نشرت صحف امس الاثنين 27 كانون
الثاني/يناير خطاب الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور الذي اعلن فيه ما كان معروفا،
وهو تعديل في خريطة المستقبل، بإجراء الانتخابات الرئاسية أولا، وهو حق أعطاه له
الدستور الصادر في الثامن عشر من الشهر الحالي.
وفتح باب الترشح في مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على ثلاثة اشهر من تاريخ إقرار
الدستور، وبشرط ان يأتي أي مرشح بتزكية موثقة في الشهر العقاري من عدد لا يقل عن
خمسة وعشرين ألفا من خمس عشرة محافظة على الأقل، وقد اتصفت كلمة الرئيس بالقوة في
توعد القائمين بالإرهاب ومحركيه ومن يدعمونهم من الخارج بقوله:
‘هذه الحوادث الإرهابية تستهدف كسر إرادة المصريين، ولكني اقول لهؤلاء الإرهابيين
لن تحقق أفعالكم الخسيسة مآربكم، وأؤكد لكم ان إرادة المصريين لن تنكسر، بل ستزداد
توحدا وصلابة، والدولة المصرية ومؤسساتها سبق لها ان دحرت الإرهاب في تسعينيات
القرن الماضي وستدحره مجددا باذن من الله تعالى، وستجتث الارهاب من جذوره وسنحارب
القائمين عليه بلا هوادة، ولن تأخذنا بهم شفقة أو رحمة بعد ان تخلوا عن الوطن،
وابتعدوا عن صحيح الدين وأي قيم سماوية، أو إنسانية، وأنه لن يتردد في اتخاذ ما
يلزم من اجراءات استثنائية ان تطلب الأمر ذلك، وليعلم العالم أجمع ومن يدرك حقيقة
ما يجري في مصر، ومن لا يدرك، أو يدعي عدم الإدراك، اننا سنحافظ على أمن وأمان هذا
الوطن ومواطنيه، واننا سنقوم بالاضطلاع بمسؤوليتنا في تحقيق أمن واستقرار هذا البلد
الطيب’.
كما نشرت الصحف عن استقبال الفريق أول عبدالفتاح السيسي وباقي قادة الجيش جثامين
الشهداء الخمسة الذين سقطت بهم الطائرة الهليكوبتر في سيناء بعد اصابتها بصاروخ سام
سبعة، كما تعرض اتوبيس للجيش لهجوم إرهابي آخر واستشهاد ثلاثة، وتعهد الجيش والشرطة
باستمرار عمليات الملاحقة للإرهابيين في كل مكان.
وإلى بعض مما عندنا:
شبابنا أسود يقتحمون الموت
ونبدأ مع زميلنا وصديقنا مجدي أحمد حسين، رئيس حزب الاستقلال ورئيس تحرير جريدته
‘الشعب’ التي تصدر يومي الثلاثاء والجمعة، ويتم طبعها في مطابع مؤسسة الأهرام
الحكومية وتوزع بواسطتها، فقد كتب تعليقاً في الصفحة الأولى يوم الجمعة باسم
الجريدة، قال فيه:
‘بعد ان كان الأب والأم ينهران أبناءهما عندما يعلمان بانخراطهم في الجهاد، أصبح
الوالدان ينهران الأبناء الذين لا يشاركون في الجهاد، وأصبحت الأسرة التي لا يوجد
فيها شهيد أو مصاب أو معتقل عائلة منبوذة تخجل من نفسها، أصبح شبابنا أسوداً
يقتحمون الموت، فمن ذا الذي يستطيع أن يعيد الليوث إلى أقفاصها، يا أفراد الجيش
والشرطة، أنتم تهدرون الدم بلا طائل وتقدمون أوراق اعتمادكم لجهنم بنص القرآن، وليس
بصكوك منا كما يزعمون، ثم ستهزمون في آخر المطاف وسيسقط رؤساؤكم الذين يصدرون لكم
أوامر القتل وهم محصنون في قصورهم’.
