المقالات و التقارير > مشهد مصري محبط

مشهد مصري محبط

مشهد الاحتفالات باحياء الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير التي ادت لرحيل الرئيس حسني مبارك يعكس تكريسا للانقسام في المجتمع المصري، ففي حين يربط انصار السلطة فعاليات 30 يوليو بثورة 25 يناير، ويحتفلون في نفس الوقت باقرار الدستور، يحيي تحالف انصار الشرعية بزعامة الاخوان الذكرى بمظاهرات تدعو لاستكمال ثورة 25 يناير ولمناهضة نتائج فعاليات 30 يوليو.
وبين الطرفين، جهة ثالثة تعارض القوانين التي اصدرتها الحكومة بعد 30 يوليو، وتعتبر فعاليات احياء ذكرى الثورة للتأكيد على عدم تحقيق اهدافها وليس للاحتفال بها.
وبالنسبة للحكومة والسلطات الحالية، فانها تريد الاحتفالات بشكل هادئ، وليس بالضرورة بالحشود الشعبية في الميادين التي ستكون مسرحا للاحتكاكات وتشكل تحديا للقوى الامنية. وقد اعلنت وزارة الداخلية وضع خطة امنية شاملة لتأمين الاحتفال بذكرى الثورة بشكل يوحي بأن هذه الاحتفالات ستكون ساحة مواجهات، فقد دفعت بـ260 ألفا من رجال الشرطة لتأمين الاحتفال بالمحافظات، و180 تشكيل امن مركزي و120 تشكيلا احتياطيا و500 مجموعة قتالية، بالاضافة لعشرات المدرعات الحديثة. هذه الاحتياطات الامنية المكثفة لم تمنع وقوع اربعة تفجيرات يوم أمس كان اشدها تفجير انتحاري امام مبنى مديرية امن القاهرة، اودى بحياة اربعة مصريين واصابة 76 آخرين، اضافة لتدمير متحف الفن الاسلامي، اكبر متحف اسلامي فني في العالم، والذي يضم ما يزيد على 100 ألف قطعة اثرية من الفنون الاسلامية. وقد اعلنت جماعة ‘انصار بيت المقدس′ التي تدور في فلك تنظيم ‘القاعدة’ مسؤوليتها عن التفجير.
هذه التفجيرات يلمح الاخوان المسلمون باتهامات لـ’قادة الانقلاب لتبرير افعال شنيعة جهزت لها المخابرات بأمر المجلس العسكري لبث روح الانتقام في صفوف الامن للتعامل بعنف غير مسبوق مع الثورة’ حسب بيان مجلس امناء الثورة المؤيد للرئيس المعزول محمد مرسي، في حين تثبت هذه التفجيرات ادعاءات الحكومة الحالية بأن هناك ارهابا وجهات تدعم الارهاب، وبالتالي تصب كل اتهاماتها على جماعة الاخوان المسلمين، وكان وزير الداخلية المصري احمد ابراهيم اعلن مطلع كانون الثاني/يناير الجاري بعد تفجير استهدف مديرية امن الدقهلية وراح ضحيته 16 شخصا، ان التحقيقات الاولية كشفت تورط ‘تنظيم الاخوان الارهابي’، دون الكشف عن تفاصيل التحقيقات والاثباتات.
بعد التفجيرات مباشرة تجمهر عشرات المواطنين امام مبنى مديرية أمن القاهرة ورددوا هتافات تدعو لاعدام الاخوان، وترددت الاتهامات للاخوان في معظم وسائل الاعلام، لا سيما الفضائيات والبرامج الحوارية. مع هذه التطورات، والصورة القاتمة من الواضح اننا لم نعد ابدا قريبين من امكانية حصول اي مصالحة وطنية، وبالتالي تتجه مصر اكثر نحو مواجهات بالشارع يمكن أن تأخذ طابعا اكثر عنفا، سواء من جانب السلطة أو من جانب معارضيها.
وفي خضم الاستعدادات للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، لم نعد نرى اي مساع لا داخلية ولا خارجية من اجل التهدئة والبدء بالبحث في مسار سياسي طويل الامد، يمكن ان يشرك الاخوان في الاستحقاقات المقبلة، مما يعني ايضا ان القوى الخارجية في معظمها باتت تراهن على خريطة الطريق حتى لو كان تطبيقها يؤدي الى إقصاء جماعة الاخوان المسلمين وانصارهم عن المشهد السياسي.
وليس من المستبعد ان يزداد هذا العنف اكثر طالما انه يأخذ الوقت الكافي ليطور نفسه وخلاياه بالمجتمع، وبالتالي من غير المستبعد أن تجري الانتخابات المقبلة باجواء عنيفة واكثر خطورة.

القدس العربي


Navigate through the articles
Previous article العاصمة نواكشوط تغرق في الزحمة..ولا أمل في انفراج قريب صراع ‘غير متكافىء’ بين مؤيدي ومعارضي الولاية الرابعة لبوتفليقة Next article
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع