولية في كينيا، جورج كيغورو، عن
شكوكه حيال إمكانية الإسراع في تشكيل قسم الجرائم الدولية وفعاليته عند تشكيله.
وأشار إلى أنه بالرغم من أن ثمة حاجة إلى قسم الجرائم الدولية ليكمّل جهود المحكمة
الجنائية الدولية في تحقيق العدالة لضحايا أعمال العنف التي نُفذت عقب الانتخابات،
إلا أن ما من نية سياسية لدى الحكومة الكينية للإسراع في إنشاء المحكمة.
وقال كيغورو لصباحي "أشك في أن تتحقق الفكرة. فما من دعم سياسي حالي للمساءلة أو
نية لمكافحة الإفلات من العقاب. وإن الحكومة التي تضغط لإنشاء المحكمة هي الحكومة
نفسها التي تضغط لانسحاب كينيا من جمعية الدول الأطراف في نظام روما الذي ستعمل
بموجبه المحكمة".
وليس من الواضح ما قد يحلّ بقسم الجرائم الدولية أو بقانون الجرائم الدولية في
كينيا الذي تُفرض بموجبه أحكام نظام كينيا في حال انسحبت كينيا من الاتفاقية
الدولية.
يُذكر أن كوبيا رفض التعليق بشأن محاولات كينيا الانسحاب من نظام روما. ولكنه أعاد
التأكيد على أنه يتم العمل على تشكيل المحكمة بحسب الخطة الموضوعة وأنه تمت
المباشرة بتدريب موظفي المحكمة تمهيداً لافتتاحها.
وأضاف "إننا نسعى أيضاً إلى الحصول على دعم الجهات المانحة ليتم تدريب الخبراء ضمن
جهاز الشرطة ومكتب الادعاء على كيفية تنفيذ التحقيقات وجمع الأدلة التي ستُستعمل في
مرافعات الادعاء. ويهدف ذلك إلى بناء القدرات التي ستساعد في تفعيل دور المحكمة".
الصباحي
Navigate through the articles | |
المصرى المجرد.. المصرى الملاك! | القوات الإقليمية تزيل الحواجز التي وضعتها الشباب |
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع
|