نفوس جبلت على حب الجاه
والرئاسة برزت على حساب الآخرين
وإلى الشهادات ولدينا منها اليوم اثنتين الأولى، لصاحبنا الإخواني لطفي صلاح،
وكتبها في جريدة ‘الشعب’ يوم الثلاثاء الماضي، وقال فيها:
‘إن ما حملني على المصداقية في القول قول الحق جل وعلا ‘ولا يجرمنكم شنئان قوم على
ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى’، دائماً ما نقولها للناس فيجب ألا يحزن أهل
الجماعة على مصداقيتي، وكذلك لا يحزن المعادون للجماعة على مصداقيتي معهم وصفهم
المعادين، ففعلاً فجروا العداوة وبالغوا في الخصومة واستعجلوا كل الفرية والتهكم،
أعود لفشل الإخوان في الحكم: بعض الأمور فعلا كانت تحتاج من الإخوان إلى نظرة، إن
الإخوان تعاملوا مع ملفات الدولة الوظيفية او السياسية أو في جميع المجالات وكأنهم
داخل شعبة إخواني، فكانوا ينظرون الى المناصب الإدارية في الدولة على انها من حق
الأماكن الإدارية في الشعب الخاصة أو بالمعنى الصحيح نظروا للدولة على انها شعبة من
شعب الإخوان، فلو هناك مثلا كفاءة عالية داخل الصف الإخواني في مجال من المجالات
ولكنه يحظى بمكانة في الجماعة لوعيه ومناقشاته وآرائه استبعد من أن تسند إليه وظيفة
في الدولة الجديدة، وهذا والله الذي لا إله إلا هو، ليس اتهاماً للجماعة بقدر ما هو
في نفس الكثيرين الذين يصرحون لي بذلك، ولكنهم يخشون شق صف الجماعة. وفي المقابل
هناك نفوس بشرية جبلت على حب الجاه والرياسة ظهرت على حساب الأولين الذين يستحون من
التحدث في هذه الأمور، بل ظهرت في الجماعة كما يقول ربنا سبحانه وتعالى ‘وبدا لهم
من الله ما لم يكونوا يحتسبون’ فتزينت لهم النقابات والمحافظات والوزارات وفتحت لهم
الدنيا ذراعيها فتنافسوها، وأشرأبت أعناق الكثيرين ممن لم يكونوا مؤهلين للقيام
بأعمال خارج النطاق الإخواني فساحت الأمور من بين أيديهم وسيطر على الإخوان في هذه
الفترة كل من علا صوته بينهم وممن واجههم وظهر بذلك جلياً في التحرك ببعض الإخوان
في مواقع مسؤولة لم يكونوا أهلا لها، لا أشكك في مؤهلاتهم الدراسية فهي أعلى
الشهادات ولا في أخلاقهم فهم نعم الأخلاق الحسنة، ولكن تنقصهم كيفية تعامل الناس
بهذا الخلق حتى أن تليفوناتهم كانت لا ترد لا على عدو ولا حتى حبيب، لدرجة شعور صف
الإخوان بالإحباط، إن الإخوان كغيرهم من الناس ليسوا ملائكة فلهم ما لهم وعليهم ما
عليهم فلا مجرد أن أخطأوا في فترة فإنها تكون ذلك وبالاً عليهم أجمعين فاتقوا الله
وقولوا القول السديد الذي يصلح لكم أعمالكم في الدنيا قبل الآخرة، وأخيرا للإخوان
وغيرهم من جميع الناس أقول لهم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد والسلام
عليكم ورحمة الله وبركاته’.
يونس مخيون: منهج
حزب النور يقوم على عدم الإقصاء
أما الشهادة الثانية فستكون لرئيس حزب النور الدكتور يونس مخيون، وجاءت في اليوم
التالي مباشرة الأربعاء في ‘الأخبار’ في حديث أجرته معه زميلتنا الجميلة فايزة
الجنبيهي، ومما قاله فيه:
‘بدأت الخلافات بيننا وبين جماعة الإخوان من قبل فترة الرئاسة، خاصة خلال وجودنا
معهم في مجلسي الشعب والشورى ومن خلال طريقة إدارتهم للدولة حيث بدأوا في اتباع
اسلوب إقصاء الآخرين والاستحواذ على كل مفاصل الدولة، وهذا يخالف منهجنا كحزب النور
فمنهجنا يعمل على استيعاب الآخرين وعدم الإقصاء والاستفادة من كل الخبرات على
اختلاف انتماءاتهم ولم الشمل بين جميع التيارات الموجودة على الساحة الساسية.
ومن هنا نشأ الخلاف بيننا، وساهمت هذه السياسة في وجود حالة من الاحتقان، خاصة بعد
الإعلان الدستوري الأول الذي كان نتيجته تكوين جبهة الانقاذ وتحزب جميع القوى
السياسية ضدهم، وقد تقدمت بمبادرة يوم 29 كانون الثاني/يناير 2013 حازت قبول الجميع
ماعدا الإخوان والحرية والعدالة، ومن يومها بدأوا في شن هجوم علينا عن طريق كتائبهم
الالكترونية، وبعض القنوات التي يطلق عليها قنوات إسلامية لتشويه صورة حزب النور،
وعندما زاد الاحتقان مع مرور الوقت نصحناهم، ولكنهم لم ينصتوا وكانوا لا يسمعون إلا
أنفسهم فقط حتى تفاقمت الأمور ونبهنا بخطورة الأمر، ونصحنا بتقديم حلول ولكنهم لم
يستجيبوا واختاروا طريق خيار تجاوز الأزمة عن طريق حشود ضد حشود، وتمت دعوتنا
لمليونية 21-6-2013 في رابعة، ولكننا رفضنا الدعوة لكون هذا الخيار كارثياً وسوف
يؤدي الى انقسام الشعب إلى إسلاميين وغير إسلاميين، وتحويل الصراع الى صراع ديني
على غير الحقيقة، وما توقعناه حدث، وفي 30 حزيران/يونيو خرج الملايين في جميع أنحاء
مصر وكان ينبغي ان تكون رسالة للرئيس المعزول محمد مرسي كي يدعو الى انتخابات
رئاسية مبكرة، وتقدمنا بمبادرة في هذا الشأن لكنه لم يستجب فحدث ما حدث في 3
تموز/يوليو، لذلك كان علينا التعامل مع الواقع الذي لا يمكن تجاهله. وبعد 3 يوليو
بدلا من أن يراجعوا أنفسهم ويتداركوا الأخطاء فضلوا خيار المواجهة والمعلوم أنها
كانت مواجهة غير متوافقة فهم واتباعهم في جانب والجانب الآخر فيه جميع مؤسسات
الدولة بما فيها الجيش والشرطة والقضاء والظهير الشعبي’.
علينا التمسك بروعة الإسلام
وإلى بعض المعارك السريعة والخاطفة ونبدأها من ‘الشعب’ يوم الجمعة الماضي مع
الإخواني محمود شنب:
‘علينا أن نتمسك بالإسلام دوما ففيه النجاة وربما الخـــــوف مـــــن روعة الإسلام
وعدله هو الذي يمثل الهاجــــس الأول الذي دفــــع بأقباط مصر الى ان يرتموا بطريقة
جنونية وهستيرية في أحضان القتلة واللصــــوص والخونة وهم يعلمون تمام العلم ان
الســـيسي وأعوانه على باطــــل والشعب المصري على حق، ولكنهم وقد أصيبوا بالعمى
يرون أن القتلة أرحم من الإسلام وعدله’.
هل قتل الآمنين بطولة؟
وثاني المعارك ستكون لزميلنا في ‘اليوم السابع′ إبراهيم داود يوم الأحد، ويخيل
إليَّ انه قرأ ما كتبه شنب فقال:
‘من أي كهف في التاريخ جاء هؤلاء، من العيب أن نحسبهم مصريين، حتى لو كانوا يتمتعون
بالانتساب الى هذا البلد الآمن، هل قتل الآمنين بطولة؟! هل استهداف الذين يؤدون
عملهم يعتبر جهاداً؟
أنت لا تعرف ماذا يريدون، الإنسان البدائي كان يعرف، عدوك الذي هو عدوك لم يفكر
مثلهم، هل تدمير التراث الإسلامي في باب الخلق سيساعدهم على تحقيق حلم الخلافة
الإسلامية؟
هل أدوا صلاة الفجر قبل أن يتركوا الدمار في الشارع؟ المؤكد أن الشيطان الكبير يشرف
بنفسه على ترويع المؤمنين بالله وقدره في مصر’.
الإرهاب وحّد المصريين
وثالث وآخر معركة سريعة، ستكون من جريدة ‘روزاليوسف’ في اليوم ذاته أيضا وصاحبها هو
المستشار الدكتور محمد الدمرداش نائب رئيس مجلس الدولة وابن صديقنا المستشار
الدمرداش العقال، قال:
‘هذه الموجة من الإرهاب ليست الأولى، لكنها باليقين لها طابع دموي عسى أن نحسبه شرا
وفيه كل الخير، أول الخير فيها انها ألفت قلوب المصريين وجيشهم وشرطتها، ولو أنفقنا
مال الأرض ما وصلنا لحالة التكاتف بيننا كما نعيشها اليوم، ثاني ثمار الخير نفور
المصريين من جماعة الإخوان وكل المتأسلمين الذين جعلوا الدين مطية لأهوائهم
ومطامعهم في التسلط على البلاد والعباد، وبعد ان كان كثير من المصريين يتعاطفون مع
الجماعة، يصوتون لهم في انتخابات البرلمان ثم الرئاسة، اتسعت الهوة بين مصر
والجماعة بصورة لا يمكن ان تجبر، تهدمت جسور الثقة فوق رؤوس التنظيم’.
روح الثورة التي غابت
ومن ‘روزاليوسف’ الى جريدة ‘الشروق’ والكاتب فهمي هويدي الذي يتحدث لنا عن روح
الثورة التي غابت يقول:’ لو أن عابرا أطل على مصر يوم السبت لظن أنها تحتفل بعودة
نظام مبارك، أكثر من احتفالها بذكرى 25 كانون الثاني/يناير. ذلك أن المؤيدين سلطت
عليهم كل الأضواء حين احتشدوا في ميدان التحرير. أما المعارضون فقد توزعت أعدادهم
بين أقسام الشرطة وأقسام الطوارئ في المستشفيات، والأولون تصدروا الفضاء
التلفزيونى، في حين أن الأخيرين لم نسمع أصواتهم إلا من خلال الفضاء الإلكتروني.
الأولون قضوا يومهم وهم مؤَمَّنون ومحروسون، حيث ظلوا يهتفون ويرددون الأغاني
والزغاريد، ثم عادوا إلى بيوتهم مبتهجين. أما الآخرون فقد أمضوا يومهم ملاحقين
ومطاردين، حيث ظلوا يركضون في الشوارع ويتجنبون الكمائن وطلقات الخرطوش، وأنهوه
موزعين بين عربات الشرطة وأقسام الطوارئ في المستشفيات وبعضهم انتهى جثثا ملفوفة في
ثلاجة المشرحة.
المعارضون الذين تظاهروا يوم السبت انضمت إليهم فئات من نوعية مختلفة. هكذا دلت
عليهم مواقع التواصل الاجتماعي التي ظلت تتابعهم إلى ما بعد منتصف الليل. كانوا من
جنس الذين احتضنهم ميدان التحرير قبل ثلاث سنوات، الذين اكتشفوا أن الميدان أغلق في
وجوههم ورحب بآخرين احتضنتهم الشرطة والجيش. أمس بخلت عليهم صحف الصباح بأوصافهم
الحقيقية، ونقلت عن بيانات الداخلية وصفهم بأنهم ‘مثيرو الشغب’. متظاهرو الإخوان
كانوا مهجوسين بجراحهم، أما تلك المجموعات الجديدة فقد خرجت تبحث عن الثورة أو ما
تبقى منها.
الذى حدث قبل الاستفتاء على الدستور تكرر هذه المرة، حين انفتحت كل الآفاق للمؤيدين
والمهللين أما الذين أرادوا أن يرفعوا أصواتهم ويقولوا لا فقد منعت ملصقاتهم. ومنهم
من تم اقتياده إلى أقسام الشرطة تأديبا له وتهذيبا……’
ويواصل الكاتب مقترحا تجنب ما جرى بالقول: ‘كان يمكن للحكومة أن تتجنب الفضيحة لو
أنها تصرفت على نحو آخر أكثر تسامحا وسعة في الصدر. لو أنها مثلا سمحت للمؤيدين
والمعارضين بأن يعلنوا مواقفهم وأن تشترط عليهم فقط أن يخرجوا في مسيرات سلمية،
وألا يقترب كل منهما من الآخر. وفي هذه الحالة ستعرف حجم كل طرف، وسيطمئن كل من
يهمه الأمر إلى أن مؤيدى السيسي أكثر من معارضيه. في الوقت ذاته فإن الصورة المسيئة
التي شاهدها القاصي والداني سوف تحل محلها صورة أخرى أكثر احتراما وإشراقا. لكنني
أخشى أن يكون ما جرى عودة إلى الطبع القديم. وخشيتي الكبرى أن يكون الأداء الأمني
في 25 كانون الثاني/يناير نموذجا للسياسة المتبعة في العام الجديد في ظل النظام
الجديد. الأمر الذى يعني أننا ‘نتقدم’ بسرعة إلى الوراء، بقدر ما يعنى أن نظام
مبارك أثبت حضوره وأن روح الثورة على نظامه كانت الغائب الأكبر في المناسبة’.
لن تنفع الوطن
الاتهامات المتبادلة
ونبقى في ‘الشروق’ وعدد اليوم نفسه ومع الكاتب عمرو حمزاوي الذي يرى ان الكراهية لا
تصنع وطنا:’ أزعم أن الدور الأهم اليوم لكل صاحب قلم قد يصدق وكل صاحب صوت قد يستمع
إليه هو الاجتهاد للبحث عن حلول فعلية للحظة الخطر الراهنة التي تمر بها مصر.
لن ننفع الوطن بالاتهامات المتبادلة، ولن نساعده بالترويج لمقولات الكراهية
والمشاعر الانتقامية، ولن نرتقي إلى مستوى الفعل المسؤول إن اكتفينا بالإشارة إلى
سابق تنبيهنا إلى أن الحلول الأمنية بمفردها لن تخلصنا من الإرهاب، وإلى أن الظلم
يولد العنف وإلى أن انتهاكات حقوق الإنسان تتناقض مع عدل الدولة وتماسك المجتمع. لن
نحمي حق المصريات والمصريين في الحياة وفي احترام كرامتهم الإنسانية إن نحن وظفنا
المعايير المزدوجة حين تناول الظواهر السلبية التي باتت تغلف مجتمعنا وتهددنا
وجوديا، فإدانة الإرهاب وجنون العنف وجوبية شأنها شأن إدانة انتهاكات الحقوق
والحريات التي تتورط بها الأجهزة الأمنية وتسقط أيضا ضحايا وتنزع الإنسانية عن
الوطن.
أزعم أن مصر اليوم تحتاج إلى تضامن الجميع وشجاعة الجميع للاضطلاع بنقد ذاتي ضروري
وإعادة حسابات واجبة ووضع اليد بوضوح ـ من دون تزييف للوعي يمارسه هنا وهناك من
يدعون احتكار الحقيقة المطلقة ـ على جذور وأسباب الظواهر السلبية التي نعاني منها
وعلى الحلول الممكنة…
دعونا نتضامن جميعا مع الدولة ومؤسساتها وهي تدافع عن الوطن ونطالبها بأن تلتزم
بالقانون وبضمانات الحقوق والحريات وتمتنع عن القمع لكي لا يزج بمصر إلى أتون وضعية
عدم استقرار طويلة المدى. دعونا نتضامن جميعا وندعو كافة القوى والأطراف المجتمعية
والسياسية، طالما لم تتورط في الإرهاب أو العنف أو المساعدة عليهما وتلتزم بالسلمية
الكاملة وبغض النظر عن مواقفها تأييدا أو رفضا لترتيبات الحكم، إلى المشاركة في
تجاوز مصر للحظة الخطر الراهنة وظواهرها السلبية. دعونا نتضامن جميعا وندعو إلى
محاسبة عادلة وناجزة لكل من تورط في الإرهاب والعنف أو انتهاكات حقوق الإنسان،
ونشرع في ذات الآن أبواب المجتمع والسياسة على مشاركة الجميع في إطار السلمية
واحترام القانون والانتصار للوطن ولأمل الناس في دولة عادلة وديمقراطية ومجتمع
متوازن ومتصالح مع ذاته. دعونا نتضامن جميعا لكي نقارب بين المصريات والمصريين وبين
صالحهم العام المتمثل في السلم الأهلي والعدل والتنمية المستدامة وضمانات الحقوق
والحريات وتكافؤ الفرص، وبمعية كل ذلك الحق المقدس في الحياة وفي الوطن الذي نفخر
بالانتماء إليه. في القلب ألم عام على أوضاع مصر وألم شخصي أقاوم دفعهما المستمر لي
إلى خانات اليأس والإحباط والعزوف، وأزعم أن ذات المشاعر والهواجس والأفكار تسيطر،
وإن بصور مختلفة على المصريات والمصريين جميعا. دعونا نتضامن ونتماسك لنتجاوزها
ونعبر بمصر لحظة الراهنة، فهذه مسؤولية الجميع′.
تحقيق العدالة الاجتماعية
الشعار الأهم للثورة
اما زميله عمرو خفاجي، وفي عدد اليوم نفسه، فيأخذنا الى موضوع الاقتصاد، وكيف ان
اسقاط نظام حكم يتبعه بالضرورة اضطراب اقتصادي يقول:’ لا أعرف لماذا يندهش
الكثيرون، من سوء الأوضاع الاقتصادية التي صاحبت ثورة يناير، رغم أن الجميع يعرف أن
أي ثورة حقيقية يعقبها بالضرورة اضطراب اقتصادي، لسبب في غاية البساطة، وهو انهيار
النظام الحاكم، وضرب الاستقرار الذي كان حاضنا لعمليات الإنتاج وراعيا للنمو
الاقتصادي، أما الذي يجب أن نندهش له حقا، في المجال الاقتصادي، فهو عدم رغبة كل من
ملك زمام الأمور لبعض الوقت، في اتخاذ خطوات جادة نحو البدء في تحقيق العدالة
الاجتماعية الذي كان الشعار الأهم للثورة، خاصة أن تحقيق العدالة الاجتماعية
سيستغرق مدى زمنيا طويلا، ومبعث الدهشة، أن كافة أصحاب القرار، يدركون جيدا مدى
الظلم الواقع في توزيع الثروات على فئات المجتمع المختلفة، ويكفي أن نشير إلى أنه
عشية ثورة كانون الثاني/يناير كانت معدلات النمو قد بلغت أقصاها في مصر، إذ ربما
كانت قد تجاوزت 7.8′ وهي نسبة هائلة، لكن ثمار هذا النمو لم تعرف أبدا طريق
الفقراء، بل على العكس تماما، ربما كانت أحد أهم أسباب ازدياد معدل الفقر في
البلاد، وبالتالي كان الظلم الاقتصادي ـ الاجتماعي أحد أهم عوامل مشاركة الشعب
الواسعة في احتجاجات يناير 2011، والمضي بها إلى طريق الثورة الشعبية الحقيقية.
في ذات الوقت، ونحن نحاول تقييم السنوات الثلاث الماضية، من زوايا الاقتصاد والأمان
الاجتماعي، نكتشف بسهولة أن الأوضاع لم تتدهور كثيرا، ومعظمها في حدود الأمان،
باستثناء أمرين كلاهما يشكل خطرا حقيقيا على الوضع العام، الأمر الأول هو ازدياد
معدلات الدين الداخلي إلى درجة تقترب من الخطورة، والأمر الثاني وهو الأهم، ارتفاع
نسبة البطالة لأكثر من 13′ وذلك مصدر خطر لسببين الأول: ان هذه النسب تزداد بسهولة
سنويا بازدياد أعداد المنضمين لسوق العمل بدون ان يجدوا وظيفة، والتقديرات تشير إلى
انضمام ما يقرب من 800 ألف شابة وشاب سنويا لسوق العمل وهو رقم ضخم ويحتاج للكثير
من المشروعات العملاقة لاستيعابهم، والسبب الثاني وهو الأخطر، أن نسبة البطالة
خادعة إلى حد كبير، فإذا فتشنا عن هذه النسبة بين الفئات الشابة حتى سن السابعة
والثلاثين، الذين يمثلون نصف تعداد السكان تقريبا، سنجد ان هذه النسبة تصل إلى 37′
وفقا لتقديرات الدكتورة هالة السعيد عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة
القاهرة، وهي كما تصفها نسبة أقرب إلى القنابل الجاهزة للانفجار في أي لحظة إذا لم
يتم التعامل معها بالجدية اللازمة. ورغم كل ذلك، تبقى كافة المقارنات ظالمة بين
الأوضاع قبل الثورة وبعدها، فليس صحيحا أن الأوضاع كانت عادلة وعظيمة لانها لو كانت
كذلك ما كانت الثورة قد قامت من الأساس، وأيضا كافة الأرقام التي يطرحها البعض عن
اقتصاد ما قبل الثورة لا تحمل أي دلالات جادة عن مستوى حياة غالبية المصريين، حيث
كانت الأرقام داعمة فقط لفئة هامشية صغيرة العدد فى قمة الهرم وتركت بقية الشعب لا
يجد قوته يومه بالفعل، وانتشرت جمعيات البر مثل بنك الطعام ومصر الخير، التي إذ
تعكس رحمة قطاعات كبيرة من أبناء المجتمع بالقطاعات المحتاجة، فإنها في ذات الوقت
تكشف عجز الدولة وماكينتها الاقتصادية عن تلبية الاحتياجات الإجبارية للمواطنين،
لذا يبقى من غير الإنصاف إلصاق تهمة التدهور الاقتصادي الحاصل الآن بالثورة،
فالثورات تصنع الأمل وتغير الواقع السيئ.. ومن يريد أن يبحث عن الجاني فلديه من
الساسة ما يكفى للاشتباه وتوجيه التهم’.
‘الأيدي المرتعشة’
لا تصلح لإدارة الدولة
واخيرا ننتقل الى جريدة ‘المصريون’ وطريق السيسي المخيف الى الرئاسة الذي يكتب عنه
رئيس تحريرها جمال سلطان قائلا:’ دخلنا في الجد، والفريق السيسي في طريقه لإعلان
ترشحه لرئاسة الجمهورية بعد الأنباء المتواترة حتى هذه اللحظة عن قبول المجلس
العسكري لاستقالته تمهيدا لترشحه للرئاسة، وهذا هو الصواب في وصف ما حدث، لأنه لا
يوجد في القانون المصري ولا العسكرية المصرية شيء اسمه ‘تفويض’، فهذا كلام مصاطب
ولا صلة له بالدولة الحديثة، هناك قبول للاستقالة، لأنها الشرط القانوني لترشحه
للرئاسة أو حتى البرلمان، لم تكن الخطوة مفاجئة للكثيرين، لأن غالبية التقديرات
كانت تذهب إلى أن الفريق السيسي عازم على الترشح، والتسريبات التي تم تداولها كشفت
عن أن توليه للمنصب كان حلما يداعب خياله من سنوات بعيدة، والسيسي فيه مسحة صوفية
واضحة، لا تنفي حساباته الدقيقة والصارمة كقيادة استخباراتية وعسكرية، وأنا أتحير
كثيرا في فهم صلة التصوف بالاستخبارات لأن هذه التركيبة تكررت في مصر ودول أخرى
بشكل لافت، وأعتقد أن هذا الدافع هو الأقوى في إصراره على خوض مغامرة رئاسة
الجمهورية في تلك الظروف القاسية وشديدة الصعوبة، لأن الحسابات السياسية والعقلانية
بكاملها كانت تستدعي منه الإحجام وتأجيل الخطوة على الأقل الى الدورة الرئاسية
الجديدة، ومكانه ـ هو والمؤسسة الصلبة ـ وهو يدير الدولة من وراء الكواليس يخفف عنه
مسؤوليات جسيمة، ويحمي صورته كمنقذ وضامن وحام للدولة، من دون أن يتحمل أي مسؤولية
شعبية أو دستورية عن أي انتكاسات سياسية أو أمنية أو اقتصادية أو اجتماعية أو
غيرها، تلك حسابات السياسة الحقيقية والمنطقية، ولكن حسابات ‘الحلم’ هي التي حسمت
الأمر ودفعت به إلى هذا المسار المغامر والمحفوف بالمخاطر.
الجموع التي طالبت بترشح الفريق كانت تتحدث بحماسة وانفعال زائد عن أن ‘الأيدي
المرتعشة’ لا تصلح لإدارة الدولة، وبالتالي لا بد من الإطاحة بأمثال عدلي والببلاوي
والمجيء بالرجل القوي أو ‘الدكر’ حسب التعبير الشعبي الممجوج، ورغم أن هذه الأيدي
كانت أياديه هو وأجهزته بالمقام الأول، أما واجهة المستشار عدلي أو الدكتور
الببلاوي فكانت جهة تنفيذية للسياسات والإجراءات، الكل يعلم ذلك، ورغم أن الأيدي
‘المرتعشة’ نتج عنها عدة آلاف من القتلى من المواطنين بالرصاص الحي وبالمدرعات
والطائرات في احتجاجات الشوارع وعشرات الآلاف من الجرحى وعشرات الآلاف من
المعتقلين، فإذا كانت هذه أيدي مرتعشة، فهل ينتظر المتحمسون للفريق أن يقتل خمسين
ألف أو مئة ألف مواطن، حتى يثبت لهم أن يده ليست مرتعشة، وهل سيكون الفريق السيسي
تحت ضغط هذه الهلاوس وهو يمارس صلاحياته مباشرة كرئيس مسؤول، وجها لوجه، إذا اندفع
في ذلك فسنكون في طريق السيناريو السوري حتما، وإذا تمسك بالعقل السياسي والتوازن
فسوف يتهم بأنه صاحب يد مرتعشة وهو ما يجعل مجاذيبه يتآكلون تدريجيا…
هي مغامرة بكل تأكيد، سواء للسيسي كشخص، أو للمؤسسة العسكرية ككيان، أو للوطن كله
وهو يحلم بالخروج من هذا الكابوس الذي يعيش فيه من 3 تموز/يوليو وحتى الآن’. .
مصر مقبلة على شهور حاسمة
اما الكاتب حسام فتحي فيتنبأ لنا في عدد اليوم نفسه من ‘المصريون’ بان مصر مقدمة
على اشهر صعبة وحاسمة:’ مصر مقبلة على شهور حاسمة تحدد مستقبل أكبر دولة عربية،
وأكبر عدد سكان في المنطقة، وهي بحاجة أن ‘يركز′ كل ابنائها المخلصين لانتشالها من
كبوتها، وإقالتها من عثرتها، ورسم خطط انطلاقتها وإعادتها إلى المسار الصحيح لتعويض
ما فاتها. وأصبح واضحاً أن هناك قوى داخلية لا يستهان بها، تؤيدها وتعضدها وتؤازرها
وتمدها بالمال والسلاح دول غنية، وأنظمة سياسية قوية، لا يحقق مصالحها أن تتقدم
مصر.
والمعركة بين المصريين المخلصين وكل هؤلاء تتصاعد حتى تحولت إلى حرب حقيقية في
الداخل والخارج، تصل إلى إطلاق الصواريخ على طائراتنا في سيناء، وتفجير مديرية أمن
القاهرة، ومحاولات اغتيال، ثم انتقلت في الخارج مع اختطاف الدبلوماسيين المصريين
أعضاء بعثتنا في ليبيا ثم الإفراج عنهم، وفي خضم عدم الاستقرار الداخلي والحرب
الدائرة، يحاول البعض ان ‘يجر’ مصر الى ‘معارك جانبية’ مع كل القوى التي لا تريد
خيرا لمصر لأسباب سياسية واقتصادية وربما ‘نفسية’ ايضا تتعلق بمشاكل الاقزام مع
العمالقة.. او ‘التاريخ’ الذي يثير احقاد من لا تاريخ له، او له تاريخ ‘اسود’ لا
يشرف!
المهم ان نتيقظ جيدا لمحاولات التشتيت التي نتعرض لها، والمعارك الجانبية التي
يريدون استدراجنا لخوضها في زمان ومكان واسلوب لا يناسبنا ولا يتواءم مع ظروفنا
التي نمر بها.. فلا تدعو السفهاء يفسدون مجهودات الشباب، أو يشتتون جهودهم.. ولا
تجعلوا دماء الشهداء تذهب هباء بسبب صراعات السلطة والسيطرة…’.
القدس العربي
Navigate through the articles | |
موريتانيا تصل حاضرها بماضيها وتستعيد مكانتها بجدارة | العاصمة نواكشوط تغرق في الزحمة..ولا أمل في انفراج قريب |
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع
|